«ضربة المعلم» أبعدت شبح الحرب موقتاً... والأمور بخواتيمها!
«ضربة المعلم» أبعدت شبح الحرب موقتاً... والأمور بخواتيمها!
جوزف القصيفي نقيب محرري الصحافة
Friday, 05-Dec-2025 07:44

اعتبرت أوساط عربية متابعة لتطورات الملف اللبناني، أنّ القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بضمّ مدني إلى لجنة «الميكانيزم»، هو السفير السابق لدى واشنطن المحامي سيمون كرم، بعد التشاور مع المسؤولين الكبار، ينبغي التعاطي معه بإيجابية، في هذه المرحلة العاصفة والدقيقة من تاريخ لبنان.

وفي تقدير هذه الأوساط، أنّ القرار اللبناني أبعد شبح الاعتداء الإسرائيلي لأسابيع أو أشهر كافية، لكي يلتقط البلد أنفاسه وانقضاء فترة الأعياد من دون مفاجآت ذات طابع درامي. وربما يمهّد هذا الأمر لهدنة طويلة.

 

وأشارت الأوساط العربية المتابعة، أنّ معلومات قد أفادت أنّ إسرائيل كانت تهيئ لعمل عسكري كبير في الأسبوع المقبل، لكنها فرملت هذا الأمر من دون أن تلغيه. وإنّ ما تمّ تسريبه من الأوساط القريبة من نتنياهو حول تفسيره لأبعاد القرار اللبناني، والإيحاء بأنّه خطوة على طريق التطبيع، هدفه الرئيس إلقاء الفتنة بين اللبنانيين، من خلال تشكيل لجنة من الموظفين الإسرائيليين الكبار للتفاوض، والحديث عن العلاقات الاقتصادية بين البلدين، والإشارة إلى منطقة إقتصادية خاصة أو حرّة في الجنوب، تسعى إليها واشنطن، نظراً للموقع الاستراتيجي المهمّ لهذه المنطقة على المتوسط.

 

وقول هذه الأوساط، إنّ لبنان والدول المجاورة للدولة العبرية لن تنجو من لهيب التصعيد بشكل أو بآخر، وهي ستتأثر حتماً بتطور الأحداث التي ستترجح بين مدّ وجزر، في انتظار تغيير ميزان القوى. وهي لا ترى أنّ هذا التغيير مستحيلاً، لكن أحداً لا يستطيع التكهن بالتوقيت. وهناك نموذج العام 1983، وكيف تبدّل المشهد. لكن ضغط واشنطن التي تحظى بتأييد دولي وعربي واسع، قد يجعل أي تغيير محفوفاً بالعِقد والمصاعب، ويستغرق زمناً طويلاً. وإنّ ما يزعج إسرائيل هو أنّ دولاً عربية عدة لا ترفض مبدأ السلام معها، وفكرة تطبيع العلاقات معها مستقبلاً، لجمت اندفاعتها في هذا السياق، وربطت مضيها إلى التطبيع بموافقة لبنان وسوريا. وإذا كان الأول يتريث كثيراً قبل الحديث عن هذا الموضوع نظراً لخصوصية مجتمعه المركّب طائفياً ومذهبياً، فإنّ الثانية تواجه تحدّيات كبيرة، من أبرزها رفض المزاج السوري أي تطبيع مع إسرائيل، وعدم قبول شعب هذا البلد بالتخلّي عن مرتفعات الجولان، وعدم قدرة الرئيس أحمد الشرع على تجاوز ما يحصل من توترات على الارض في جنوب البلاد وشمالها وساحلها، وضبط حالات الصدام المتنقلة في هذه المناطق.

 

وفي أي حال، فإنّ القول سواء عن تمنٍ أو عن تشكيك، أنّ مهمة كرم هي في تهيئة الأرضية لكي يتقبّل لبنان سلاماً مفروضاً عليه، ليس في محله. المطلوب منه في منتهى الوضوح: الاضطلاع بالجانب القانوني، العمل على متابعة تنفيذ قرار وقف إطلاق النار لجهة انسحاب إسرائيل من المناطق التي تحتلها في جنوب لبنان، وإطلاق الأسرى ووقف العمليات العدائية، وصولاً إلى عودة المواطنين الذين هُجّروا قسراً تحت وطأة القصف الإسرائيلي، إلى بيوتهم في المدن والقرى، والبدء بإعمار ما تهدّم منها.

 

إنّ ما تحقق هو الخطوة على طريق العشرة آلاف ميل، لأنّ تل ابيب لن تكون سهلة في عملية التفاوض، ولن تعدم ذريعة لإعاقتها، إذا وجدت أنّ عليها أن تستجيب لمنتجات قرار وقف إطلاق النار الصادر في 27 تشرين الثاني 2024، خصوصاً انّها تلقى دعماً كبيراً من واشنطن. وإنّ ما أقدم عليه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بتعيين السفير سيمون كرم للانضمام إلى لجنة «الميكانيزم» وتفويضه الملف القانوني والسياسي الذي حدّدت سقفه الدولة اللبنانية، هو»ضربة معلم» وجاء في التوقيت الصحيح. وهذا القرار لاقى دعماً تمثل بإنجازات الجيش النوعية في منطقة جنوب الليطاني، حيث بسط سيطرته وفرض إيقاعه عليها، وباتت بنسبة عالية جداً في عهدته، مما ساهم في نزع أوراق عدة كانت تمسك بها إسرائيل وتتلطّى وراءها. لكن لا أحد يأمن لتل أبيب وما تبيت له، وإنّ عملية شراء الوقت الجارية ستكون فترة اختبار لمدى جدّية المبادرات آلايلة إلى إخراج لبنان من النفق الذي أرتج عليه. والأيام المقبلة ستحمل الأجوبة عن كثير من الأسئلة التي تُطرح في خضم الحراك الدولي والإقليمي الجاري، قبل أن تضع السنة الحالية أوزارها.

theme::common.loader_icon