أخصائية تغذية
الفيريتين هو البروتين المسؤول عن تخزين الحديد في الجسم، ويُعدّ مؤشراً حيَوياً لمخزون الحديد. لسنوات عديدة، كان يُنظر إلى ارتفاع مستوياته كعلامة إيجابية على وفرة الحديد. لكنّ العلم الحديث كشف عن صورة أكثر تعقيداً: ارتفاع الفيريتين قد يكون في الواقع جرس إنذار لوجود مشكلة صحية أعمق، لا علاقة لها بزيادة الحديد.
الفيريتين ليس مجرّد مخزِّن للحديد
في الحالات الطبيعية، تعكس مستويات الفيريتين كمية الحديد المخزّنة، لكن لديه دور آخر مهم: هو بروتين «استجابة للمرحلة الحادة»، ما يعني أنّ مستوياته ترتفع بشكل كبير عند وجود التهاب أو عدوى في الجسم.
جزء من آلية الدفاع في الجسم هو حجز الحديد لمنعه من أن يكون متاحاً للميكروبات المسبِّبة للأمراض. لهذا السبب، يُعتبَر الفيريتين مؤشراً قوياً إلى وجود حالة التهابية مزمنة حتى لو كانت خفية.
أكّدت دراسة حديثة نشرتها مجلة Journal of Clinical Medicine أنّ ارتفاع الفيريتين، خصوصاً عندما لا يكون هناك ارتفاع في نسبة تشبع الترانسفيرين (مؤشر مباشر لكمية الحديد المتاحة في الدم)، غالباً ما يكون مؤشراً إلى وجود التهاب.
الأمراض المرتبطة بالالتهاب والفيريتين المرتفع
هذا الارتباط يفسّر لماذا يرتفع الفيريتين في العديد من الأمراض التي يلعب فيها الالتهاب دوراً جوهرياً:
• السمنة ومرض السكري: السمنة ليست مجرّد زيادة في الوزن، بل حالة إلتهابية مزمنة تؤثر على الجسم بالكامل.
• أمراض الكبد الدهنية غير الكحولية (NAFLD): إلتهاب الكبد المزمن يؤدّي إلى ارتفاع مستمر في الفيريتين.
• أمراض القلب والأوعية الدموية: الالتهاب المزمن أحد العوامل الرئيسة في تصلّب الشرايين.
• بعض أنواع السرطان: يمكن أن يرتفع الفيريتين في بعض الحالات نتيجة الاستجابة الإلتهابية للورم.
كيف يساعد النظام الغذائي في السيطرة على الالتهاب؟
الخبر الجيد هو أنّ تعديل النظام الغذائي يمكن أن يلعب دوراً فعّالاً في تقليل الالتهاب، بالتالي المساعدة في خفض مستويات الفيريتين المرتفعة المرتبطة به.
• مضادات الأكسدة: الأطعمة الغنية بالفيتامين C، الكاروتينات، والفلافونويدات الموجودة في الخضروات والفواكه الملوّنة (التوت، ، السبانخ، والجزر) تحارب الإجهاد التأكسدي وتقلّل الالتهاب.
• أحماض أوميغا 3 الدهنية: الأسماك الدهنية (السلمون والماكريل) وبذور الكتان والجوز، تحتوي على أحماض أوميغا 3 التي تُعدّ من أقوى مضادات الإلتهاب الطبيعية.
• التوابل والأعشاب: الكركم والزنجبيل يحتويان على مركّبات قوية ذات خصائص مضادة للالتهاب.
• الألياف الغذائية: الحبوب الكاملة، البقوليات، والخضروات، تدعم صحة الأمعاء وتلعب دوراً حيوياً في تنظيم الإلتهاب.
للحصول على أفضل النتائج، من المهمّ تجنّب الأطعمة التي تزيد الإلتهاب، مثل السكّريات المضافة، الدهون المشبّعة، والأطعمة المصنّعة.
لا يمكن النظر إلى ارتفاع الفيريتين بمعزل عن السياق الصحي الكامل. من الضروري إجراء تقييم شامل يشمل فحوصات إضافية مثل نسبة تشبع الترانسفيرين وبروتين C التفاعلي (CRP) الذي يعتبر مؤشراً للالتهاب.