إنعدام الرؤية
إنعدام الرؤية
اخبار مباشرة
أمبيكا فيشواناث


غياب التبصّر وعدم القدرة على قراءة نبض الأمة سيؤدي الى سقوط أي زعيم سياسي في نهاية المطاف، وهذا ما نشهده على نحو متزايد في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
عام 2014 سيكون عاماً هاماً، حيث من المقرّر ان يشهد البلدان العملاقان واللاعبان العالميان تركيا والهند، انتخابات تشريعية. في الفترة التي تسبق الانتخابات في الهند، لقد قرأت العديد من الكتب الجديدة عن التاريخ السياسي الهندي الحديث، وقد دهشت خصوصاً من قصة انديرا غاندي.
المرأة الحديدية في الهند، على ما يبدو، كانت تعاني من نقص غريب في التبصّر عندما وصل الأمر إلى المعارضة المتزايدة في البلاد، فدفعت حياتها ثمناً لذلك.
غياب التبصّر والتفكير الاستراتيجي يعانيه قسم كبيرمن قادة العالم. وقد اعتمد العديد من القادة النهج المكيافيلي باستخدام القوة للاحتفاظ بالسلطة. بعد 500 سنة على أطروحة مكيافيلي، سيكون مصير العديد من القادة تماماً كما سقط بطله سيزار بورجيا.
وجود بُعد نظر لا يتطلّب التنبّؤ للمستقبل أو نذوراً من الكهنة، بل يقضي بأن يملك القائد العظيم مهارة الاستماع إلى صوت الشعب، وإدراك أنّ التغييرات الصغيرة من شأنها أن تحدث فارقاً كبيراً.
في الوقت الحاضر، انّ قادة مثل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان والرئيس المخلوع محمد مرسي يتطلّب منهم ممارسة قدر معيّن من التبصّر. ولو قام الرئيس السوري بشار الأسد وحاشيته، بتطبيق أفعال بسيطة من الحكم الرشيد من قبل، لكانت سوريا مكاناً مختلفاً جداً اليوم.
مرسي واردوغان من غير المرجح أن يدفعا حياتهما ثمناً، لكنّ الأسد سيدفع ذلك الثمن في يوم من الأيام.في آذار 2011 وفي درعا البلدة الصغيرة في جنوب سوريا، ألقي القبض على مجموعة من أطفال المدارس الصغار وتعذيبهم لكتاباتهم على جدران مدرستهم، ودعوتهم إلى إجراء تغييرات في النظام. هم نادوا بالديموقراطية والحرية ولكن ليس بسقوط رئيسهم، بشار الأسد.
إحتجّ أولياء أمورهم ضد وحشية الشرطة، فتدخلت الحكومة وقدّمت تنازلات صغيرة لهذه الأسر. تبعها مشهد سلمي احتجاجاً على وحشية الشرطة ولوضع حد لقانون الطوارئ الذي يعود إلى 48 سنة خلت.
ومع ذلك، عندما سار الناس في المدينة بعد صلاة الجمعة في 18 آذار 2011، فتحت قوات الأمن النار عليهم، ممّا أسفر عن مقتل أربعة أشخاص. في اليوم التالي، أطلقوا النار على المشيّعين في جنازات الضحايا، ممّا أسفر عن مقتل شخص آخر. تم حينها استدعاء الجيش لسحق المتظاهرين، لتصبح بعدها الاضطرابات والاحتجاجات خارج نطاق السيطرة في سوريا اليوم.
لو أنّ الأسد تعامل مع أحداث درعا بشكل افضل، واتخذ إجراءات صارمة ضد وحشية الشرطة، ونفّذ وعداً واحداً على الاقلّ من وعوده، لكانت الثورة اتخذت منحى مختلفاً جداً.
لو كان أكثر حذراً لأدرك أنّ ردة فعل الشعب أملتها الاحداث من حوله في المنطقة، شعب يحدوه الأمل بفعل نجاح جيرانه. ولكن بحلول الوقت الذي ألغى فيه الأسد قانون الطوارئ في نيسان من عام 2011، كان الأوان قد فات بعد أن أمعن الجيش السوري بإطلاق النار على المحتجّين العزل، فتصاعدت الاحتجاجات بشكل أكبر.
ومن الممكن ان يتعلّم أردوغان ومرسي من هذا النقص الهائل في الفطنة السياسية واتخاذ قرارات أفضل. ويبدو أنه ربما اليوم لن يبقى بالنسبة لهما أي أمل أيضاً.
سوء تقدير أردوغان ضد ما بدأ كحركة احتجاج سلمي من قبل مجموعة من ناشطي البيئة في محاولة لإنقاذ حديقة في حزيران عام 2013 أذهل الجميع نظراً لسمعته كسياسي محنّك. تصريحاته القاسية ضد المتظاهرين، اصراره على أن مشاريع التنمية ستمضي قدماً لأنه كان سبق وقرر ذلك، وعدم وجود أي إدانة جدية لوحشية الشرطة أدى إلى تواصل الاحتجاجات.
هذه التحركات، إلى جانب الأسلمة الزاحفة في المجتمع التركي، مع مشروع قانون يمنع استهلاك الكحول، والإجهاض وغيرها من التدابير، زرعت بذور السخط ضده وضد حزبه.
وقد سبق وأعلن أعضاء حزب العدالة والتنمية الذين هم رؤساء البلديات وقادة في المدن الصغيرة بأنهم سيعيدون النظر في القرارات والتعاطي مع الناس بطريقة أكثر شفافية.
إعتباراً من 2 حزيران 2013، أعطي مرسي إنذاراً من الجيش ووجد نفسه محشوراً في زاوية. كان لتمكن من البقاء في السلطة، لو حل حكومته غير المجدية، وأبعد رئيس الوزراء وأصغى إلى بعض مطالب المعارضة.
ولو اظهر للناس أنه اعاد النظر في أولوياته من خلال تجميد خطط "الإخوان المسلمين" بأخونة المجتمع، لكان اشترى لنفسه ليس فقط بعض الوقت، ولكن أيضا تجنب ثورة أخرى. أمر كان سيكون من دون شك أكثر دموية بكثير من الماضي. إجباره على الخروج، ينبغي أن يقتدي خليفته به.
في سياق الاحتجاجات الواسعة والسكان الساخطين وثورات الشرق الأوسط، تبرز التجربة الأردنية. شهدت الأردن تحت حكم الملك عبدالله الثاني حصة عادلة من الاحتجاجات مع تقوية شوكة الفرع الاردني لجماعة "الإخوان المسلمين".
لكنّ هذه الاحتجاجات تلاشت مع الحد الأدنى من العنف مفسحة المجال لسلام بارد. ولو لم يحل الملك الاردني الحكومة في المراحل المبكرة، ويدعو لانتخابات وتخفيف بعض القيود لكان العالم ربما رأى عائلة مالكة أخرى في المنفى.
التغيير ليس ممكناً بين عشية وضحاها. ولكن مجرد إقرار القائد بأنّ التغيير هو المطلوب يعتبر خطوة جيدة للتعامل مع الثورة. في عصر التويتر ومواقع التواصل الاجتماعي، يجد القادة أنفسهم عرضة للمساءلة أمام الجمهور بطرق لم يسبق لها مثيل. الزعيم الأحمق هو الذي لا ينتبه إلى قوة الشرارة الصغيرة وضخامة وسائل التواصل الاجتماعي، ويكتفي بإلقاء اللوم على التدخل الأجنبي لتحريك الاضطرابات.
لو استمع الأسد إلى شعبه، الذي كان يريد الحرية والديموقراطية وليس اسقاطه، لما كانت سوريا في خضم حرب أهلية. ولو اصغى اردوغان ومرسي إلى الملايين في الشارع، وقلّصا عنادهما وقاما بحوار واضح مع الجانب الآخر، فإنّ المستقبل كان سيكون ممتناً لهما.
وأما سوى ذلك فسيكون مرسي بالتأكيد هو السبب وراء سيل الدماء في مصر، وأردوغان هو السبب وراء احتمال سقوط حزب العدالة والتنمية. 2014 هو عام مهم بالنسبة لتركيا ولأردوغان الذي جعل لبلده مكانة في عقد من الزمان، ولا ينقص أردوغان سوى ممارسة بعض من التبصّر في الأيام المقبلة.
