رولا حمادة لـ «الجمهورية»: لم أعتزل يوماً واتهامي بالغرور افتراء
رولا حمادة لـ «الجمهورية»: لم أعتزل يوماً واتهامي بالغرور افتراء
رنا اسطيح
جريدة الجمهورية
Friday, 02-Aug-2013 00:14
بعد مسيرة تمثيلية حافلة، وعشرات الأدوار البارزة التي كرّستها نجمة في أذهان جمهور لا يشبع من أدائها وحرفيتها وإبداعها، تستمرّ الممثلة القديرة رولا حمادة بحصد النجاح الجماهيري الاستثنائي عن دوريْها المميّزين في مسلسل «جذور»، من كتابة كلوديا مرشيليان وإخراج فيليب أسمر. الممثلة اللبنانية خصّت «الجمهورية» بحديث حصري، أضاء على أبرز محطّات مشوارها التمثيلي وآرائها الفنية والشخصية.
يكاد أداء رولا حمادة في مسلسل "جذور" من إنتاج MR7 بالاشتراك مع Endemol ، في شخصيتيّ دينا وديانا أن يمحو الخط الرفيع الذي يفصل بين الواقع والدراما. تعابير وجهها وحركات جسمها والكلام في عينيها وفي نبرة صوتها وفي كل إيماءة من جسمها وحتى في صَمتها، جسور عبور تمدّها رولا حمادة بين المشاهد والشاشة، وحبال تمسكها بإحكام لتشدّنا نحوها ونحو شخصياتها فندخل عالمها ونعيش خيباتها وأحلامها وأوجاعها وانتصاراتها.

مع دينا "الهبلة" على ما تلقّبها عائلتها في المسلسل نبكي على تاريخ مجرم هدم إنسانيتنا وتركنا هائمين بين هويةٍ ضائعةٍ ووعي اختار أن ينفصم على نفسه لعلّ النسيان يرحمه من ذاكرة تجلده. ومع ديانا حروب داخلية لها صولات وجولات بين التعلّق والتفلّت والانتماء.

بالنسبة إلى رولا حمادة نفسها "تجسيد شخصية "ديانا" أقلّ صعوبة من "دينا" لأنّ الأولى ممكن أن نستعير بعض صفاتها من أنفسنا ومن الناس من حولنا بينما تتطلّب دينا أن نبحث عنها وأن ندرسها جيداً ونغوص فيها. والحمد لله أنني قمت بالتحضير كما يجب، وكانت دينا محبوبة من فريق عمل المسلسل قبل أن يحبّها الجمهور والأطفال لاحقاً. وهذا أمر يسعدني".

الممثلة التي زارت مؤسسة sesobel ودرست عن كثب تصرّفات نماذج من شخصيّات تشبه دينا تعترف بـ "خط رفيع في تجسيد هكذا شخصيّات يجب مراعاته لجعل الناس تتعاطف مع الشخصية بدلاً من أن تضحك منها. ربما أسهمتُ بجعل الناس تنظر إلى هؤلاء الأشخاص بعين الرحمة على أنهم يشبهوننا ولديهم أحاسيسهم وأوجاعهم الخاصة...".

أمّا بالنسبة إلى ديانا "فهي تمثّل شريحة كبيرة من جيل الحرب. حتى الأشخاص الذين اختاروا البقاء في لبنان وعدم الهجرة أضاعوا جذورهم. ففي لبنان نواجه مشكلة كبيرة مع معنى الانتماء، وهذا يتطلّب عملاً داخلياً حثيثاً من كل واحد منا.

لا زلنا نتباهى بالزعيم وبالمنطقة فلا نستطيع الكلام مرّة واحدة باسمنا نحن كأفراد، وهذا من مخلّفات الحرب... نشعر دوماً أننا بحاجة إلى قبيلة كاملة تدعمنا قبل أن نخرج لمواجهة الآخرين، وهذا ينطبق على مختلف مستويات حياتنا المهنية والشخصية. يجب أن ننتمي إلى أنفسنا أوّلاً قبل أن نتمكّن من الانتماء إلى الوطن".

وتضيف: "ديانا تمثّل جيل الحرب الذي لا ذنب له بما حصل، ولكنه يحمل تبعاته، وقد بات غير قادر على الانتماء وعلى تعليم أولاده على الانتماء، وشخصية ديانا صعبة للغاية، وربما تكون الوحيدة التي رغم انتهاء المسلسل بقيت غامضة وفيها شيء صامت لم يستطع أحد أن يخترقه".

