هل الجبن يُسهم بانخفاض خطر الخرف؟
هل الجبن يُسهم بانخفاض خطر الخرف؟
Saturday, 20-Dec-2025 06:25

عاد دهن الألبان إلى واجهة الجدل العلمي مجدّداً، بعد دراسة واسعة نُشرت حديثاً، أشارت إلى أنّ تناول الجبن كامل الدسم أو القشدة قد يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالخرف. خبرٌ قد يُسعِد عشّاق الجبن، لكنّه في الوقت عينه يستدعي قدراً كبيراً من الحذر قبل رفع راية الانتصار الغذائية.

الدراسة الجديدة، المنشورة في مجلة Neurology، تابعت نحو 28 ألف شخص في السويد تتراوح أعمارهم بين 45 و73 عاماً، منذ تسعينات القرن الماضي.
سجّل المشاركون بدقّة كل ما تناولوه من طعام وشراب على مدى 7 أيام، وخضعوا إلى استبيانات ومقابلات شخصية. وبعد عقود، عاد الباحثون إلى السجلّات الطبية الوطنية لمعرفة مَن أُصيب بالخرف، وربطوا ذلك بأنماطهم الغذائية في بداية الدراسة، مع الأخذ في الاعتبار عوامل صحية أخرى كالتدخين، استهلاك الكحول، ارتفاع ضغط الدم، والتاريخ العائلي لأمراض القلب.
النتيجة اللافتة كانت أنّ نحو 10% فقط من الذين تناولوا يومياً ما لا يقلّ عن 50 غ من الجبن كامل الدسم أُصيبوا بالخرف بحلول عام 2020، مقابل 13% بين مَن تناولوا كميات أقل بكثير. كما أظهرت البيانات أنّ استهلاك القشدة كاملة الدسم بكمّيات معتدِلة ارتبط أيضاً بانخفاض الخطر، في حين لم يُسجَّل أي ارتباط واضح مع الزبدة، الحليب، أو منتجات الألبان قليلة الدسم.
لكنّ الصورة ليست وردية بالكامل. فالجبن والقشدة غنيان بالدهون المشبّعة، التي لطالما حذّرت الإرشادات الغذائية من الإفراط فيها بسبب دورها في رفع الكوليسترول الضار، وزيادة مخاطر أمراض القلب والسكتات الدماغية.
وعلى رغم من أنّ بعض المسؤولين الصحيِّين في الولايات المتحدة لمّحوا أخيراً إلى احتمال مراجعة هذه التوصيات، فإنّ كثيراً من الخبراء يخشون أن يؤدّي ذلك إلى عواقب صحية خطيرة.
الأهم أنّ الدراسة لا تُثبِت علاقة سببية، بل ترصُد مجرّد ارتباط إحصائي. كما أنّها قيّمت النظام الغذائي للمشاركين مرّة واحدة فقط، على رغم من أنّ عادات الأكل قد تتغيّر جذرياً على مدى سنوات طويلة.
تحليل إضافي أظهر أنّ استبدال الجبن باللحوم الحمراء الدسمة أو المصنّعة ارتبط بانخفاض خطر الخرف، ما يوحي بأنّ الجبن قد يكون خياراً "أقل سوءاً" مقارنةً بتلك الأطعمة، لا أنّه غذاء وقائياً بحد ذاته.
ويُرجّح الباحثون أنّ بعض مكوّنات الجبن، مثل فيتامينَي K وB12 أو الكالسيوم، قد تلعب دوراً إيجابياً. لكنّ خبراء آخرين يؤكّدون أنّ الدهون غير المشبّعة، الموجودة في زيت الزيتون، الأسماك، المكسّرات، والحبوب الكاملة، ما زالت الخيار الأفضل لصحة الدماغ على المدى الطويل.
الخلاصة بسيطة: لا داعي لزيادة استهلاك الجبن بناءً على هذه الدراسة وحدها. يمكن إدخاله باعتدال ضمن نظام غذائي متوازن، لكنّ الوقاية الحقيقية من التدهور المعرفي تظلّ مرتبطة بأنماط غذائية غنية بالنباتات، على غرار حمية البحر المتوسط أو نظام MIND، حيث الخضار والفواكه والبقول والدهون الصحية هي الأبطال الحقيقيّون.

theme::common.loader_icon