رفح بين تهوّر نتنياهو ومحاذير واشنطن
رفح بين تهوّر نتنياهو ومحاذير واشنطن
الياس مخايل المر

خبير في العلاقات الدولية

Friday, 03-May-2024 07:47

بدأ نتنياهو بمراجعة حساباته حول الدخول الى رفح لخوفه من عدم تحصيل نتائج فيما لو فعل، وفي هذه الأثناء بدأ بعض الجنود يسجلون حركة تمرد على قرارات التعبئة التي أعلن عنها الجيش تمهيداً أو تحضيراً لدخول رفح، وطبعاً الغالب من هذه الاعلانات يكون تهويليّاً لضرورات التفاوض.

لذا، بدأ الاهتمام بشكل أكبر في المفاوضات التي من الممكن أن توصِل الى اتفاق حول مسار الأمور في غزة ولو كان ذلك على المدى القريب أو المتوسط.

 

من هنا ظهر الحديث عن المبادرة المصرية، التي تنص على العديد من النقاط التي كانت مرفوضة من قبل نتنياهو وباتت في الساعات الأخيرة موضع نقاش وقبول، ومن أبرزها:

 

أولاً: السماح للفلسطينيين بالعودة الى الشمال وهذا الأمر كان غير وارد بالنسبة لإسرائيل، والآن يبدو أن نتنياهو منفتح على النقاش في هذا الموضوع.

ثانياً: وقف اطلاق النار الفوري وهو أيضاً كان مرفوضاً من قبل نتنياهو.

ثالثاً وأخيراً: الوقف النهائي لاطلاق النار.

 

عاد الوفد المصري الى القاهرة بانتظار موقف حركة حماس وتحديدا يحيى السنوار حول هذه البنود، وهناك أجواء في الكواليس الدولية تشي بإمكانية موافقة حماس على الورقة المصرية.

 

هذا المشهد يضعنا أمام مسارين:

 

الأول، أن نكون أمام نجاح الاتفاق والانتقال الى المرحلة الأخيرة، وهذا دونه الكثير من العقبات الداخلية الاسرائيلية وسط الانقسام المجتمعي والسياسي بين من يريد إبرام الاتفاق ولديه أولوية عودة الأسرى المعتقلين لدى حماس، ومن يرغب باستمرار الحرب بما فيها الدخول الى رفح والقضاء النهائي على حماس وأولويته صورة اسرائيل واسترجاع الهيبة التي فقدت منذ السابع من أكتوبر.

 

من أبرز حاملي هذه النظرية والمدافعين عنها «سموترتش» وزير المالية، الذي هدّد بالاستقالة وفرط عقد الحكومة فيما لو وافق نتنياهو على إبرام صفقة مع حماس.

 

والمسار الثاني، وهو الحرب المستمرة بما أنّ قائد الجيش الاسرائيلي وقّع كل الأوامر والقرارات استعداداً للمباشرة بالعملية العسكرية، وهذا يصلح ليكون امّا استعداداً حقيقياً للدخول في مرحلة جديدة من الحرب أو تعزيزا عسكريا لموقف المفاوضين السياسيين في مصر وغيرها من العواصم التي تبحث عن حل ضائع تحت أنقاض غزة.

 

هناك مؤشرات عديدة تعزّز نظرية عدم إقدام اسرائيل على الشروع بعملية واسعة في رفح، من أهمها:

 

أولاً: قرارات المحكمة الجنائية الدولية التي تبدو على قاب قوسين من إصدار قرارات صعبة بحق اسرائيل قد تصل الى مستوى طلب توقيف رئيس الوزراء الاسرائيلي.

ثانياً: المظاهرات الضخمة لأهالي الأسرى التي تتزايد ويدخل اليها عامل العنف.

ثالثاً، والأهم: المظاهرات الأميركية التي وصلت الى 40 جامعة ومنها 19 تشهد تصادمات واسعة مع الشرطة، وامتدّت الى دول كثيرة كبريطانيا وباريس وألمانيا، وهي في توقيت قاتل على مشارف الانتخابات الرئاسية، حيث وصل عدد الموقوفين في أميركا الى 800 طالب، منهم من الجمهوريين ومنهم من الديمقراطيين، وهذا يشكل ضغطاً كبيراً على الادارة الأميركية وهي مرشحة الى الازدياد في حال شرعت اسرائيل بعملية عسكرية داخل رفح.

 

ليست رفح لوحدها التي تشكّل هاجساً للادارة الأميركية هذه الأيام بل للنفط أيضاً وأسعاره المتصاعدة حصّة الأسد من الهواجس الأميركية التي ترتبط بشكل مباشر في نتائج الانتخابات الرئاسية، حيث يشكل ارتفاع أسعار النفط التي وصلت الى عتبة الـ90 دولاراً للبرميل بسبب الدخول في موسم الطلبات الأميركي الذي يشهد انتقالا للأميركيين بين الولايات، وكذلك بسبب ارتفاع طلب الصين على المشتقات النفطية، فالبنزين يعتبر المحرّك الأساسي للضغط على الاقتصاد الأميركي وما له من انعكاس على الرأي العام ونتائج الاستطلاعات التي بدأت تسجّل تقدماً ملحوظاً لصالح ترامب لمجرد وجوده خارج السلطة.

 

فالضغط الأميركي على نتنياهو لعدم الدخول الى رفح يرافقه ضغط مُوازٍ لعدم التهور والدخول بعملية واسعة مع لبنان. أميركا التي أقرّت ميزانية دعم لأوكرانيا بواحد وستين ملياراً، ولكنها ترفض ارسال نظام البتريوت لكييف، وكذلك سحبت كل دبابات الأبرامز منها، ما يؤشّر الى رغبتها بعدم هزيمة أوكرانيا ولكنها حتماً لا ترغب في توسّع نطاق الحرب لا في أوكرانيا ولا في الشرق الأوسط، وهذا سيؤثر حتماً على الاسراع في التقدم الروسي وسط إنجازات عسكرية كبيرة تسجّل على حساب الجيش الأوكراني، كما تفيد مصادر مطّلعة على دوائر القرار الروسية أن يوم التاسع من أيار «يوم النصر» الروسي سيشهد سقوط مدينة أوكرانية كبيرة.

theme::common.loader_icon