مانشيت "الجمهورية": طار "الكابيتال".. والتهويل بـ"الصندوق" لن يُفيد .. والتفاؤل بالتأليف يتراجع
مانشيت "الجمهورية": طار "الكابيتال".. والتهويل بـ"الصندوق" لن يُفيد .. والتفاؤل بالتأليف يتراجع
Wednesday, 31-Aug-2022 06:26

حسناً فعلت اللجان النيابية المشتركة بقرارها وقف البحث في مشروع قانون «الكابيتال كونترول» لِما ينطوي عليه في صيغته المطروحة من أفخاخ تعوّم المصارف وكل من يقف خلفها على حساب المودعين، ولن يفيد البعض «التهويل بالويل والثبور وعظائم الامور» من انّ عدم اقراره سيمنع توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وذلك لأنّ مكمن الداء والدواء كان ولا يزال هو الدولة ومصرف لبنان والمصارف، هذا الثالوت الذي تصرّف بأموال المودعين بغير حق واضاع جنى اعمارهم، ولم يكتف بهذه الودائع فقط، بل يعمل لحل الازمة على حساب المودعين وعبر السطو على رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص بواسطة الـ«هيركات» المقنّع عليها يومياً وفي نهاية كل شهر بلا اي رادع او مانع.

 

واذا كانت خلفيات العاملين في الداخل والخارج على إقرار «الكابيتال كونترول» بصيغة لصوصية معروفة بأبعادها السياسية وغاياتها، فإنّ هذا القانون لن يقرّ الا في حالة ضمان الودائع لأصحابها بنحو لا لبس فيه، ولكن حتى الآن فإنّ كل الصيغ المطروحة تمنع المودعين من ملاحقة المصارف والدولة ومصرف لبنان قضائياً اذا لم يردوا لهم ودائعهم، علماً انّ البعض يعتبر ان إخفاء او «تطيير» الودائع يندر ضمن الحصار الذي تفرضه الجهات الخارجية على لبنان بغية تجيير الاستحقاقات الداخلية لمصلحتها من تأليف الحكومة الى ترسيم الحدود البحرية وصولاً الى الاستحقاق الرئاسي الذي تدخل البلاد بدءاً من منتصف ليل اليوم في مهلة الستين يوماً الدستورية لإنجازه.

بَدا من المواقف والاجواء السياسية التي سادت امس انّ منسوب التفاؤل بإمكانية ولادة حكومة جديدة بدأ يتراجع على رغم من المحاولات التي قادها كل فريق من موقعه، بحيث لم يتزحزح احد من أطراف التأليف الحكومي عن مطالبه وتصوره لطبيعة الحكومة الجديدة، حتى انّ ملاقاة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لدعوة رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الى تعويم الحكومة الحالية مرّرها تحت ستار تصعيد عنيف ضد الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، ما يعني عملياً ان هذا الطرح، وفق أجندة باسيل، غير قابل للتطبيق.

 

وقالت مصادر سياسية مطلعة على ملف التأليف لـ«الجمهورية» انّ بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية جديد غداً ستشكّل ذريعة لجميع الاطراف للتراجع عن الملف الحكومي لمصلحة تقدّم الملف الرئاسي على مدى الاسابيع المقبلة.

 

وأضافت هذه المصادر انه «حتى المقاربة الرئاسية لسحب التكليف من ميقاتي تشهد تبايناً وخلافاً بين المحيطين برئيس الجمهورية وبالتحديد بين باسيل المروّج لهذا الطرح وبين المستشار الرئاسي الوزير السابق سليم جريصاتي الذي يرى ان لا امكانية دستورية لذلك. ويُقابل ذلك استشارات دستورية لدى رئيس الحكومة تعزّز الرأي الدستوري القائل انّ الحكومة الحالية يمكنها تولّي صلاحيات رئيس الجمهورية في حال الشغورالرئاسي بغضّ النظر عن كونها حكومة تصريف اعمال. وتستبعد المصادر ان يحقق اللقاء الخامس، ان حصل، بين عون وميقاتي تقدماً في عملية التأليف وهو لن يتعدى اطار التشاور فقط لا غير.