رولا حمادة التي اختبرت بنفسها معنى الهجرة والاغتراب إلى كندا توضح رداً على سؤال: "أنا لم أعتزل التمثيل يوماً. وعندما يهاجر الإنسان لا يفكرّ في أنّه بذلك يعتزل أو لا يعتزل، لأنّ أموراً أخرى أكثر تعقيداً ترتبط بتغييره لكل أوجه حياته هي ما تشغله".

وعن قرارها العودة إلى لبنان، وعمّا إذا كانت تعتبره قراراً شجاعاً تقول: "من وجهة نظر المغتربين لا بدّ أنه قرار شجاع، ولكن بالنسبة إلي لم تكن المسألة مسألة شجاعة، وإنما مسألة حاجة نفسية إلى هذا البلد. أحبّه وأحبّ ناسه. قد أحزنهم ويحزنونني ولكن في النهاية هؤلاء هم ناسي، وهنا أشعر بالأمان وبالحماية. قولوا إني مجنونة ولكن هذه أنا".

وتضيف: "ما يمكن فعله عبر الإنترنت ليس هو الأمر المثالي والأفضل، فالتواصل الإنساني هو ما نفتقده في البلدان المتحضّرة، وهذا ما أجد أنّ روحي بحاجة إليه. ولهذا عدت".

حمادة التي تجمعها صداقة قديمة بالكاتبة كلوديا مرشيليان، تسجّل في "جذور" تعاونها الأوّل معها، "في الماضي جرى حديث عن تعاونات عديدة لم تتم. فالحياة هكذا. تأخذنا وتأخذ الآخرين إلى أماكن غير متوقعة أحياناً. وربما تأخُّر التعاون كان لصالحي لتمنحني كلوديا هذه الهدية الرائعة من خلال شخصيتَي ديانا ودينا، وهي هدية أشكرها عليها في كل مقابلة وكلّما التقيتها".

الممثلة-النجمة التي أثارت جدلاً كبيراً باختيارها أن يرد اسمها في آخر جنيريك مسلسل "جذور" تقول: "لم أشأ أن أوصل أي رسالة من خلال موقفي هذا. هذه كانت رغبتي لأن لدي مشوار داخلي أمشيه وحدي.

وهذه طريقة من الطرق التي أعبّر فيها لنفسي أنني أكسب رحلتي الداخلية وأتطوّر فيها. موضوع النجم أو النجمة لا يهمّني. هذا خياري لأنني أترك لعملي أن يتحدّث عنّي. الخطوة ليست رسالة لأحد أو ضد أحد وإنما براهن منّي لنفسي".
رولا حمادة المعروفة بدعمها للمرأة العربية وقضاياها تؤكّد: "المرأة العربية لا تعرف حقوقها وإنما تعرف واجباتها بدرجة أكبر.

في هذا المجال الكلّ مقصِّر وأنا أوّلهم. لا زلنا نصدّق ما علّمونا إياه بأننا درجة ثانية. المرأة في بلدي ليست شريكة في الوطن وإنما تابعة، وهذا أمر يستفزّني. فهي تسهم بنصف اقتصاد البلد وتساعد على مختلف الصعد في تربية وتنمية وتطوّر العائلة والمجتمع والوطن، ومع ذلك الوطن لا يحميها ولا يدعمها ولا يمنحها أبسط حقوقها".

بطلة "جذور" التي كان لها تصريح اعتبرت فيه أنّ "cast" المسلسل ممتاز فيما عدا ثلاثة أشخاص تراهم في غير مكانهم الصحيح رفضت الخوض في أسماء الممثلين المعنيين. وعن البطولة الشبابية لـ باميلا الكك ويوسف الخال قالت: "تنيْناتن بيجنِّنوا". وأضافت: "يوسف وباميلا ممثلان موهبان جداً وقد أدّيا دوريهما بإتقان والجمهور أحبّهما كثيراً".

