6 سنوات لأرتيتا في أرسنال: ما التالي له وللنادي؟
6 سنوات لأرتيتا في أرسنال: ما التالي له وللنادي؟
جيمس ماكنيكولاس- نيويورك تايمز
Saturday, 20-Dec-2025 06:27

في عام 2019، كان الإسباني ميكيل أرتيتا، الذي عُيّن حديثاً آنذاك، يتابع من المدرجات تعادل أرسنال وإيفرتون سلباً. وبمفارقة قدرية، يواجه أرسنال الخصم نفسه هذا الأسبوع، فيما يُتمّ أرتيتا 6 سنوات على مقاعد البدلاء كمدير فني. لقد أُعيد تشكيل قسم كرة القدم للرجال على صورته، وأصبح من الصعب أكثر فأكثر تخيّل أرسنال من دونه. لكنّ الحقيقة الوحيدة المؤكّدة هي أنّ ذلك اليوم سيأتي. إلى متى سيبقى أرتيتا في شمال لندن؟ وعندما يرحل، متى وأين قد تكون وجهته؟

اللافت أنّ هذه الفترة الممتدة لـ6 سنوات تجعل أرتيتا (43 عاماً) ثاني أطول مدرب خدمة في الدوري الممتاز بعد مواطنه بيب غوارديولا، الذي يقترب من الذكرى العاشرة لتعيينه مدرباً لمانشستر سيتي. هذا الامتداد في الحُكم أصبح أمراً نادراً على نحو متزايد: فأرتيتا، الذي وقّع عقداً جديداً لـ3 سنوات في أيلول 2024، بات الآن ثالث أطول المدربين خدمة في الدرجات الـ4 الأولى في إنكلترا.
تقول مصادر مقرّبة من أرتيتا، إنّه لم يسعَ يوماً لأن يكون مدرباً طويل الأمد على غرار الفرنسي أرسين فينغر أو الاسكتلندي السير أليكس فيرغسون، اللذَين امتدّ تنافسهما لعقود. بل إنّ بعضهم يرى أنّ فكرة أن يحذو حذو غوارديولا ويبقى في أرسنال 10 سنوات كاملة، غير واقعية.
وقد تكون غير صحية أيضاً. أرتيتا يعيش عمله بكثافة حماسية. إنّ إعادة إحياء أرسنال كانت مشروعاً شاقاً ومستنزِفاً. وهناك قبول بأنّ أرتيتا، عاجلاً أم آجلاً، سيحتاج إلى استراحة. مع ذلك، فإنّ مبرِّرات الاستمرار في أرسنال قوية.

الانتقال إلى مستوى أعلى
قبل 12 شهراً، أحيا أرتيتا الذكرى الخامسة لقدومه قائلاً: «الآن علينا أن ننتقل إلى مستوى آخر». أرسنال يقف على حافة التحوّل من منافس إلى فائز. يملك الفريق تشكيلة ممتازة في ذروة أعمارها، وجميعها تقريباً مرتبطة بعقود للمدى المنظور. يمكن القول إنّ أرسنال في بداية مرحلة جديدة، قد يجني فيها أرتيتا ثمار مشروع إعادة البناء الذي أشرف عليه.
الابتعاد عن ذلك سيكون صعباً، وربما غير منطقي. لم يكن غوارديولا يُخطِّط للبقاء عقداً كاملاً في سيتي، لكنّ للانتصارات جاذبية إدمانية. فاز أرتيتا بكأس الاتحاد الإنكليزي عام 2020، لكن لم تأتِ بعدها ألقاب ذات مصداقية. وبعد انتظار طويل، لا بُدّ أنّه يرغب في استثمار صعود أرسنال.
هناك أيضاً المسألة المهمّة المتعلّقة بحياته الشخصية. أرتيتا وعائلته مستقرّون في لندن. والاضطراب الذي قد تُسبِّبه خطوة انتقال، وعلى الأرجح إلى بلد آخر، سيؤثر حتماً في تفكيره.
هل سيحظى أرتيتا بالسلطة نفسها التي يتمتع بها في أرسنال في أي مكان آخر؟ خلال السنوات الـ6 الماضية، رسّخ سيطرته على الفريق الأول للرجال. طموحه هو النار المطهِّرة التي ساعدت في تحويل أرسنال، ونفوذه يمتد عبر معظم أقسام النادي تقريباً.
المعايير لأي نادٍ يسعى لاستقطاب أرتيتا ستكون على الأرجح مزدوجة. يحتاج إلى المال، سواء لتلبية راتبه الكبير أو لاستقدام المواهب النخبوية. كما يجب أن يشعر بإمكانية الفوز هناك.
وهذا يترك قائمة قصيرة نسبياً من الوجهات المحتملة. أندية مثل باريس سان جيرمان الفرنسي، برشلونة وريال مدريد الإسبانيَّين، ومانشستر سيتي قد تفي بالغرض. والمثير للاهتمام أنّ 3 من هذه الأندية تربطها بأرتيتا علاقة شخصية عميقة.
في مسيرته القصيرة كمدرب، تلقّى أرتيتا بالفعل تعبيرات اهتمام من أكثر من واحد من هؤلاء الطامحين المحتملين. وذكرت صحيفة «ذا أثلتيك»، أول أمس، أنّ الإيطالي إنزو ماريسكا، مدرب تشلسي اللندني يتقدّم قائمة المرشحين الذين يدرسهم سيتي في حال رحيل غوارديولا عن ملعب «الاتحاد» الصيف المقبل. إنّ التوقع المتزايد بأنّ هذا الموسم قد يكون الأخير لغوارديولا قد يتحوّل إلى ورقة ضغط بيَد أرتيتا في أي مفاوضات مع أرسنال، حتى لو أدرك جميع الأطراف أنّ خطوة كهذه ستكون حساسة سياسياً.
قد تمنحه تجربة مواطنه تشابي ألونسو مع ريال مدريد ما يدعوه للتفكير ملياً. ألونسو، الصديق المقرّب والمعاصر لأرتيتا، غادر باير ليفركوزن الألماني إلى العاصمة الإسبانية هذا الصيف، مستبدلاً أول منصب تدريبي له بقوّة أوروبية تقليدية. وكان الانتقال صعباً.
لقد بنى أرسنال واحدة من أكثر التشكيلات هيبة في أوروبا، وبثمن باهظ. فالإنفاق الصيفي الإضافي البالغ 250 مليون جنيه إسترليني (334 مليون دولار) رفع صافي الإنفاق على الانتقالات خلال السنوات الـ6 الماضية إلى أكثر من نصف مليار. أرسنال راهن بكل أوراقه، لأنّه يستشعر فرصة للفوز الآن - للفوز مع أرتيتا.
غير أنّ هذا الحجم من الإنفاق الصيفي قد لا يكون ممكناً عاماً بعد عام. وبينما يأمل أرسنال أن يفتح النجاح داخل الملعب، وتحسّن الإيرادات التجارية باب الإنفاق مستقبلاً، فإنّ الاحتمال الأكبر هو أنّه في مرحلة ما سيكون لا بُدّ من إعادة التوازن.
عائلة كرونكي، التي تملك النادي عبر شركة «كرونكي سبورتس آند إنترتينمنت» (KSE)، سمحت (وضمنت) طفرة انتقالات وضعت أرسنال في موقع يؤهله للفوز. وهم يخوضون معارك كتفاً إلى كتف مع أندية مدعومة من دول.
لكن على المدى المتوسط والطويل، هل يستطيع أرسنال المُدار باستدامة ومسؤولية مالية أن يكون فائزاً دائماً؟ وإذا شعر أرتيتا بأنّ الأموال قد لا تستمر في التدفّق بالحرّية عينها، فهل سيؤثر ذلك في قراره؟ البقاء تنافسياً سيكون شرطاً ضرورياً لأي تمديد.

التجديد الباهظ
ومهما بلغ الانسجام بين المدرب والنادي، فإنّ تجديد ولاية أرتيتا نادراً ما يكون أمراً بسيطاً. فهو مدرب مطلوب، وتأمين مستقبله يأتي بثمن. وبناءً عليه، يُعدّ من بين الأعلى أجراً في عالم التدريب.
ثم هناك الطاقم الفني المساعد. وقّع أرتيتا عقده في أيلول 2024، لكنّ أرسنال اضطرّ بعد ذلك إلى التوصّل لاتفاقات مع جهازه التدريبي. كانت عملية مطوّلة ومكلفة. عقد جديد لـ3 سنوات لأرتيتا وطاقمه سيُشكّل حزمة باهظة.
في المرّة الماضية، تفاوض المدير الرياضي آنذاك إيدو على عقد أرتيتا، بإشراف نائب رئيس مجلس الإدارة التنفيذي تيم لويس. ولم يعُد أي منهما في النادي الآن، لذا ستقع المسؤولية على الأرجح على عاتق المدير الرياضي الجديد أندريا بيرتا والرئيس التنفيذي ريتشارد غارليك، مع المصادقة النهائية من عائلة كرونكي.
يتبقى لأرتيتا موسم ونصف في عقده. عادةً، كان يُتوقع أن تبدأ المفاوضات نحو آذار، بهدف التوصل إلى اتفاق قبل دخول المدرب عامه الأخير. ربما لن يكون هناك استعجال كبير هذه المرّة. فتركيز أرتيتا مُنصَبّ على الحاضر وعلى الفوز. وقد يكون من مصلحة كلٍّ من أرسنال وأرتيتا الانتظار حتى نهاية الموسم، حين يتضح ما إذا كان المدرب قد حقق النجاح الذي يتوق إليه النادي.
وهذا، بالطبع، يطرح السؤال الصعب: ماذا لو لم يفز آرسنال؟ هل يمتلك أرتيتا القدرة على النهوض والمحاولة من جديد؟ وهل سيمنحه أرسنال ذلك؟ موسم آخر بلا ألقاب، بعد هذا الاستثمار الضخم، سيترك أرسنال أمام أسئلة صعبة.
وهي أسئلة يفضّل أرسنال ألّا يواجهها. أرتيتا في صلب خططهم، وهو بطلهم الرئيسي. كما أنّ العثور على مدرب نخبة ليس أمراً سهلاً. غالباً ما يُقال إنّ أرسنال يجني ثمار صبره مع أرتيتا. وبالقدر عينه، هم مستفيدون من مقامرة هائلة، بعدما عيّنوا مدرباً غير مُجرَّب، تبيّن أنّه أحد ألمع وأفضل أبناء جيله.
يستحقون الثناء على جرأتهم وعلى ثباتهم، لكنّ هذا النموذج ليس من السهل تكراره. قلّة من المدربين يتعافون كما فعل أرتيتا بعد شتاء 2020 الصعب، أو يحققون هذا القدر من التقدُّم في سنواتهم الأولى. أرتيتا استثناء، لا قاعدة.
المحادثات مع أرتيتا حول مستقبله تلوح في الأفق. ومع تصدّر أرسنال المشهد في الدوري الإنكليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا، في الوقت الراهن على الأقل، فإنّ مدرب أرسنال هو مَن يمسك بجميع الأوراق.

theme::common.loader_icon