مانشيت - إيجابيات الثلثاء تُمحى الاربعاء .. والرئيسان لا يتنازلان
مانشيت - إيجابيات الثلثاء تُمحى الاربعاء .. والرئيسان لا يتنازلان
Thursday, 24-Dec-2020 06:10

كما كان متوقعاً، طارت الهدية الموعودة، والإيجابيات التي بشّرت بولادة الحكومة قبل عيد الميلاد، لم تكن سوى كلام فارغ اثبت بما لا يقبل أدنى شك، بأنّ الملف الحكومي لا يزال أسير لعبة تضييع الوقت، التي رحّلت تأليف الحكومة مبدئياً الى ما بعد رأس السنة. هذا إذا قرّر المشاركون فيها أن يوقفوا فعلاً هذه اللعبة، التي بدا معها تأليف الحكومة بالشروط المتصادمة فيه، وكأنّه تحت وطأة فصل خريفي طويل الأمد، تتساقط فيه اوراق الإيجابيات واحدة تلو الاخرى.

الدخان الأبيض الذي عُوّل على تصاعده بعد لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، خرج من مدخنة القصر الجمهوري رمادياً داكناً، ما مهّدت له الأجواء التي أُشيعت في محاذاة القصر نهاراً، ونعت قبل لقاء الرئيسين، امكانية الوصول الى تفاهم بينهما يُخرج الحكومة الى النور، ناصحة بعدم الإفراط في التفاؤل، لأنّ العِقد الموجودة بين عون والحريري مستعصية، والطرفان متصلّبان ولم يتنازل ايٌ منهما امام الآخر. وهذا ما تأكّد من حركة الاتصالات التي تلت لقاء الرئيسين امس الاول الثلاثاء، وشملت مختلف القوى السياسية المعنية بتأليف الحكومة، والتي عكست ثبات الطرفين على نقاط الخلاف بينهما. كما لم تعكس استعداد اي من الرئيسين على التراجع عن شروطه، التي يعتبرها الحدّ الاقصى الذي يمكن ان يقبل به لتأليف الحكومة.

 

عودة الى الصفر

بحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ لقاء الأمس بين عون والحريري اعاد الامور بينهما الى نقطة الصفر. والأجواء بينهما لم تكن مريحة. فرئاسة الجمهورية اكتفت عبر بيان مقتضب لمكتبها الاعلامي، بالإشارة الى انّ رئيس الجمهورية استقبل الرئيس الحريري واجرى معه جولة جديدة من التشاور في موضوع تشكيل الحكومة الجديدة، ولم يتمّ التوصل خلال اللقاء الى اتفاق نهائي في مسألة التشكيلة الحكومية، وتقرّر الاستمرار في التشاور معه خلال اجتماعات لاحقة.

 

اما الحريري، فأطلق بعد اللقاء مع عون، كلاماً بدا وكأنّه مركّز في اتجاه رئيس الجمهورية، حيث أكّد «أنّ الإسراع في تشكيل حكومة هو الأساس، ونحتاج إلى أشخاص نستفيد منهم لمصلحة البلد». وقال: «يمكن أنّنا نتأخّر في تشكيل الحكومة، وهذا الأمر يشكّل ضغطاً على البلد، ولكن الرئيس ميشال عون وأنا حريصان على تشكيلها»، لافتاً الى أنّه «لا يزال هناك بعض العراقيل في عملية تشكيل الحكومة».

 

واعتبر الحريري، «أنّ إيقاف الانهيار يحتاج إلى حكومة». وقال: «أنا مصرّ على أن تكون حكومة أختصاصيين، ونحن قادرون على وقف الإنهيار ولكن يجب أن نتواضع وأن نفكر في مصلحة البلد، ويجب أن يكون هناك حكومة بعد رأس السنة».

 

وإذ شدّد الحريري على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، لفت قوله: «إن على المسؤولين التفكير بالناس والمواطنين المحتاجين والمتضررين من إنفجار المرفأ، وأن يعلموا أنّ البلد ينهار بشكل سريع».