 

إستحقاق وعجز

 

وقد بقيت المساعي المبذولة لتشكيل الحكومة متعثرة من دون أفق على رغم من حجم الاتصالات الجارية والمشاريع المطروحة. وفي الوقت الذي تردّد انّ ميقاتي قد يزور القصر الجمهوري لعقد اللقاء الخامس مع رئيس الجمهورية ميشال عون، كشفت مصادر معنية في دوائر بعبدا لـ«الجمهورية» انه ليس هناك اي موعد بعد لمِثل هذا اللقاء حتى ساعة متأخرة من ليل أمس. وقالت: إن اي لقاء من هذا النوع، اذا انتهت الاتصالات الى ضرورة عقده، فإنّ تحديد موعده لن يكلّف سوى اتصال يجريه رئيس الحكومة بالقصرالجمهوري او العكس، لكنّ هذا الاتصال لم يحصل بعد من اي طرف.

 

ميقاتي متفائل

 

وفي انتظار اي لقاء جديد بين عون وميقاتي، بعد اللقاء الأخير بين ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري لمناقشة بعض المخارج المطروحة للعُقَد الحكومية، نقل عن ميقاتي في دردشة مع مجموعة من الاعلاميين قوله انه لم يمانع ان يسمّي الرئيس عون البديلين من وزيري الاقتصاد والمهجرين «في اعتبارهما من حصته». ولكنه أشار الى ملاحظتين، هما: «ضرورة الحصول على ثقة نواب عكار السنّة، وموافقة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بعد عملية التبديل».

 

ووصف ميقاتي هاتين الخطوتين بأنهما «ضروريتان لتأمين الثقة النيابية» المطلوبة للحكومة العتيدة. وبعدما أبدى تفاؤلاً بإمكان تشكيل حكومة جديدة لفت الى «أن الأهم هو انتخاب رئيس للجمهورية». وأكد أن «اولويتنا العمل على إنقاذ البلد وتشكيل الحكومة، اما الجدال والسجال فله هُواته وليقولوا ما يشاؤون فالحقائق واضحة والدستور واضح».

 

مخاطر تتجاوز القانون

 

منذ ان أُعلن أمس عن تجميد البحث في قانون الكابيتال كونترول في اللجان النيابية المشتركة، والطلب الى الحكومة إرسال خطة التعافي مع مشروع القانون لمناقشته، اعتبر المراقبون ان الكابيتال كونترول طار. لكن المشكلة في الواقع تتجاوز مسألة القانون، وهي تؤشر الى مخاطر حقيقية قد تؤدي عملياً الى عدم الوصول الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وبالتالي، مواجهة الكارثة التي تزحف تدريجاً وتزداد عمقاً يوماً بعد يوم.

 

وفي هذا السياق، يقول خبير اقتصادي لـ«الجمهورية» انّ ما طلبته اللجان المشتركة امس يوحي بأنّ الاتفاق مع صندوق النقد اصبح بعيد المنال، وفقاً للحقائق التالية:

 

اولاً - انّ الربط بين خطة التعافي وقانون الكابيتال كونترول، وعلى عكس معظم الاجراءات الاخرى، هو في غير محله. والدول التي تقرّ الكابيتال كونترول لا تنتظر ابداً إنجاز خطة التعافي لكي تقرّه، بل انه اجراء مستقل يعتبر بمثابة اجراء احترازي وتنظيمي يسبق تنفيذ خطط الانقاذ.

 

ثانياً - ان اللجان النيابية تعرف ان خطة التعافي التي تم الاتفاق في شأنها مع صندوق النقد الدولي ستخضع لتغييرات تُمليها المواقف الجديدة التي اعلنها رئيس حكومة تصريف الاعمال في كلمته في المجلس النيابي. وقد وعد ميقاتي يومها باستكمال ترجمة الافكار التي اعلن عنها، ودمجها في خطة التعافي بما يعني انّ الخطة ستأخذ المزيد من الوقت، خصوصاً انه ينبغي ان تتم مناقشتها مع صندوق النقد من جديد.

 

ثالثا - من خلال المواقف والافكار التي سبقت جلسة اللجان امس، سواء من قبل النواب او من قبل جهات اخرى، توحي أنّ الخلافات لا تزال عميقة بين كل الاطراف، ولا تزال الشعبوية متحكّمة بالقرارات والمواقف.

 

في الخلاصة، يبدو ان جلسة امس ستكون الخطوة الاولى نحو إسقاط الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وسيكون البلد في مواجهة مصيره المجهول.

