يمثّل هذا الفيلم أول تجربة إخراج طويلة لكريستين ستيوارت، وتقوم ببطولته إيموجين بوتس في أداء آسر، في قلب حكاية مؤلمة بحدّتها، عن الانتهاك والإدمان.
«ماذا تعرفين عن الألم يا ليديا؟»، يسأل مصوّر وممارس للـB.D.S.M. (تجسّده كيم غوردون من فرقة Sonic Youth) الشابة المقيّدة بإحكام والراكعة أمامه. ليديا، في الحقيقة، تعرف الكثير عن الألم، وقد أوضح فيلم «تسلسل الماء» هذا الأمر بجلاء منذ البداية. إلى حدّ أنّ أداء إيموجين بوتس بالغ التعبير كليديا البالغة، هو ما يحوّل هذا العمل (أول فيلم طويل لكريستين ستيوارت) من تجربة قاسية إلى عمل آسر.
باستلهام مذكّرات ليديا يوكنافيتش الصادرة عام 2011 بالعنوان نفسه، تنتقل ستيوارت - بعد افتتاحية فنية مشتّتة - سريعاً إلى أسلوب غير تقليدي يلامس التجريب من دون أن يتجاوزه، لكنّه مناسب جداً لمادة الفيلم. تجمع شظايا ذكريات ليديا في كولاج ضبابي وغير خطّي من الندوب والأذى (وهو أقلّ إرباكاً مما قد يبدو)، وتعرض الانتهاكات الجنسية والنفسية الممتدة التي تعرّضت لها ليديا وشقيقتها كلوديا (تؤدي شخصيتها البالغة ثورا بيرش) على يد والدهما الوحشي (مايكل إيَب). أمّا الأم المحبة وغير الفعّالة (سوزانا فلوود) فتمرّ بصمتٍ قرب هذه الفظائع، عاجزة على ما يبدو عن حماية طفلتَيها.
موهبة ليديا في السباحة التنافسية تمنحها فرصة للالتحاق بالجامعة، لكنّ حلمها الأولمبي يتحطّم لاحقاً بسبب سعيها المحموم نحو الجنس والمخدّرات والكحول. تهاجم كل مَن يجرؤ على الاهتمام بها - كالمغنّي وكاتب الأغاني الرقيق (إيرل كايف، الذي يبدو مذهلاً في شبهه بوالده الموسيقي نيك كايف) - قبل أن تعثر أخيراً على شكل من أشكال الخلاص في صفّ للكتابة الإبداعية تحت إشراف كين كيسي (جيم بيلوشي في أداء مرح).
على رغم من بعض الخيارات البصرية المستهلكة، فإنّ «تسلسل الماء» كثيراً ما يبدو غاية في الجمال؛ فالتصوير بقياس 16 ملم (بعدسة كوري سي. ووترز) واللقطات القريبة النافذة يدفعاننا بقوّة إلى داخل معاناة ليديا. هذه ليست مساحة مريحة دائماً؛ والخروج من التجربة محمّلاً بالمكافأة أو مستنزفاً قد يعتمد، ولو جزئياً، على ما تحمله معك من أعبائك الخاصة.