 

وتوجّه الى المواطنين قائلاً: «ما حدا يخبركن أنو ما فينا نوقف الإنهيار، ولكن نحن نحتاج الى حكومة من إختصاصيين، ولن أتوقف إلّا عند تشكيل الحكومة ويجب إعادة بناء الثقة».

 

بعبدا

على انّ الامور سرعان ما تدحرجت، بعد لقاء الرئيسين عون والحريري، حيث بدأ يتصاعد كلام من المحيط القريب من القصر الجمهوري، يلقي المسؤولية في اتجاه الرئيس المكلّف.

 

وقالت مصادر مطلعة على اجواء التأليف من هذا الجانب: «حقيقة الامر، انّ الرئيس الحريري لا يملك خيارات كثيرة تتيح له توليد الحكومة، كما يريد».

 

واشارت المصادر، الى أنّ الحريري عرض على رئيس الجمهورية في اللقاء بينهما امس الاربعاء، ترك مسألة التأليف الى ما بعد رأس السنة.

 

وفي تحليل المصادر لطلب الحريري هذا، «انّ العامل الخارجي وتحديداً الاميركي، يفرض انتظار تسلّم الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن مهامه في 20 كانون الثاني المقبل. اما بالنسبة الى العامل الداخلي، فلا يبدو انّ هناك ضمانات للحريري بالحصول على دعم ومساعدات مالية، وفي الوقت ذاته مطلوب منه رفع الدعم عن السلع وشدّ الأحزمة، وهو بالتالي يتحسب لهذا الامر وردّة فعل الناس.

 

ولفتت المصادر، انّ الرئيس عون قد شجعه وقال له ما معناه: «لنبحث سوياً بالصيغة والأسماء ونبشّر اللبنانيين بحكومة ينتظرونها على احرّ من الجمر».

 

واعتبرت المصادر، انّ الإصرار على التمسّك بحقائب وزارية معينة وحجبها عن الآخرين، يأتي في سياق تعلية السقوف، لتغطية عدم القدرة على تأليف حكومة. وانّ هناك حالاً من الإحباط والانزعاج في بعبدا لتأخّر عملية التأليف.

 

بيت الوسط

في المقابل، عكست مصادر قيادية في تيار «المستقبل» جواً تشاؤمياً، وتحدثت عن وجود ما سمّتها «هوّة عميقة» ما زالت تمنع ولادة الحكومة. وبحسب المصادر، فإنّ الرئيس المكلّف يقارب ملف التأليف من البداية بإيجابية كاملة، الّا أنّ الاجواء المقابلة ما زالت تتسم بالسلبية، وهو الامر الذي يحول دون التفاهم مع رئيس الجمهورية حتى الآن، ما قد يتطلب مزيداً من الاتصالات.

 

وتشير المصادر، رداً على سؤال، الى «انّ الرئيس المكلّف ثابت على الطروحات التي قدّمها، ويعتبرها بمثابة الركائز الصلبة لحكومة يريدها بحجم المرحلة، وقادرة على تطبيق مهمتها، في وضع المندرجات الإصلاحية والإنقاذية للمبادرة الفرنسية قيد التنفيذ السريع، على خطٍ موازٍ مع خطوات سريعة لإعادة اعمار بيروت، ولن يقبل بالتالي اي شروط من شأنها ان تجعل الحكومة مقيّدة او عاجزة عن القيام بمهمتها».

 

«وطاويط القصر»

في السياق ذاته، اكّدت مصادر «بيت الوسط» لـ«الجمهورية»، انّ «المعلومات التي سُرّبت من قصر بعبدا قبل زيارة الرئيس الحريري، اشاعت مناخاً سلبياً عن نتائج الاجتماع قبل حصوله».

 

ولفتت المصادر، الى «انّ الاجواء الإيجابية التي عكسها الرئيس الحريري كانت بطلب مباشر من الرئيس عون، الذي تمنّى عليه التصريح بوجود ايجابيات يتمّ العمل على استكمالها، غير انّ «وطاويط القصر» تحرّكت ليلاً لتعكير الجو والإعداد لجولة جديدة من التعقيدات، على جري عادتها منذ التكليف».

 

ونبّهت المصادر «الرأي العام اللبناني من محاولات تزوير الحقائق التي يمارسها بعض المحيطين والمستشارين والمتخصصين بفتاوى التعطيل السياسي والدستوري».

