تأثير الأطعمة فائقة التصنيع على صحة الأمعاء
تأثير الأطعمة فائقة التصنيع على صحة الأمعاء
Monday, 08-Dec-2025 06:32

عند دخول أي سوبرماركت، يطالعك مشهد واسع من المنتجات الجاهزة: حبوب الفطور، الوجبات المجمّدة، اللحوم المعالجة، المشروبات الغازية... كلها تُصنَّف ضمن «الأطعمة فائقة التصنيع». هذه الفئة، التي تعتمد على مكوّنات لا نجدها في المطبخ المنزلي، تُشكّل أكثر من نصف السعرات الحرارية المستهلكة، وقد ارتبطت سابقاً بالسُمنة والسكّري من النوع الثاني.

حالياً، بدأت الأدلة تظهر رابطاً مقلقاً جديداً: تأثير مباشر على صحة الأمعاء، وفق ما يؤكّده كيفن ويلان، أستاذ التغذية في «كينغز كوليدج لندن».
تراكمت خلال السنوات الأخيرة مجموعة واسعة من الأبحاث تشير إلى أنّ الإفراط في تناول الأطعمة فائقة التصنيع يرتبط بارتفاع احتمال الإصابة بأمراض تطال المعدة والأمعاء.
الرابط الأكثر ثباتاً برأي ويلان هو مع داء كرون، أحد أمراض الإلتهاب المزمن في الأمعاء، الذي يُسبِّب آلاماً بطنية وإسهالاً حاداً وتعباً شديداً وهزالاً.
في مراجعة بحثية عام 2023، تبيّن أنّ البالغين الأكثر استهلاكاً لهذه الأطعمة ترتفع لديهم مخاطر الإصابة بالمرض بنسبة 71% مقارنةً بمن يستهلكونها بمعدّلات منخفضة.
دراسات أخرى ربطت هذه المنتجات بمتلازمة القولون العصبي، والقرحة المعدية، وسرطان القولون والمستقيم. وفي دراسة حديثة شملت أكثر من 29 ألف ممرّضة، اكتشف الباحثون أنّ اللواتي تناولن أكبر كمّية من هذه الأطعمة زادت لديهنّ احتمالات الإصابة بنوع معيّن من السلائل ما قبل السرطانية بنسبة 45%.
ومع أنّ معظم هذه الأبحاث رصدية وليست تجريبية، فإنّ الاتساق في النتائج لافت، بحسب أندرو تشان، أستاذ الطب في كلية هارفرد.

كيف يمكن أن تضرّ الأمعاء؟
حين تُحوَّل مكوّنات طبيعية كالقمح والشوفان والذرة إلى حبوب فطور وخبز ومقرمشات، تفقد كثيراً من الألياف والمركّبات النباتية المفيدة المعروفة بالبوليفينولات. هذه العناصر تُغذي البكتيريا «النافعة» في الأمعاء التي تحارب الإلتهاب وتحافظ على سلامة جدران الأمعاء. عند نزعها، يختفي هذا الغطاء الوقائي.
تحتوي الأطعمة فائقة التصنيع أيضاً على كمّيات عالية من السكّريات المضافة، المرتبطة بارتفاع مخاطر سرطان القولون وأمراض الإلتهاب المعوي، وعلى نِسَب كبيرة من الصوديوم الذي قد يعزّز نمو البكتيريا «الضارة».
وتُثير الإضافات الصناعية مثل المستحلبات والمحليات الاصطناعية قلقاً متزايداً بين العلماء. فبعض الدراسات الصغيرة على البشر أظهرت أنّ المستحلبات قد تغيّر الميكروبيوم، وتزيد الألم البطني والالتهاب. أمّا في تجارب القوارض، فتتسبّب بتراجع طبقة المخاط التي تحمي الأمعاء وزيادة الإلتهاب، ما قد يرفع مخاطر أمراض التهاب الأمعاء وسرطان القولون.

ماذا يعني ذلك للمستهلك؟
لا يزال العلماء يجهلون الكثير حول تأثير هذه الأطعمة على صحة الأمعاء، ولا توجد توصيات صارمة بتجنّبها كلّياً. إلّا أنّ تقليلها خطوة نافعة، خصوصاً أنّ ارتباطها بأمراض القلب والسُمنة والخرف بات واضحاً.
يُنصح باستبدال المنتجات الصناعية ببدائل طبيعية: ماء فوّار بدلاً من الصودا، صلصة منزلية بدلاً من الجاهزة. مع التركيز على الأغذية الغنية بالألياف كالخضار والفاكهة. اتباع هذه الخطوات تلقائياً يُقلِّل من استهلاك الأطعمة فائقة التصنيع ويساعد الأمعاء على استعادة توازنها.

theme::common.loader_icon