 

النكد السياسي

 

الى ذلك، ابلغت اوساط مطلعة الى «الجمهورية» انّ «خطورة التهرّب من إقرار مشروع الكابيتال كونترول تكمن في انعكاسه السلبي على مسعى إنجاز الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي»، مشيرة الى «انّ الصندوق لن يبرم مثل هذا الاتفاق مع لبنان بلا اعتماد قانون «الكابيتال الكونترول»، لأنّ من دونه يخشى على مصير الأموال التي سيخصّصها للبنان، إذ انها ستدخل من الباب لكنها قد تخرج من الشباك في ظل عدم وجود قيود على التحويلات».

 

واشارت هذه الاوساط الى انّ «محتوى صيغة الكابيتال كونترول كان يتحمّل التعديل في بعض بنوده خلال مناقشته في اجتماع اللجان النيابية المشتركة ليحقق حماية اكبر لحقوق المودعين، لكنّ المشكلة الحقيقية ليست تقنية بل سياسية».

 

واكدت «ان بعض الجهات انطلقت في معارضتها لمشروع الكابيتال كونترول من قاعدة رفضها مبدأ إقراره في عهد الرئيس ميشال عون، حتى لا يُحسب هذا الإنجاز له في نهاية ولايته الرئاسية».

 

ولفتت الاوساط الى «ان ما حصل في مجلس النواب امس يؤشّر إلى ان لا اتفاق مع صندوق النقد حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو انتخاب من المُستبعد ان يتم ضمن المهلة الدستورية، الأمر الذي يعني انّ تضييع الوقت الثمين مستمر وان النكد السياسي لا يزال يتكفّل بتضييع الفرصة تلو الأخرى».

 

تعليق البحث

 

وكان نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب قد قال بعد جلسة اللجان النيابية المشتركة أمس: «إرتأينا في المجلس النيابي وفي اللجان المشتركة ان نعلّق اليوم المناقشات بالكابيتال كونترول وبمشروع القانون الوارد من الحكومة، والطلب اليها إرسال خطة تَعاف اقتصادية نقدية مالية وكل القوانين المرتبطة بها رزمة واحدة، مع الاستعداد الكامل للمجلس لمناقشتها واقرارها ولو عقدنا جلسات ماراتونية قبل الظهر وبعده».

 

وفي السياق قال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض: «على رغم من مضي 3 سنوات، فإنه حتى اللحظة لم يقر «الكابيتال كونترول. إنّ تباطؤ الحكومة غير مقبول سواء في خطة التعافي او من حيث تحويل التشريعات المطلوبة المتصلة بالخطة، لكن في ظل ذلك الكابيتال كونترول لم يقرّ ويتم تأجيله ومن يدفع الثمن الحقيقي هو المودع». وأضاف: «ناقشنا الموضوع في السابق ونناقشه اليوم من زاويتين: زاوية حماية اموال المودعين، وزاوية وقف الاستنسابية التي تمارسها البنوك في عملية التحويل من الداخل الى الخارج. فيما يتعلق بالسحوبات لتحصيل المودعين على ودائعهم من البنوك، الحكومة مطالبة بأن تُحيل في اسرع وقت ممكن خطة التعافي بنسختها الاخيرة، وتُحيل ايضا ما تبقى من تشريعات وتحديدا التشريع الرابع المتعلق بإعادة هيكلة المصارف حتى ننتقل الى مناقشة الكابيتال كونترول».

 

سعد

 

امّا رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب اسامة سعد، فاعتبر انّ «الاسباب الموجبة لقانون الكابيتال كونترول تُدين الحكومة صاحبة المشروع، كما ان هذا القانون بصيغته المعروضة يحصّن المصارف وحُماتها من السياسيين». واكد ان «لا قيمة لأي قانون لا يحاسب مرتكب، ولا يؤمّن عدالة، ولا يستعيد حقوق، ولا يؤسس لاستقرار».

 

وقال: «لا بد من ربط إقرار الكابيتال كونترول بخطة التعافي الاقتصادي والمالي، ومع إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وتحديد أدوار اقتصادية جديدة للقطاع المصرفي. والواضح انّ الحكومة ليست في هذا الوارد».

 

دعوة سعودية

 

في غضون ذلك قال وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال القاضي بسام مولوي، بعد استقباله سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري: «نحن ملتزمون منع اي تعرض او اذى من اي نوع كان يلحق بإخوتنا العرب وبالمملكة العربية السعودية ودول الخليج وبكل المجتمعات التي هي مجتمعاتنا، ونحرص على الأمن والامان في اطار رؤية موحدة لأمن عريي مشترك».