 

وقالت، انّ الرئيس الحريري لم ولن يتراجع عن موقفه الذي اعلنه قبل التكليف وبعد التكليف، بوجوب ولادة حكومة من الاختصاصيين، تتصدّى للإصلاحات في القطاعات كافة ووقف الانهيار الاقتصادي والمعيشي. وانّ اي محاولة لفرض حكومة تتسلّل اليها التوجّهات الحزبية لن يُكتب لها النجاح مهما حاولوا الى ذلك سبيلاً.

 

بعبدا تردّ

وأبدت مصادر مطلعة على موقف بعبدا استغرابها لما عممته مصادر «بيت الوسط»، معتبرة انّ ذلك يؤثر سلباً على مسار تشكيل الحكومة.

 

وشدّدت المصادر، على انّ الرئيس عون طرح منذ بداية البحث في موضوع تشكيل الحكومة ضرورة توافر معايير واحدة في التشكيل، في حين انّ التشكيلة التي عرضها الرئيس الحريري لم تكن تتوافر فيها هذه المعايير، لاسيما من خلال التمسّك مثلاً بوزارتي الداخلية والعدل اللتين تتكاملان من حيث الامن والقضاء، ولا يمكن بالتالي تسليمها الى فريق واحد .

 

واضافت المصادر، انّه لا يمكن التصرف في تشكيل الحكومة على قاعدة one man show لأنّ تشكيل الحكومات يخضع لنصوص دستورية توجب الاتفاق بين رئيسي الجمهورية والرئيس المكلّف، لاسيما تلك الواردة في المادة 53 من الدستور .

 

واكّدت المصادر، ان لا وطاويط في قصر بعبدا ولا غرف سوداء، لأنّ رئاسة الجمهورية تعمل علانية وبوضوح وشفافية وعلى الملاء، في حين انّ الغرف السوداء موجودة لخدمة الراغبين في تعكير الاستقرار السياسي في البلاد وعرقلة تشكيل الحكومة واسقاط التوازن الوطني والمعايير الواحدة عنها . وأشارت المصادر، الى انّ الرئيس عون لم يطرح حزبيين كمرشحين للتوزير، بل اقترح اسماء اختصاصيين مستقلين تتوافر فيهم الكفاءة والخبرة لادارة الوزارات التي تُسند اليهم .

 

اللامسؤولية المشتركة!

وتعليقاً على الفشل الجديد في تأليف الحكومة، اعربت مراجع مسؤولة عبر «الجمهورية»، عن احباطها مما سمّتها «اللامسؤولية المشتركة التي يُقارب فيها ملف التأليف، من قِبل المعنيين به. والذين مع الأسف يديرون ظهرهم للبلد وما يعانيه أهله وما يتهدّده من ويلات على كل المستويات». وتعبّر المراجع المسؤولة عن غيظ واضح «من تحويل ملف تأليف الحكومة الى قالب جبنة يريد ان يقتطع «كل واحد منهما» قطعة اكبر من حصة الطرف الآخر، وهذا الأمر لا يبشّر على الاطلاق، خصوصاً وانّ المستغرب هو الإمعان في صمّ الاذان امام الجهود والوساطات التي بُذلت من غير اتجاه، ودفع الرئيسين عون والحريري الى الإفراج عن الحكومة».

 

وخلصت المراجع الى القول: «لو أنّها كانت ستمطر، لأمطرت امس او قبله، فتأليف الحكومة يتمّ في حالة وحيدة وهي التفاهم والاتفاق بين عون والحريري، وهو ما لم يحصل بعد، وبالتالي فإنّ ترحيل الحكومة الى السنة الجديدة امر طبيعي جداً، لكن ما اتوقعه هو ان يكون ترحيلاً الى ما شاء الله. فكما هو واضح من مواقف الطرفين، فإنّ هذا الاتفاق بينهما لن يحصل على الإطلاق لا الآن ولا بعد حين، لأنّ كلاً منهما قد حسم موقفه وقراره بعدم التنازل للآخر، وهذا ما يؤكّدان عليه لكل من يلتقي بهما. في خلاصة الأمر أعان الله البلد، فعندما يسقط في حفرة النكد من الصعب عليه ان يخرج منها بسهولة».

