كان لبنان بكل أوساطه الرسمية والسياسية، فوجئ أمس بالإلغاء الأميركي لزيارة قائد الجيش اللبناني للولايات المتحدة الاميركية، ما شكّل الانتكاسة الأخطر في تاريخ العلاقات اللبنانية- الاميركية. إذ بعدما أُلغيت اجتماعات كانت مقرّرة للقائد مع مسؤولين اميركيين، قرّر من جهته إلغاء الزيارة برمتها رداً على ما اعتبرها «إهانة» في حق لبنان وجيشه. فيما انبرى أعضاء في الكونغرس الأميركي يهاجمون مباشرة الجيش اللبناني الذي يحظى بدعم عسكري أميركي كبير.
وأشارت مصادر لبنانية رفيعة المستوى، إلى انّ العماد هيكل ألغى الزيارة لواشنطن بعدما علم بإلغاء عدد من الاجتماعات هناك. فيما قالت مصادر أميركية: «نأمل في إعادة تحديد موعد زيارة قائد الجيش رودولف هيكل إلى واشنطن وإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح، في حال تنفيذ الإصلاحات اللازمة، أي إقرار الإصلاحات المالية المطلوبة وتسريع عملية حصر السلاح بيد الدولة وغيرها من الخطوات المطلوبة».
ووفق المصادر، تمّ تحويل الملف وما جرى مباشرةً إلى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، وأصبح في عهدته داخل وزارة الخارجية واللجان المختصة، نظراً لدوره المركزي في إعادة صوغ السياسة الأميركية تجاه لبنان، خصوصاً في ما يتعلق بالمساعدات العسكرية، وبات استمرار التعاون مع الجيش اللبناني مرتبطاً مباشرة بمواقفه في المرحلة المقبلة، خصوصاً في ملفّ الحدود ونزع سلاح «حزب الله»، وأنّ أي خطاب يتعارض مع سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل سيؤثّر فوراً على مستوى العلاقات والدعم.
وتحدثت معلومات عن أنّ «السبب المباشر لإلغاء الزيارة هو الاعتراض الأميركي على البيان الأخير للجيش اللبناني، الذي استُعمل بحسب الإدارة للوم إسرائيل واعتبارها المشكلة وعدم لوم «حزب الله»، في وقت تُعتبر فيه إسرائيل حليفاً أساسياً للولايات المتحدة التي تقدّم الدعم الأكبر للمؤسسة العسكرية اللبنانية». واشارت إلى أنّ «هذا البيان أشعل غضباً لدى عدد من أبرز أعضاء الكونغرس، وفتح نقاشاً داخلياً حول مستقبل المساعدات للبنان».
وكتب السيناتور ليندسي غراهام عبر حسابه على «إكس»: «من الواضح أنّ رئيس أركان الجيش اللبناني - بسبب وصفه إسرائيل بالعدو، وجهوده الضعيفة والشبه معدومة لنزع سلاح «حزب الله» - يُمثل انتكاسة كبيرة للجهود المبذولة لدفع لبنان إلى الأمام. هذا المزيج يجعل القوات المسلحة اللبنانية استثمارًا غير مُجدٍ لأميركا». أضاف: «أشعر بخيبة أمل من هذا التصريح الصادر عن الجيش اللبناني شريك استراتيجي، وكما ناقشتُ مع رئيس أركان الجيش في آب، منحت إسرائيل لبنان فرصة حقيقية للتحرّر من إرهابيي «حزب الله» المدعومين من إيران. بدلاً من اغتنام هذه الفرصة والعمل معًا لنزع سلاح «حزب الله»، يُلقي رئيس أركان الجيش باللوم على إسرائيل، بشكلