كيف يؤثر سنّ اليأس على الجسم؟
كيف يؤثر سنّ اليأس على الجسم؟
Monday, 22-Dec-2025 06:47

يُنظر إلى سنّ اليأس غالباً من زاوية واحدة: الهبّات الساخنة. لكنّ هذه المرحلة المفصلية من حياة المرأة أوسع وأعقد بكثير، وتمتد تأثيراتها من الدماغ حتى العظام. فخلال مرحلة ما قبل انقطاع الطمث وما يَليها، يبدأ المبيضان بتقليص إنتاج هرموني الإستروجين والبروجستيرون، وهما عنصران أساسيان شاركا منذ البلوغ في تنظيم عشرات الوظائف الحيَوية داخل الجسم.

الخلايا في التغيّرات تبالغ في ردّ فعلها

مع تراجع الإستروجين تحديداً، تبدأ سلسلة تغيّرات قد تكون مفاجئة أحياناً. على مستوى الدماغ، تُعدّ هذه المرحلة عصبية بامتياز. فالإستروجين يساهم في تنظيم الخلايا العصبية، ولا سيما في منطقة تحت المهاد المسؤولة عن حرارة الجسم. وعندما يتذبذب مستواه، قد تبالغ هذه الخلايا في ردّ فعلها، فتظهر الهبّات الساخنة، وغالباً ما تترافق مع الأرق.

 

قلّة النوم بدورها تؤثر على التركيز والذاكرة، ما يفسر «ضبابية الدماغ» التي تشكو منها كثيرات. حتى من دون أرق، ترتبط هذه المرحلة بتراجع في القدرة على تذكّر الكلمات والمعلومات اليومية. كما تبرز تغيّرات مزاجية مثل القلق والاكتئاب وسرعة الانفعال، نتيجة تداخل النوم المضطرب مع تأثير الهرمونات على النواقل العصبية.

 

في الفم والحنجرة، يؤدّي انخفاض الإستروجين إلى الجفاف بسبب تراجع إفراز اللعاب، ما يُغيّر حاسة التذوّق ويؤثر على صحة الفم عموماً. وقد تلاحظ بعض النساء تغيُّراً في الصوت، فيصبح أكثر خشونة أو عمقاً، نتيجة تأثر الأحبال الصوتية ونقص الترطيب. ومع زيادة الوزن وفقدان الكتلة العضلية، قد يرتفع خطر انقطاع النفس أثناء النوم.

 

الخطر القلبي إلى ازدياد

أمّا القلب، فبعد سنوات من الحماية النسبية، يبدأ الخطر القلبي بالازدياد. فالإستروجين يساعد في ضبط الكوليسترول والحفاظ على مرونة الشرايين. ومع تراجعه، ترتفع الضغوط الشريانية ويزداد تصلّب الأوعية، لتقترب مخاطر النساء من الرجال بعد انقطاع الطمث. كما قد تظهر خفقانات قلبية مزعجة، غالباً غير خطيرة، لكنّها تستوجب المتابعة.

 

يتغيّر الأيض أيضاً، إذ يَميل الوزن إلى التركّز في منطقة البطن بدل الوركَين والفخذَين، مع زيادة طفيفة في الوزن تعود جزئياً إلى قلّة النوم وازدياد مقاومة الإنسولين.

 

في الجهاز التناسلي والبولي، يُعدّ الجفاف المهبلي سمة بارزة، ما يُسبِّب ألماً أثناء العلاقة الحميمة وحتى خلال الجلوس أو المشي. يترافق ذلك مع تراجع الرغبة الجنسية وصعوبة الوصول إلى النشوة بسبب انخفاض التروية الدموية وضعف عضلات الحوض. كما تتبدّل بيئة المهبل الجرثومية، ما يُسهِّل التهابات المسالك البولية وتكرار التبوّل أو تسرُّبه.

 

ليست كل الأعراض حتمية أو حصرية لسنّ اليأس

 

أخيراً، تؤثر هذه المرحلة بقوّة على العظام والعضلات. فمع اختلال توازن البناء والهدم العظمي، تنخفض كثافة العظام وقد تصل الخسارة إلى نِسَب مقلقة، مع آلام مفصلية عامة ناجمة عن فقدان المرونة والرطوبة في الأنسجة.

 

ليست كل الأعراض حتمية أو حصرية لسنّ اليأس، لكن كثيراً منها يرتبط به فعلياً. بعض التغيّرات يتراجع مع تكيّف الجسم، وأخرى تستمر. العلاج الهرموني، عند استخدامه بشكل مدروس، قادر على تخفيف طيف واسع من الأعراض، إلى جانب علاجات موضعية وخيارات غير هرمونية حديثة، ما يجعل هذه المرحلة أقل قسوة وأكثر قابلية للتكيّف.

theme::common.loader_icon