 

نقاط الخلاف

الى ذلك، بحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ نقاط الخلاف الجوهرية بين عون والحريري ما زالت عالقة عند ما يلي:

اولاً، رفض رئيس الجمهورية تقزيم حصّته وحصّة «التيار الوطني الحر» في الحكومة الى حدود دنيا لا تنسجم مع حجم وموقع كليهما. فالحريري يطرح ان توزّع الحصّة المسيحية في الحكومة بين 5 وزراء يسمّيهم عون وفريقه، ووزيران للمردة ووزير للحزب القومي ووزير يسمّيه الحريري. وهذا الموضوع كان بنداً اساسياً في حركة الاتصالات التي توالت في الايام الاخيرة، ولكن من دون التمكن من الوصول الى حل وسط حياله. ما خلا انّها تمكنت من تليين موقف الحريري لناحية قبوله بأن يسمّي رئيس الجمهورية الوزراء المسيحيين، وليس هو.

 

ثانياً، اصرار رئيس الجمهورية على تسمية 7 وزراء مسيحيين في الحكومة يشكّلون الثلث المعطل في الحكومة. مقابل اصرار الرئيس المكلّف على تضمين حصّته في الحكومة وزيراً مسيحياً، وكذلك على رفضه بشكل قاطع منح اي طرف بعينه الثلث المعطل، على اعتبار انّ هذا الثلث بمثابة الإجازة لهذا الطرف بأن يتحكّم بالحكومة كما يريد، ويعدمها ساعة يشاء.

 

ثالثاً، اصرار رئيس الجمهورية على حقيبتي الداخلية والعدل، ذلك انّ هذا الامر سبق ان جرى بتّه مع الحريري في اللقاءات بينهما التي عُرضت فيها مسألة توزيع الحقائب على الاطراف، مقابل عودة الحريري الى التمسك بالداخلية، وعدم إسنادها مع وزارة العدل الى عون وفريقه.(هناك من دعّم موقف الحريري بعدم منحهما لعون وفريقه، بالتخويف من انّ اسنادهما الى عون وفريقه، معناه تحكّمه بالجانبين الامني والقضائي، اضافة الى الجانب العسكري عبر وزارة الدفاع، الامر الذي قد يؤدي الى ترجمة التحّكم بالجوانب الثلاثة، بخطوات لها ابعاد سياسية وغير سياسية ضدّ هذا الطرف او ذاك).

رابعاً، عودة الرئيس ميشال عون الى طرح توسيع الحكومة الى 20 وزيراً، فيما يؤكّد الحريري على حكومة من 18 وزيراً، وهذا ما سبق أن تمّ حسمه نهائياً في لقاءات سابقة مع رئيس الجمهورية.

 

رواية

الى ذلك، تردّدت في اجواء التأليف رواية اخرى، تفيد بأنّ العقدة ما زالت قائمة، من خلال اعتراض رئيس الجمهورية على إبقاء الحقائب الامنية او التي تحظى بالتكامل في ما بينها بيد طرف واحد، في إشارة الى احتفاظ الحريري بحقيبتي العدلية والداخلية من حصته، وسط معلومات عن تسمية القاضي الارثوذكسي زياد ابو حيدر وزيراً للداخلية ولبنى عمر مسقاوي السنّية للعدلية.

 

وبحسب الرواية، فإنّ التوزيعة الجديدة ما زالت مرفوضة من الرئيس عون، الذي يصرّ على واحدة من حقيبتي الداخلية او العدلية، رغم حصوله وفق التشكيلة الجديدة على حقائب الدفاع، الطاقة والاتصالات، بعد سحب التربية التي لم تكن مقبولة منه. مع الاشارة الى انّ عدداً من الأسماء التي كانت مطروحة في تشكيلة 9 كانون الأول قد تبدّلت، وظهرت اسماء اخرى بديلة، ومنها في وزارات التربية والاتصالات والثقافة والإعلام والأشغال.