المرأة الحديدية في الهند، على ما يبدو، كانت تعاني من نقص غريب في التبصّر عندما وصل الأمر إلى المعارضة المتزايدة في البلاد، فدفعت حياتها ثمناً لذلك.
غياب التبصّر والتفكير الاستراتيجي يعانيه قسم كبيرمن قادة العالم. وقد اعتمد العديد من القادة النهج المكيافيلي باستخدام القوة للاحتفاظ بالسلطة. بعد 500 سنة على أطروحة مكيافيلي، سيكون مصير العديد من القادة تماماً كما سقط بطله سيزار بورجيا.
وجود بُعد نظر لا يتطلّب التنبّؤ للمستقبل أو نذوراً من الكهنة، بل يقضي بأن يملك القائد العظيم مهارة الاستماع إلى صوت الشعب، وإدراك أنّ التغييرات الصغيرة من شأنها أن تحدث فارقاً كبيراً.
في الوقت الحاضر، انّ قادة مثل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان والرئيس المخلوع محمد مرسي يتطلّب منهم ممارسة قدر معيّن من التبصّر. ولو قام الرئيس السوري بشار الأسد وحاشيته، بتطبيق أفعال بسيطة من الحكم الرشيد من قبل، لكانت سوريا مكاناً مختلفاً جداً اليوم.
مرسي واردوغان من غير المرجح أن يدفعا حياتهما ثمناً، لكنّ الأسد سيدفع ذلك الثمن في يوم من الأيام.في آذار 2011 وفي درعا البلدة الصغيرة في جنوب سوريا، ألقي القبض على مجموعة من أطفال المدارس الصغار وتعذيبهم لكتاباتهم على جدران مدرستهم، ودعوتهم إلى إجراء تغييرات في النظام. هم نادوا بالديموقراطية والحرية ولكن ليس بسقوط رئيسهم، بشار الأسد.
إحتجّ أولياء أمورهم ضد وحشية الشرطة، فتدخلت الحكومة وقدّمت تنازلات صغيرة لهذه الأسر. تبعها مشهد سلمي احتجاجاً على وحشية الشرطة ولوضع حد لقانون الطوارئ الذي يعود إلى 48 سنة خلت.
ومع ذلك، عندما سار الناس في المدينة بعد صلاة الجمعة في 18 آذار 2011، فتحت قوات الأمن النار عليهم، ممّا أسفر عن مقتل أربعة أشخاص. في اليوم التالي، أطلقوا النار على المشيّعين في جنازات الضحايا، ممّا أسفر عن مقتل شخص آخر. تم حينها استدعاء الجيش لسحق المتظاهرين، لتصبح بعدها الاضطرابات والاحتجاجات خارج نطاق السيطرة في سوريا اليوم.
لو أنّ الأسد تعامل مع أحداث درعا بشكل افضل، واتخذ إجراءات صارمة ضد وحشية الشرطة، ونفّذ وعداً واحداً على الاقلّ من وعوده، لكانت الثورة اتخذت منحى مختلفاً جداً.
لو كان أكثر حذراً لأدرك أنّ ردة فعل الشعب أملتها الاحداث من حوله في المنطقة، شعب يحدوه الأمل بفعل نجاح جيرانه. ولكن بحلول الوقت الذي ألغى فيه الأسد قانون الطوارئ في نيسان من عام 2011، كان الأوان قد فات بعد أن أمعن الجيش السوري بإطلاق النار على المحتجّين العزل، فتصاعدت الاحتجاجات بشكل أكبر.
ومن الممكن ان يتعلّم أردوغان ومرسي من هذا النقص الهائل في الفطنة السياسية واتخاذ قرارات أفضل. ويبدو أنه ربما اليوم لن يبقى بالنسبة لهما أي أمل أيضاً.
سوء تقدير أردوغان ضد ما بدأ كحركة احتجاج سلمي من قبل مجموعة من ناشطي البيئة في محاولة لإنقاذ حديقة في حزيران عام 2013 أذهل الجميع نظراً لسمعته كسياسي محنّك. تصريحاته القاسية ضد المتظاهرين، اصراره على أن مشاريع التنمية ستمضي قدماً لأنه كان سبق وقرر ذلك، وعدم وجود أي إدانة جدية لوحشية الشرطة أدى إلى تواصل الاحتجاجات.