وعن تعاملها مع مخرج العمل فيليب أسمر تقول: "أحببته كإنسان وكمخرج. صحيح أنّ شخصية ديانا مكتوبة على الورق بكل صمتها وتعقيداتها بطريقة وافية، ولكن كان من الممكن لفيليب أن يكون له وجهة نظر مختلفة، وألّا يتمكّن من إظهار الشخصية، ولكنه لم يفعل ذلك.

بل على العكس، لقد تمكّن من دعم شخصيّاته في "جذور" بطريقة لافتة. هو بالطبع مخرج شاب والطريق أمامه طويل. ولكن فيليب أسمر قبل "جذور" هو غيره بعد "جذور" وما فعله في المسلسل عمل جميل يستحق الوقوف عنده".

عن الدور الذي تنتظره والاكتفاء الذي تشعر به نتيجة كل الأدوار المختلفة التي جسّدتها تقول: "أنتظر الدور الجميل. ولم أفكّر يوماً انني قد ألعب دوراً مثل دور دينا في "جذور".

هو من المفاجآت الجميلة التي تحملها لنا الحياة ومن الفرص التي لا تشعرين بقيمتها عند سنوحها ولكنك تندفعين نحوها فقط لأنها تشدّك ثم تكتشفين لاحقاً مدى عظمتها. هذه من الأمور القليلة والنادرة التي تجعل "الحياة بتحرز". فلِمَ أحدُّ نفسي بانتظار دور معيّن. كل دور ألعبه يكون هو المرتجى ضمن حدوده إلى حين مجيء الدور التالي".

في رحلتها الداخلية، تقول رولا: "أتعارك مع الـ"ego" أو "الأنا" في داخلي، وقد انتصرت عليه في أماكن كثيرة وما زال العمل مستمرّاً بيني وبين نفسي".

رولا التي قيل إنها أصيبت بالغرور بعد النجومية التي حققتها في بداياتها في "نساء في العاصفة" و"العاصفة تهبّ مرّتين" لشكري أنيس فاخوري وانها بعد هذه المرحلة باتت تضع شروطاً صعبة على المنتجين، تؤكّد: "هذا كلّه كذب وافتراء كان لغرض ما ولم أكن أفهم في حينها ما يحدث.

ولكن اليوم بتّ أعتبر أنّ كل هذه الأمور حصلت لصالحي لأنها علّمتني الكثير وجعلتني أبحث بداخلي أكثر وأعي أنّ السلبية التي نُقابَل بها أحياناً ممكن أن تكون إيجابية في أماكن أخرى كثيرة".

رولا التي كانت تشعر بالإحباط سابقاً إزاء وضع الدراما اللبنانية والممثل اللبناني تؤكّد: "اليوم، بتّ أشعر بالتفاؤل بعدما فتحت أعمال من أمثال "روبي" و"جذور" و"الشحرورة" نافذة للمثل اللبناني على العالم العربي ليخرج من القمقم الذي وضعوه فيه. والدليل أنّ وجود الممثل اللبناني في أعمال سورية ومصرية هذا العام يتميّز بموقعه وقيمته ومساحته. وهو أمر جميل جداً".

لجمهور الدراما اللبنانية تقول حمادة: "شكراً لأنهم لم يخذلوا الممثل اللبناني مرّةً. ولو لم يكن لدينا جمهور يؤمن بنا لما بقيت الدراما اللبنانية، لأنهم حاولوا كثيراً قتلها وقد اختفت بالفعل في مرحلة ما عن أكثر من محطة لأنهم ظنّوا أنّ الـ entertainment أو برامج الترفيه هي الأهم. ولكنّ الترفيه لحظة، بينما الدراما حياة بكاملها".

عن رأي نقيب الممثلين جان قسيس بالممثل اللبناني في "جذور" واعتباره أنّ المسلسل إن نجح فبفضل التعاون مع ممثلين عرب تجيب: "هذه غلطة كبيرة ارتكبها جان قسيس، والمفروض أن يعتذر عنها. كونه نقيب الممثلين وليس ممثلاً فحسب. هناك فرق كبير بين الاثنين ولا يمكنه أن يقول هذا الكلام".

وتضيف: "الممثل المصري أدخلنا إلى السوق المصرية. يجب أن نعترف بالجميل وهذه وجهة نظري. ولكن أين المشكلة في ذلك إن كان الممثل اللبناني موهوباً كفاية لكي يكون جديراً بالمتابعة. وهل للفنّ هوية؟".
theme::common.loader_icon