 

وتشير الرواية، الى انّ وفق المعلومات التي سُرّبت ليلاً، انّ الحريري إستنفد ما لديه من مخارج للعِقَد المتصلة بالحديث عن التوازن في توزيع الحقائب او التصنيف الجديد لها، ما بين امنية واقتصادية وخدماتية، وهو ما يوحي بأنّ هناك من لا يريد للحكومة ان تولد قبل تصفية نوع من الحسابات الخارجية وتنفيذها على الساحة اللبنانية.

 

وتسرّبت معلومات، عن اجتماعات عُقدت ليل امس الاول في بعبدا، بعد اللقاء الرابع عشر بين عون والحريري، شارك فيه مسؤولون من «حزب الله»، تخلّلته اشارات واضحة الى الاعتراض على اعطاء المالية ليوسف خليل، وتحديداً لمن هو في اقرب المواقع الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في المصرف المركزي، وهو ما لم يُطرح حتى اليوم، فبقي البحث في مصير الداخلية والعدلية لتغطية العقدة الشيعية في وزارة المال. علماً انّه كانت هناك محاولة سابقة لاستغلال حقيبة الخارجية، التي اعترض على تسليمها رئيس «التيار الوطني الحر» الى الحزب التقدمي، الذي قيل انّها من حصّته في التوزيعة الأخيرة، وهو سبق لرئيس الحزب وليد جنبلاط ان سجّل اعتراضاً مبدئياً عليها.

 

وانتهت الرواية الى القول، انّه ان لم يتغيّر شيء في ذهنية من يقف وراء طروحات بعبدا، فإنّ 15 لقاء آخر لن تحلّ العِقَد المطروحة، ليس لصعوبتها بل لأنّها تُزرع كالألغام في طريق التأليف.

 

الترسيم: طريق مسدود

من جهة ثانية، لوحظ انّ اعلان وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو عن فشل مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل حتى الآن، وانّ الولايات المتحدة الاميركية مستعدة للمساعدة للتقريب بين الطرفين، كان له تتمة في الاعلام الاسرائيلي، الذي دأب منذ فشل الاجتماع الاخير حول مفاوضات الترسيم على اشاعة انّ هذه المفاوضات التي بدأت قبل نحو شهرين تواجه طريقاً مسدوداً.

وبحسب ما يعكسه الاعلام الاسرائيلي، فإنّ اسرائيل تلقي المسؤولية على لبنان، وتقول «انّ ما اصاب هذه المفاوضات مرده إلى المقاربة المتصلبة للطرف اللبناني، التي تعدّ سلسلة من التناقضات في المواقف التي طرحتها بيروت في السنوات الأخيرة».

 

ويروّج الاعلام الاسرائيلي، «أنّ الاتفاق لا يزال بعيداً»، ويشير الى «أنّ مساحة المنطقة المختلف عليها تبلغ 850 كيلومتراً مربعاً، أي 2 في المئة من مياه (منطقة) إسرائيل الاقتصادية. في هذه المنطقة المثلثة الشكل، خزان غازي يُعنى به اللبنانيون، في حين سبق لإسرائيل أن بدأت قبل سنوات في استغلال مخزونات الغاز التي في منطقتها».

 

وقال: «انّ طريقة الاحتساب التي يستند إليها ترسيم الحدود تبدو معقدة جداً ومعرّفة في مواثيق دولية. المشكلة الأساسية هي غياب حدود برية دولية متفق عليها، فالدولتان، تستندان فقط إلى اتفاقات هدنة العام 1949 وعلى خط رسّمه ضباط بريطانيون وفرنسيون في العام 1923 (خط بوليه ـ نيوكامب) استمراراً لاتفاقات سايكس بيكو. ولكن الضابطين اللذين حدّدا الخط في منطقة الشاطئ وضعا البرميل التأشيري الأخير على بعد 150 متراً شرق المياه، في منطقة هي الآن موقع لسلاح البحرية (الجيش اللبناني) في رأس الناقورة.