 

من جهته، قال بخاري: «اود ان اؤكد ان الجهود الديبلوماسية المبذولة تهدف الى تأمين شبكة امان دولية مُستدامة في مواجهة التحديات والمخاطر التي تهدد امن لبنان واستقراره ووحدته»، ونبّه من «خطورة وتداعيات السياسات العدائية التي تنطلق من لبنان تجاه المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، والتي تتنافى كلياً مع القيم والمبادىء الاخلاقية والاعراف الدولية».

 

وأضاف: «أود ان أتوجّه الى الحكومة اللبنانية لترجمة الالتزامات السياسية الى واقع ملموس والقيام بكل واجباتها نحو مَنع ووَقف الانشطة السياسية والتحريضية تجاه المملكة العربية السعودية ودول الخليج، والتي تهدد منظومة الامن القومي العربي. وفي هذا الصدد نهيب بالاجهزة الامنية المختصة باستكمال الاجراءات القانونية والامنية اللازمة حيال ما نشره المدعو علي هاشم من تهديدات ارهابية، وضبطه وتسليمه الى السلطات الامنية في المملكة العربية السعودية كونه مطلوباً امنياً لديها، وقد تقدمنا بمذكرة امنية رسمية الى مقام وزارة الخارجية استكمالاً للاجراءات بهذا الصدد».

 

واشار بخاري الى جهود المملكة العربية السعودية في مجال مكافحة آفة المخدرات وقال: «تجاوَزَ اجمالي ما تم ضبطه من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية من قبل مهرّبي المخدرات التي كان مصدرها الجمهورية اللبنانية، او تمّ عبرها، 700 مليون حبة مخدر ومئات الكيلوات من الحشيش المخدر خلال السنوات الثماني الماضية، اي منذ العام 2015». ودعا «السلطات اللبنانية الى مزيد من تعزيز آليات التعاون المشترك في كل المجالات لمكافحة الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية والجرائم المنظمة المرتبطة بها».

 

اسرائيل فجّرت المرفأ

 

من جهة ثانية، وفي ظل توقف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، نقلت صحيفة «ازفستنايا» الروسية عن المسؤول السابق في المخابرات الروسية الجنرال إيغور دراغانوف، قوله في حوار معها: «أؤكد أنّ ميناء بيروت انفجر بصاروخ نووي تكتيكي إسرائيلي».

 

أضاف: «ثم جاءت القوات البحرية الغربية تحت غطاء مساعدات إنسانية (فرنسا وبريطانيا وأميركا) لإخفاء الحقائق العلمية، حيث شكّل الانفجار كارثة إنسانية عالمية يمكن أن تهزّ الكيان الإسرائيلي وتحول دون تحقيق السلام وإبرام معاهدة مع الخليج. وقد غادرت كل السفن الحربية الأجنبية لبنان بعد وصول فريق الخبراء الأميركي (مكتب التحقيقات الفدرالي بالكلاب المدربة)، وسمح له لبنان رسميًا بدخول أراضيه السيادية ليتأكد علميًا نجاح طمس الحقيقة».

 

وقال دراغانوف: «لبنان لم يحاول منذ البداية معرفة الحقيقة. القضاء مُسيّس وعوائل الشهداء أيضاً، وبعدها دخلت الى لبنان قانونياً مئات الملايين من الدولارات تحت غطاء ترميم الميناء ومساعدة العوائل». وأضاف: «الحقيقة أن المال كان تمهيدًا للانتخابات النيابية وإسكات السلطات وعدم التحقيق. أين ذهبت 500 مليون يورو التي أرسلتها فرنسا، على سبيل المثال، إلى الجمعيات غير الحكومية؟».

 

وأكد «انّ المخابرات الروسية متأكدة من أن «حزب الله» ليس لديه أي معدات عسكرية في الميناء أو في أي منشآت أخرى، كما حاولت إسرائيل الترويج، لكنّ الهدف الحقيقي من قصف الميناء هو ضرب أكبر ميناء في شرق المتوسط ​​وإزالته من المنافسة مع ميناء حيفا بشكل نهائي مع نجاح مهمة ضرب القطاع المصرفي اللبناني وإزالته من المنافسة، وما يؤكّد ذلك أنّ فرنسا لم تقدّم بعد طلبًا، كما وعدَ ماكرون، إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإحالة ملف انفجار مرفأ بيروت إلى لجنة تحقيق»، بحسب دراغانوف.

theme::common.loader_icon