أكدت سلطنة عُمان دعمها الكامل لسيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه، ولتعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية، وفي مقدّمها الجيش وقوى الأمن الشرعية، إضافة إلى دعمها لمسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية التي تعمل عليها القيادة اللبنانية.
وجاءت هذه المواقف في وقت اختتم فيه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون زيارته إلى السلطنة، حيث عقد سلسلة لقاءات تناولت، مسار المفاوضات بين بيروت وتل أبيب عبر "الميكانيزم"، نظراً إلى الدور البارز الذي لعبته السلطنة على مدى سنوات في حل ملفات إقليمية ودولية معقّدة.
وفي البيان اللبناني–العُماني المشترك الصادر عقب محادثات الرئيس عون مع السلطان هيثم بن طارق على مدى يومين، أعرب الجانبان عن القلق الشديد من استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية واحتلال الأراضي العربية، معتبرين أنها تشكّل خرقاً واضحاً للقرار 1701 ولسائر قرارات الشرعية الدولية. ودعيا إلى وقف هذه الاعتداءات فوراً والانسحاب من جميع الأراضي اللبنانية والعربية المحتلة، مع دعم الجهود الدولية الهادفة إلى منع التصعيد وتثبيت الاستقرار وتسهيل عودة النازحين وإعادة الإعمار.
كما شدّد البيان على الموقف العربي الثابت الداعي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وعلى أهمية تعزيز التضامن العربي واحترام سيادة الدول ومبادئ حسن الجوار والقانون الدولي.
بدوره، أكد رئيس مجلس الوزراء اللبناني نواف سلام في مقال نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" أنه استقال من رئاسة محكمة العدل الدولية ليتولى رئاسة الحكومة اللبنانية وهو مدرك تماماً ثقل المهمة، مشيراً إلى أن عودته لم تكن إلى دولة مستقرة بحكم رشيد، بل إلى بلد شبه منهار نتيجة عقود من سوء الإدارة والطائفية والفساد والحروب.
وأكد أن مستقبل لبنان لا يجب أن ينتهي عند الانهيار، مشددًا على أن حكومة قوية وحديثة قادرة على دعم روح الريادة والابتكار لدى اللبنانيين، وأن حكومته تعمل على انطلاقة وطنية جديدة ترتكز على ركنين أساسيين هما السيادة والإصلاح.
وفي ما يتعلق بركيزة السيادة، شدّد سلام على أن الدولة اللبنانية وحدها يجب أن تمتلك السلاح داخل أراضيها، وأنها وحدها من يملك قرار الحرب والسلم. وقال إن الحكومة أصدرت في 5 آب الماضي تعليمات للجيش بوضع خطة شاملة لحصر السلاح بيد الدولة، وفي الشهر التالي أُقرّت الخطة التي تنص في مرحلتها الأولى على مهلة ثلاثة أشهر لضمان احتكار الدولة للسلاح جنوب الليطاني واحتوائه في بقية المناطق. وأشار إلى تعزيز الأمن في مطار بيروت والمعابر الحدودية، وتفكيك مئات المستودعات والأسلحة غير المشروعة وشبكات التهريب.
أما الركيزة الثانية الإصلاح، فلفت سلام إلى أنها أساسية لإعادة بناء الاقتصاد وتعزيز المؤسسات. وأعلن إقرار قانون رفع السرية المصرفية وقانون إدارة الأزمات المصرفية، إضافة إلى إعداد قانون يضمن حقوق المودعين وتوزيعًا عادلًا للخسائر الناجمة عن الانهيار المالي. ورأى أن هذه الإصلاحات ضرورية لإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي ولتفكيك الاقتصاد النقدي الذي يغذي الجريمة وغسل الأموال.
وفي الشق الأمني، أكد سلام التزام لبنان بقرارات مجلس الأمن وإعلان وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل الصادر في تشرين الثاني 2024، لكنه اتهم إسرائيل بالاستمرار في انتهاك السيادة واحتلال خمسة مواقع في الجنوب واحتجاز مواطنين لبنانيين، محذرًا من أن هذه الانتهاكات تُضعف جهود بسط سلطة الدولة وتغذي احتمالات تجدد الصراع. ودعا المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف الاعتداءات ولتعزيز دعم الجيش اللبناني باعتباره الأكثر قدرة على حفظ الاستقرار.
وختم سلام بدعوة الدول الصديقة والشركاء الدوليين لدعم لبنان في مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي وفي جهود جذب الاستثمارات وإعادة الإعمار، قائلاً: "نحن لا نطلب من أحد أن يقوم بعملنا عنا، بل أن يقف معنا ويساعدنا على النجاح... لبنان مهم لاستقرار المنطقة، ولا نريد أن نعود إلى الزبائنية والفساد بل إلى دولة حقيقية قادرة على النهوض".
