هل يلحق نيمار بالبرازيل في كأس العالم الأخيرة؟
هل يلحق نيمار بالبرازيل في كأس العالم الأخيرة؟
جاك لانغ- نيويورك تايمز
Thursday, 18-Dec-2025 06:28

«قد يكون الوقت السيّئ أحياناً فألاً حسناً». إنّها واحدة من الحِكَم التي يتمسّك بها البرازيليّون عندما لا تسير الأمور على ما يرام مع منتخبهم الوطني، تميمة صغيرة للروح. تذكيرٌ بأنّ النجاح، على رغم من كل فوائد الاستقرار والتخطيط الرشيد، كثيراً ما يُستحضر من قلب الفوضى.

لا تحتاج إلى البحث بعيداً عن إنجازات البرازيل في كأس العالم، للعثور على الأدلة الداعمة. ففي عام 1970، أُقيل المدرب جواو سالدانيا قبل فترة وجيزة من البطولة، وحبس بلدٌ بأكمله أنفاسه قلقاً على جاهزية المهاجم توستاو. وفي عام 1994، احتاجت البرازيل إلى هدفَين متأخّرَين أمام الأوروغواي لتنتزع بطاقة التأهل في اللحظة الأخيرة. ثم جاءت الفترة التي سبقت كأس العالم 2002، التي يُستشهد بها بكثرة متزايدة في الأشهر الأخيرة. والمقارنات مع اللحظة الراهنة لا مفرّ منها.
مرّت البرازيل بـ4 مدربين خلال تلك الدورة؛ وهي اليوم مع مدربها الرابع في هذه الدورة أيضاً. في عام 1993، خرجت متعثرة من «كوبا أميركا» عند ربع النهائي؛ ونسخة 2024 سارت على هذا النهج. بلغت كأس العالم 2002 بشق الأنفس؛ وكانت الأمور هذه المرّة أقل توتراً بقليل لا أكثر.
بالنسبة إلى المؤمنين الحقيقيِّين، تبدو هذه المعطيات مقنعة إلى حدّ كبير. غير أنّ الأسابيع الأخيرة أضافت عنصراً آخر إلى هذا المزيج. بعد تأهل البرازيل إلى بطولة 2002، تحوّل تركيز الإعلام إلى قصة بحجم إنساني. تمحوَرت حول روماريو، الأيقونة المشاكسة لدى الجمهور، ومحاولته أن يجرّ نفسه إلى كأس عالم أخيرة. شُنَّت حملة إعلامية مطوّلة دعماً له. حتى رئيس البلاد آنذاك، فرناندو هنريكي كاردوسو، أدلى بدلوه. وعندما تجاهل المدرب لويز فيليبي سكولاري الدعوات لضمّ روماريو إلى قائمته، واجه حشداً غاضباً في ريو دي جانيرو. عقد روماريو نفسه مؤتمراً صحافياً وانفجر بالبكاء. وبعد شهرَين، هزَمت البرازيل ألمانيا ورفعت كأس العالم الخامسة في تاريخها.
أنت تعرف إلى أين يتّجه هذا الكلام الآن، ونعم، حان الوقت فعلاً لإدخاله إلى المشهد: أمير الشغب في 2026، الرجل الذي ستُدمج حالته الفنية والبدنية والنفسية وحتى قصة شعره في سردية عملاقة متواصلة خلال الأشهر الستة المقبلة.
لِمَن غادروا «عالم نيمار» (33 عاماً) في العام أو العامَين الماضيَين، إليكم ملخّصاً سريعاً للوضع. غادر نيمار باريس سان جيرمان إلى الهلال السعودي في آب 2023، وتعرّض لإصابة خطيرة في الركبة بعد شهرَين، فلم يلعب لهم مجدّداً. في كانون الثاني، عاد إلى البرازيل موقّعاً مع نادي طفولته سانتوس. خاض 29 مباراة، سجّل 11 هدفاً وصنع 4 أخرى. غاب عن 17 مباراة بسبب الإصابة.
هذه الأرقام، للوهلة الأولى، لا تبعث على التفاؤل (روماريو، للمقارنة، كان في الـ36 من عمره لكنّه سجّل 40 هدفاً مع فاسكو عام 2001 و66 هدفاً عام 2000). كما أنّ التعمّق فيها لا يصبّ كثيراً في صالحه. 6 من مساهماته التهديفية الـ15 جاءت في مباريات مجموعات منخفضة الوهج ضمن بطولة ولاية ساو باولو.