 

وبحسب الاعلام الاسرائيلي، فإنّ «هذه الحقيقة تثير حتى الآن نقاشاً على مكان النقطة الثابتة على الشاطئ، مع فجوة تبلغ 30 متراً بين موقف الطرفين»، مضيفاً انّ «مشكلة لبنان أنّ الجمود في المفاوضات يعيق بدء التنقيب عن الغاز، خصوصاً وأنّه وقّع عقوداً مع شركات فرنسية (توتال) وإيطالية (إيني) وروسية (نوفاتيك). هذه الشركات لن تبدأ بالتنقيب طالما لا توافق عليه إسرائيل. هذه هي أيضاً الرسالة التي نُقلت من القدس إلى الشركات المذكورة.

 

وأضاف: «في العام 2007، قام لبنان وقبرص ببلورة اتفاق لترسيم الحدود البحرية الاقتصادية بينهما. لبنان غير ملتزم بالاتفاق بالكامل، لأنّ حكومته لم تصادق عليه بسبب ضغط تركيا. والنقطة التي تقع أقصى الجنوب في الاتفاق بين لبنان وقبرص تُسمّى النقطة رقم 1. وقد أودعت إسرائيل لدى الأمم المتحدة بياناً عن هذه النقطة في العام 2010 وصادقت عليها بقرار حكومي. في السنة نفسها، ومن خلال تجاهل الاتفاق مع قبرص، أودع لبنان خطاً خاصاً به يبدأ في النقطة 23 الأكثر جنوباً. وعندما أقامت إسرائيل مناقصات لمكامن غازية في مياهها الاقتصادية، أخذت في الحسبان الخلاف ولم تتطرق في المناقصات إلى المنطقة الواقعة بين النقاط 1 و23. وفي العام 2013، وأثناء مفاوضات غير مباشرة بين الدولتين، أزاح اللبنانيون طلباتهم بخصوص الخط إلى نقطة أكثر جنوباً، بصورة أضافت لمنطقة الخلاف 1450 كيلومتراً مربعاً أخرى، وطالب بملكية أيضاً على حوالى نصف خزان الغاز الإسرائيلي (كاريش). في الفترة نفسها، عرض الأميركيون اقتراحاً توافقياً تطرق إلى منطقة الخلاف الأصلية، 850 كيلومتراً مربعاً، وأرادوا تقسيمه بصورة متساوية تقريباً، 55 في المئة للبنان و45 في المئة لإسرائيل. فشلت الجهود الأميركية. وعدّدت إسرائيل ما لا يقل عن 7 تغييرات في الخط الذي رسمه اللبنانيون طوال 13 سنة حتى المفاوضات الحالية».

 

وبحسب التقرير الاسرائيلي، فإنّ إسرائيل تجد صعوبة في تفسير الخط المتصلب الذي يعرضه اللبنانيون الآن. أحد التفسيرات هو أنّ لبنان غير معني حقاً بالاتفاق، بل طلب فقط أن يظهر لإدارة دونالد ترامب بأنّه مستعد للتفاوض، كي لا يعرّض نفسه لخطر التشاجر مع الأميركيين. تفسير آخر يزعم أنّ اللبنانيين جاؤوا بأسلوب البازار الشرق أوسطي، الذي يقول «خذ بقدر ما تستطيع»: سنعرض خطاً متشدّداً قدر الإمكان، وفي النهاية سنتنازل بطريقة ما. ربما تكمن أسباب التصلّب في الدينامية الداخلية أمام «حزب الله» الذي اضطر إلى الموافقة على بدء المفاوضات، لكنه غير متحمس تماماً لها الآن. أما إيران فتحافظ على الصمت بصورة مثيرة للاهتمام».

 

واشار التقرير، الى «انّ الاميركيين الغوا جولة مفاوضات خُطط لها في بداية كانون الأول، بعد أن تبين لهم حجم الفجوة بين مواقف الطرفين. الخوف الآن هو أنّه على خلفية تبدّل الإدارات في واشنطن سيتمّ تجميد المحادثات لفترة طويلة، وبالتالي سوف تتضاءل احتمالات حلّ الخلاف بصورة ملحوظة. وانّ اسرائيل تقدّر أنّ هناك إمكانية لربح الطرفين اتفاقاً يخدمهما، لكن احتمال ذلك في هذه الأثناء يبدو أقل مما كان يمكن أن يكون عليه في تشرين الأول الماضي».

theme::common.loader_icon