إلى عين التينة، حيث التقى السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى، برفقة رئيس مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان إدوارد غبريال وعدد من أعضاء الكونغرس (سيجولون على القوى اللبنانية السياسية)، برئيس مجلس النواب نبيه برّي، وخلال اللقاء، وبحسب معلومات صحافية، قال عيسى لبرّي "انّ هدف الزيارة هو الاستماع إليك، للمساعدة في معالجة الملفات، سيما أن بعض المعطيات تفهم بشكل خاطئ حول الوضع اللبناني، ولذلك يفضل الاستماع اليك مباشرة تفادياً للأخبار المغلوطة". ولفت عيسى بعد انتهاء اللقاء إلى أن "اسرائيل تفرق بين المفاوضات مع الحكومة اللبنانية وحربها ضد حزب الله وما يحصل هو محاولة للتوصل الى حل". وأكد أن "المساعدات للجيش اللبناني مستمرة"، مشيرا إلى أن "زيارة قائد الجيش إلى واشنطن ستحصل ولكن لا موعد محدداً، ولهيكل رسالة إلى الولايات المتحدة الأميركية من الأفضل أن تكون مباشرة"، واعتبر ان على ان حزب الله ان يقوم بواجباته وهو يعرفها.
توازياً، اعتذر وزير الخارجية يوسف رجي، في ردٍّ له على رسالة نظيره الإيراني عباس عراقجي، عن عدم قبول الدعوة لزيارة طهران راهناً في ظل الظروف الحالية. وأوضح في رسالته ، أن "اعتذاره عن تلبية الدعوة لا يعني رفضاً للنقاش، إنما الأجواء المؤاتية غير متوافرة".
وجدّد رجي دعوة عراقجي لعقد لقاء في دولة ثالثة محايدة يتم التوافق عليها، معرباً عن "كامل الاستعداد لإرساء عهد جديد من العلاقات البنّاءة بين لبنان وإيران شريطة أن تكون قائمة حصراً على الاحترام المتبادل والمطلق لاستقلال وسيادة كل بلد وعدم التدخل في شؤونه الداخلية بأي شكلٍ من الاشكال وتحت أي ذريعة كانت".
وشددّ رجي في رسالته على "قناعة ثابتة بأن بناء أي دولة قوية لا يمكن أن يتمّ إذا لم تحتكر الدولة وحدها بجيشها الوطني حق حمل السلاح، وتكون صاحبة القرار الحصري في قضايا الحرب والسلم".
وختم رسالته كاتباً: "ستظلون دائماً معالي الوزير مرحّباً بكم لزيارة لبنان".
في سياق آخر، ورغم مرور 5 سنوات على الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت، مخلفاً أكثر من 200 شهيد، لا يزال أغلب اللبنانيين غافلين عن تفاصيل ما جرى في ذلك اليوم.
وفيما لا تزال التحقيقات اللبنانية مستمرة بعد عدة عراقيل على مدى السنوات الماضية، رفضت محكمة بلغارية، اليوم، تسليم لبنان المواطن الروسي القبرصي إيغور غريتشوشكين، مالك السفينة المرتبطة بالانفجار.
أما سبب الرفض فيعود بحسب محاميته إيكاترينا ديميتروفا إلى أن "لبنان لم يقدّم ضمانات بأنه إذا صدر حكم بإعدامه فإن الحكم لن يُنفّذ"، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس.
إقليمياً، وسط المساعي الأميركية المتواصلة من أجل الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، أن بلاده ستوفر كل الدعم والفرص لإنجاح خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقال في تصريحات، إن الحكومة الإسرائيلية "ستبذل قصارى جهدها". فيما وجه ساعر أصابع الاتهام إلى حركة حماس، متهماً إياها بالعرقلة.
هذا وأعلنت الأمم المتحدة رفضها القاطع لتصريحات مسؤول إسرائيلي زعم فيها أن "الخط الأصفر في غزة يمثل الحدود الجديدة"، مؤكدة أنها تعارض تماما أي تغيير في حدود غزة وإسرائيل.
أما بشأن حرب أوكرانيا، فقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن دول أوروبا "تحاول بكل السبل" عرقلة المساعي الدبلوماسية لإنهاء الصراع، مضيفا أنها تشجع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على مواصلة القتال رغم افتقارها للموارد المالية.
وتابع لافروف: "تعمل أوروبا على كبح عملية التسوية الأوكرانية بشكل مصطنع، وتحرض زيلينسكي على مواصلة الأعمال القتالية. يفتقر الاتحاد الأوروبي إلى الأموال الكافية لمواصلة تمويل أوكرانيا، ولم يتبق أمامه سوى نهب روسيا".
وأوضح لافروف أن موسكو لا تعتزم خوض حرب مع أوروبا، مؤكدا أنه "لا توجد أي نوايا" من هذا القبيل.