3 أسرار تحرّك شهيّتك
3 أسرار تحرّك شهيّتك
ساندي بو يزبك

أخصائية تغذية

Saturday, 29-Nov-2025 06:48

الجوع ليس إحساساً واحداً، بل منظومة متشابكة تُحرّكها الطاقة والعاطفة والكيمياء الداخلية للجسم. كثيرون يجدون أنفسهم يبحثون عن الطعام بعد دقائق من إنهاء وجبة كبيرة، أو يشتهون شيئاً حلواً لمجرّد قتل الملل.

إنّ فهم هذه الأنواع من الجوع يمنح قدرة أكبر على التحكّم بالشهية وبناء علاقة أكثر وعياً مع الطعام.
هناك بداية أساسية: الجوع البيولوجي. هذا النوع هو الإشارة الصادقة التي يرسلها الجسم عندما يحتاج إلى طاقة فعلية. يشبه ضوء الوقود في السيارة حين يقترب من النفاد.
حين تنخفض مستويات الطاقة، يتواصل الجهاز الهضمي مع الدماغ ليعلن الحاجة إلى الأكل، ثم يرسل الجسم إشارة معاكسة عند الاكتفاء. الحفاظ على نِسَب طاقة مستقرّة يتطلّب تناول وجبات تحتوي على بروتين يُطيل الشعور بالشبع، وألياف تضبط سكّر الدم وتملأ المعدة، ودهون صحية تمنح شبعاً طويل الأمد.
وفي كثير من الأحيان، قد يكون ما يبدو جوعاً مجرّد عطش؛ كوب ماء واحد قد يطفئ تلك الرغبة سريعاً.
لكن ما يحدث في أحيان كثيرة هو جوع آخر تماماً: الجوع العاطفي. هنا لا يكون الجسم بحاجة إلى الوقود، بل يبحث الدماغ عن جرعة سريعة من الراحة أو المتعة. رائحة مخبز، مشهد قطعة شوكولاتة، لحظة ملل أو توتّر... كلّها تكفي لإطلاق هذه الرغبة.
الأطعمة الغنية بالسكّر والدهون تمنح شعوراً موقتاً بالسعادة، لذلك يسهل العودة إليها بلا تفكير. التعامل مع هذا الجوع يبدأ بالوعي: وقفة قصيرة قبل الأكل لسؤال بسيط - هل تحتاج المعدة للطعام، أم أنّ العاطفة هي التي تطلب؟
إبعاد المأكولات المُغرِية عن متناول النظر يساعد، وكذلك استبدال عادة «الأكل للتخفيف» بنشاط يمنح راحة من دون طعام.
وهناك نوع ثالث أقل وضوحاً لكنّه شديد التأثير: جوع الميكروبيوم، أي تأثير البكتيريا التي تعيش في الأمعاء. هذه الكائنات، التي تُعدّ بالمليارات، تساهم في تحديد ما نُفضّله من أطعمة.
عندما يكثر تناول السكّريات، تتكاثر البكتيريا التي تعتمد عليها، وترسل إشارات تجعل الجسم يطلب المزيد منها، بينما تضعف إشارات الشبع.
في المقابل، يساعد دعم البكتيريا المفيدة في تحسين الشهية وضبطها. هذا الدعم يأتي عبر الألياف في الخضروات، الفواكه، البقوليات، والأطعمة المخمِّرة مثل الزبادي الطبيعي، مع تقليل السكّريات المضافة والأكل المصنّع.
خلاصة الفكرة، إنّ إدارة الصحة لا تتعلّق بعَدّ السعرات فقط، بل بفهم تلك الإشارات الدقيقة التي يطلقها الجسم. التفريق بين الجوع البيولوجي والجوع العاطفي وإشارات الأمعاء يمنح توازناً أكبر.
وعندما يعتاد الجسم طعاماً حقيقياً وصحة نفسية وهضمية أفضل، يصبح التوقف عن الأكل عند الشبع أمراً طبيعياً لا صراع فيه، ووسيلة أكثر ثباتاً للعيش بصحة واستقرار.

theme::common.loader_icon