هذه التحركات، إلى جانب الأسلمة الزاحفة في المجتمع التركي، مع مشروع قانون يمنع استهلاك الكحول، والإجهاض وغيرها من التدابير، زرعت بذور السخط ضده وضد حزبه.
وقد سبق وأعلن أعضاء حزب العدالة والتنمية الذين هم رؤساء البلديات وقادة في المدن الصغيرة بأنهم سيعيدون النظر في القرارات والتعاطي مع الناس بطريقة أكثر شفافية.
إعتباراً من 2 حزيران 2013، أعطي مرسي إنذاراً من الجيش ووجد نفسه محشوراً في زاوية. كان لتمكن من البقاء في السلطة، لو حل حكومته غير المجدية، وأبعد رئيس الوزراء وأصغى إلى بعض مطالب المعارضة.
ولو اظهر للناس أنه اعاد النظر في أولوياته من خلال تجميد خطط "الإخوان المسلمين" بأخونة المجتمع، لكان اشترى لنفسه ليس فقط بعض الوقت، ولكن أيضا تجنب ثورة أخرى. أمر كان سيكون من دون شك أكثر دموية بكثير من الماضي. إجباره على الخروج، ينبغي أن يقتدي خليفته به.
في سياق الاحتجاجات الواسعة والسكان الساخطين وثورات الشرق الأوسط، تبرز التجربة الأردنية. شهدت الأردن تحت حكم الملك عبدالله الثاني حصة عادلة من الاحتجاجات مع تقوية شوكة الفرع الاردني لجماعة "الإخوان المسلمين".
لكنّ هذه الاحتجاجات تلاشت مع الحد الأدنى من العنف مفسحة المجال لسلام بارد. ولو لم يحل الملك الاردني الحكومة في المراحل المبكرة، ويدعو لانتخابات وتخفيف بعض القيود لكان العالم ربما رأى عائلة مالكة أخرى في المنفى.
التغيير ليس ممكناً بين عشية وضحاها. ولكن مجرد إقرار القائد بأنّ التغيير هو المطلوب يعتبر خطوة جيدة للتعامل مع الثورة. في عصر التويتر ومواقع التواصل الاجتماعي، يجد القادة أنفسهم عرضة للمساءلة أمام الجمهور بطرق لم يسبق لها مثيل. الزعيم الأحمق هو الذي لا ينتبه إلى قوة الشرارة الصغيرة وضخامة وسائل التواصل الاجتماعي، ويكتفي بإلقاء اللوم على التدخل الأجنبي لتحريك الاضطرابات.
لو استمع الأسد إلى شعبه، الذي كان يريد الحرية والديموقراطية وليس اسقاطه، لما كانت سوريا في خضم حرب أهلية. ولو اصغى اردوغان ومرسي إلى الملايين في الشارع، وقلّصا عنادهما وقاما بحوار واضح مع الجانب الآخر، فإنّ المستقبل كان سيكون ممتناً لهما.
وأما سوى ذلك فسيكون مرسي بالتأكيد هو السبب وراء سيل الدماء في مصر، وأردوغان هو السبب وراء احتمال سقوط حزب العدالة والتنمية. 2014 هو عام مهم بالنسبة لتركيا ولأردوغان الذي جعل لبلده مكانة في عقد من الزمان، ولا ينقص أردوغان سوى ممارسة بعض من التبصّر في الأيام المقبلة.
الأكثر قراءة
الأكثر قراءة
06:31
عون لـ"الحزب": هذا ما أبلغته إلى وفد أميركي

1
May 28
مانشيت "الجمهورية": توقّع عاصفة بين سلام والحزب... و"الثنائي" الرابح الأكبر في البلديات

2
07:18
اختبار البلديات: امتحانٌ للأرضية الحزبية تمهيداً للنيابية

3
08:37
قراءة نتائج الانتخابات... وهذا ما أكده مصدر سياسيّ رفيع لـ"الجمهورية"

4
06:25
إدعاءات متضاربة حول محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس"

5
May 27
الأوراق انكشفت مسيحياً وقانون البلديات «مش ماشي»

6
06:21
زيلينسكي إلى برلين... وميرتس يتقدّم كمُناصر لأوكرانيا

7
08:33
"ملفات" ستتصدّر الاهتمام الرسمي والسياسي في المرحلة المقبلة

8