هذا لا يعني أنّه لم تكن هناك لحظات نعمة، ومضات صغيرة من نيمار القديم. فقد حصل على ركلة جزاء بلمسة مهارية رائعة أمام أغوا سانتا في شباط، وسجّل مباشرة من ركلة ركنية بعد أسبوعَين. وفي المراحل الأخيرة من الدوري، أنقذ سانتوس من صراع الهبوط شبه وحيد، على رغم من معاناته من مشكلة في الغضروف الهلالي.
ومع ذلك، لا شك في أنّ الانخفاضات كانت أكثر من القمم. إصابات متكرّرة في عضلات الفخذ الخلفية عطّلت إيقاعه، وإيقاع فريقه. وحتى عندما كان جاهزاً بما يكفي للبدء أساسياً، بدا كمَن غاب عن الملاعب لأكثر من عام. وهذه نتيجة مفهومة لتلك الإصابة السيّئة في الركبة، لكنّها أيضاً ثمرة تباطؤ عام، وتلاشي سنوات المجد ذات السيقان المرنة في ضباب الذاكرة.
وبما أنّ الأمر يتعلّق بنيمار، لم تخلُ المرحلة أيضاً من الخلافات والدراما النفسية. فقد سخر من جماهير الخصم خلال خسارة 3-0 أمام ميراسول. وأمضى خسارة 3-2 أمام فلامنغو تشرين الثاني متذمّراً من زملائه والحكم، قبل أن يندفع غاضباً نحو النفق، متجاوزاً المدرب خوان بابلو فويفودا، بعد استبداله.
انتقده المدرب البرازيلي السابق فانديرلي لوكسمبورغو: «إنه اسم كبير، لكنّ تقديم القدوة الصحيحة أمر مهمّ. كرة القدم لعبة جماعية. القادة الحقيقيّون يدفعون فرقهم إلى الأمام بالعقلية الصحيحة». وتلاقى رأي لوكسمبورغو مع رأي مدرب سابق آخر للـ»سيليساو»، إيمرسون لياو: «هو ليس قدوة لأحد. لا أرى نيمار يحل مشاكلنا. لقد تجاوزناه».
قد تفترض، استناداً إلى سجله الإصابي وعمره، أنّنا دخلنا بثبات مرحلة ما بعد نيمار. كانت آخر مشاركة له مع البرازيل في تشرين الأول 2023، ومنذ ذلك الحين خاض 28 لاعباً مبارياتهم الدولية الأولى.
لكنّ نيمار، مثل روماريو، لاعب لا تستطيع البرازيل الإقلاع عنه. كارلو أنشيلوتي سُئل عنه في كل مؤتمر صحافي تقريباً منذ توليه تدريب المنتخب. هذا الأسبوع، أدّت أخبار خضوعه إلى عملية جراحية في غضروفه الهلالي المزعج إلى سَيل من القصص عن سباقه مع الزمن ليكون جاهزاً لصيف العام المقبل.
تزامناً، لا يزال كبار اللعبة في البرازيل يتحدثون عنه بنبرة تبجيلية. فاعتبر روماريو أنّ «البرازيل لا تملك فرصة للفوز بكأس العالم إلّا إذا كان موجوداً». وكان رونالدو نزاريو مؤيّداً: «إنّه لاعب حاسم للمنتخب الوطني. لا نملك لاعباً آخر مثله».
ولا يعاني أنشيلوتي نقصاً في الخيارات الهجومية. لكن لم يكن أي لاعب حاسماً للبرازيل باستمرارية مماثلة خلال الـ15 عاماً الماضية. ولا أحد يضاهيه في الإبداع. إذا تمكن من استعادة أفضل مستوياته، فسيكون استبعاده أمراً بالغ الصعوبة.
كان أنشيلوتي ثابتاً في موقفه: «إذا كان نيمار يستحق أن يكون هناك، وإذا كان جاهزاً ويُقدّم أداءً أفضل من الآخرين، فسيلعب في كأس العالم. أنا لا أدين لأحد بشيء».

theme::common.loader_icon