أخصائية تغذية
تؤكّد الأبحاث العلمية الحديثة الدور المحوري لجودة الطعام في إدارة الوزن والصحة الأيضية، متجاوزةً بذلك التركيز الحصري على عَدّ السعرات الحرارية. ففي خطوة تدعم مفهوم «الطعام كدواء»، سلّطت دراسة نُشِرَت حديثاً الضوء على الآثار الإيجابية المذهلة لتقليل استهلاك الأطعمة المعالجة للغاية على كبار السن.
الجودة تتفوّق على الكمّية
كشفت الدراسة، التي أجرتها جامعة ولاية جنوب داكوتا، عن تحسُّن كبير وملحوظ لدى أكثر من 100 مشارك من كبار السن بمجرّد خفض نسبة السعرات الحرارية القادمة من الأطعمة المصنّعة من 50% إلى 15% تقريباً. هذا التغيير البسيط في نوعية الغذاء كان له تأثير عميق على الجسم، فأدّى تلقائياً إلى انخفاض في كمّية السعرات الحرارية المتناولة يومياً بنحو 400 سعرة، من دون الحاجة لاتباع نظام غذائي صارم أو حساب دقيق للسعرات.
امتدّت التجربة لـ 18 أسبوعاً، وشهدت تحوّلات صحية هامة شملت تراجع نسبة الدهون الكلية في الجسم بـ10% ودهون البطن بنسبة 13%، وهي الدهون الحشوية التي ترتبط بمخاطر الأمراض الأيضية. كما تحسنت حساسية الإنسولين بنحو 23%، وهي إشارة قوية لتقليل خطر الإصابة بمقاومة الإنسولين والسكّري من النوع الثاني، بالإضافة إلى تحسن هرمونات تنظيم الشهية وانخفاض واضح في مؤشرات وعلامات الالتهاب المزمن في الجسم.
ما هي الأطعمة المصنّعة التي يجب تجنّبها؟
تتميّز الأطعمة المعالَجة للغاية (UPFs) باحتوائها على مكوّنات صناعية، زيوت مهدرجة، وكمّيات عالية من السكر المضاف والصوديوم، وغالباً ما تكون منخفضة الألياف والعناصر الغذائية الأساسية.
تشمل الأمثلة التي يجب تقليلها الوجبات الجاهزة والسريعة مثل البيتزا المجمّدة، النودلز سريعة التحضير، اللحوم المعالجة (هوت دوغ ونقانق)، المشروبات السكّرية (المشروبات الغازية والعصائر المعلّبة المُحَلّاة)، الوجبات الخفيفة والحلويات الصناعية.
بدلاً من ذلك، يجب التحوّل إلى نظام غذائي يعتمد على الغذاء الكامل أو قليل المعالجة. لتعويض الكربوهيدرات، استبدل الخبز الأبيض وحبوب الإفطار المحلّاة بالحبوب الكاملة (الشوفان، الأرز البنّي، والكينوا)، البقوليات (العدس والحمّص).
أمّا بالنسبة إلى البروتين، فيجب تفضيل مصادره الطبيعية كالدواجن الخالية من الجلد، الأسماك (السلمون والسردين)، والبيض، على حساب
اللحوم المصنّعة.
يجب أيضاً التركيز على الدهون الصحية (زيت الزيتون البكر، المكسّرات النيّئة والأفوكادو) بدلاً من الزيوت المكرّرة والسمن النباتي المهدرج.
لتبنّي هذا النهج، يُعدّ الطبخ المنزلي مفتاح ضمان جودة المكوّنات والتحكُّم في الإضافات الضارّة، مع ضرورة قراءة الملصقات الغذائية بذكاء لتجنّب الأطعمة ذات القوائم الطويلة من المكوّنات الكيميائية أو السكّر المضاف.
يجب أيضاً استبدال المشروبات السكّرية بالماء أو الماء المضاف إليه شرائح فواكه طبيعية، وضمان أنّ الطبق يحتوي على توازن من الخضروات، مصدر بروتين طبيعي، وكربوهيدرات من الحبوب الكاملة لدعم الشبع وتنظيم مستويات السكّر في الدم.
تؤكّد هذه الدراسة أنّ الاهتمام بجودة الغذاء وتبنّي استراتيجية تقليل الأطعمة المصنّعة هو تدخّل غذائي فعّال لتحسين الصحة الأيضية، مكافحة الإلتهاب المزمن، وتحسين نوعية الحياة بشكل شامل، خصوصاً لكبار السن.