قرار إقليمي بتحريك المخيّمات
قرار إقليمي بتحريك المخيّمات
فادي عيد
جريدة الجمهورية
Saturday, 21-Sep-2013 00:40
ما يجري في المخيّمات الفلسطينية من إشكالات واشتباكات وأحداث، منها ما يبقى بعيداً عن الأضواء ومنها ما يظهر، ليس بالأمر المفاجئ.
شهد معظم المخيّمات خلال الأشهر القليلة الماضية حركة ملفتة من لقاءات واجتماعات وتجهيزات لوجستية وعسكرية تحسّباً لأحداث قد تقع، وتحديداً مخيّم عين الحلوة حيث بدأت حركة "فتح" تسيطر على القرارين السياسي والأمني في سياق نأي منظمة التحرير الفلسطينية عما هو حاصل في سوريا، وإبقاء المخيّمات بعيدة عن التجاذبات والخلافات، وهذه المسائل أفصح عنها الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال زيارته الأخيرة للبنان، وقد كان صريحاً وحاسماً مع المسؤولين اللبنانيين، بمعنى أنه يضمن الهدوء في المخيّمات وعدم تدخل الفلسطينيين بما يحصل في سوريا، أو أن لا تلقي تداعيات الحرب السورية بظلالها على أماكن الشتات، ولا سيّما منها المخيّمات في لبنان.

وكشفت مصادر متابعة عن أحداث وإشكالات حصلت في الأيام الماضية بين فصائل فلسطينية، آخرها أوائل الأسبوع الحالي في مخيّم عين الحلوة، الذي أخذ منحى ميدانياً واسع النطاق للمرة الأولى منذ فترة طويلة، ما يؤشّر إلى إمكان التصعيد الميداني في ظل أجواء لا توحي بالتفاؤل، ومردّ ذلك، وفق المطلعين، إلى قرارات إقليمية بإعادة تحريك الوضع في المخيّمات لدوافع سياسية، وتحويلها، كما القرار السياسي العام في لبنان، صندوق بريد لتبادل الرسائل الإقليمية، في اعتبار أنه وبعد تراجع خيار حصول الضربة العسكرية الأميركية لسوريا، بدأت الساحة اللبنانية تشهد نزاعات على مختلف الصعد، إذ يعتقد فريق 8 آذار، خصوصاً "حزب الله" رأس حربته، أنه سجل انتصاراً على الأميركيين وعلى الغرب وإسرائيل، ولذا بدأ يرفع سقف مطالبه على مستوى الإستحقاقات الداخلية مثل الشروط المتتالية حول تأليف الحكومة العتيدة، إضافة إلى إعادة التواصل مع بعض التنظيمات الفلسطينية التي هي على خلاف مع النظام السوري، وعلى علاقة فاترة مع "حزب الله" وقوى 8 آذار مجتمعة مثل حركة "حماس"، وعلم في هذا الإطار أنّ هناك اتصالات بين الحركة و"حزب الله"، لكنها لم تعد في حضن إيران والحزب مثلما كانت في السابق بعد خروجها من سوريا وخلافها مع النظام.

وفي هذا السياق، لفتت المصادر نفسها إلى أنّ "حزب الله" ربما يسعى، ومن الطبيعي بطلب إيراني، إلى اعتماد بعض التنظيمات الفلسطينية حليفاً جديداً يلعب دور حركة "حماس" السابق مع محور الممانعة، ولذا لا يستبعد أن يكون تحريك الوضع الأمني في المخيّمات بإيحاء إقليمي لإحداث بلبلة وإرباك بالتوازي مع المفاوضات الجارية بين الأميركيين والروس حول السلاح الكيماوي، وعندها يريد هذا المحور الممانع إيصال رسالة إلى الأمم المتحدة والغرب بأن بعض المنظّمات الأصولية يعمل على تخريب لبنان كما هو حاصل في سوريا اليوم، وتلك ورقة سياسية قد تستعمل في المرحلة المقبلة.

من هنا، يبقى أنّ المخاوف من تفجير واسع غير مستبعد في بعض المخيّمات الفلسطينية، خصوصاً أنّ الظروف الراهنة مؤاتية في سياق ما يجري في سوريا، وأيضاً بعد اعتقاد محور الممانعة أنه سجّل انتصاراً على أميركا والغرب، وأنه هو من يمسك بالورقتين اللبنانية والسورية، ويمكنه إعادة خلط الأوراق وفرض شروطه في لبنان سياسياً وأمنياً، وهذا ما بدأت معالمه تتّضح من خلال مواقف حلفاء سوريا في لبنان.
theme::common.loader_icon