التصنيف الإئتماني للعملاء في لبنان
التصنيف الإئتماني للعملاء في لبنان
مايكل نخلة
جريدة الجمهورية
Tuesday, 27-Aug-2013 00:29
إنّ التنبؤ عن التخلّف في تسديد القروض كان ولم يزل مصدر قلق دائم لدى المصارف التي تسعى جاهدة لتخفيض الخسائر الناتجة عن الديون والقروض غير العاملة (Non- Operating Debts) عبر فرض جميع الإجراءات التي من شأنها تخفيض نسب التخلف عن الدفع (Delinquency Rates) التي تمثّل ارتفاعاً بحجم الخسائر، ناهيك عن تكاليف ملاحقة المستدين قضائياً، ممّا دفع المصارف ومختلف المؤسّسات المالية إلى التشدّد في تقييم طلبات الإئتمان عبر استخدام مناهج علمية لتحديد الأهلية للإستدانة (Credit Worthiness) واحتمال التقصير مسبقاً، متّبعين سياسة "الوقاية خير من العلاج".

إنّ منهجية النقاط (Credit Scoring) هي منهجية علمية تستخدم التكنولوجيا الإحصائية لتصنيف الدائن، تعتمد بشكل أساسي على المعلومات التاريخية للعميل (Credit History) بما يخصّ دفع مستحقاته وكيفية إدارة ديونه، فكلّما طالت مدّة هذا التاريخ عكس تصنيفاً أدقّ، لأنّ أفضل مؤشّر للأداء المستقبلي هو الأداء والسجلّات الماضية.

كما أنّ نسبة الإستخدام الإئتماني (Credit Utilization Ratio) وأنواع القروض والتسهيلات المستفاد منها وعدد الطلبات المقدّمة إلى المصارف والمؤسّسات المالية، كلّها لها تأثيرٌ مباشرٌ على عملية احتساب نقاط الدائن.

التصنيف الإئتماني في لبنان هو تصنيف متحيّز وغير ناضج بالمقارنة مع التصنيفات العالمية، كتصنيفات الولايات المتحدة الأميركية التي تُعتبر من الأوائل في هذا المجال باعتمادها منهجية النقاط لتحديد المخاطر عند منحها للديون. فالقطاع المصرفي اللبناني يعتمد على العنصر البشري في عملية تقييم المخاطر، حيث ينبغي استخدام نظام ثابت وإسقاط التحيّز بواسطة طبيعة آلية تضمن توحيد وتعزيز الأحكام الموثوق بها من دون أن تشارك في سمات الشخصية.

ولأنّ حكم العنصر البشري يبعد عن الموضوعية يمكن أن تمنح القروض إلى مقدّمي الطلبات ذوي غير الأهلية وتحجب عن الأشخاص الذين يستحقّون التسليف. فمعدّلات الجنوح المصرفي أي التخلّف عن الدفع، ارتفعت من 10.02 % في عام 2000 صعوداً إلى 14.61 % في عام 2005 وذلك نتيجة عدم إنشاء نظام تسجيل وطني يعتمد معايير ثابتة ومتحركة لتصنيف المقترض المحتمل وضعف البنية التحتية للمعلومات الإئتمانية.

وكانت إتفاقية بازل 2، التي نُشرت في بداية يونيو 2004 لإنشاء معيار دولي للمنظّمين المصرفيين للتحكّم في مقدار رأس المال الذي تحتاجه المصارف لتوقّي أنواعٍ من المخاطر المالية والتشغيلية كما مخاطر الإئتمان التي تمّ التعامل معها بحزم من قِبل مصرف لبنان الذي بدوره أعطى تعليمات وتوصيات للمصارف اللبنانية بضرورة إستبعاد تقنيات تقييم الإئتمان القديمة والبدء باعتماد تقنيات حديثة لتحديد الأهلية للإستدانة، ممّا جعل معدّلات الجنوح المصرفي تنخفض إلى 12.20 % في عام 2006 نزولاً إلى 3.46 % في عام 2011.

لذلك، وفي إطار تطوير قطاعنا المصرفي وتوفير بنى تحتية إئتمانية أفضَل لتحقيق النموّ والتنمية، نشجّع المصارف والمؤسّسات المالية على العمل من أجل التوصل إلى تصنيف المقترضين من خلال تحديد مستحقّيها الذين يملكون الجدارة الإئتمانية، وبالتالي توفير الوصول السريع إلى الإئتمان، بالإضافة إلى تطوير الوعي لدى الجمهور والمستهلكين (Consumer Lending Behavior) الذين سوف يتأثر إيجابياً سلوك الإقراض لديهم، والذي من شأنه أن يؤثّر مباشرة على أسعار الجنوح ورفع أداء القروض والتقليل من حجم الخسائر في الديون غير العاملة.
theme::common.loader_icon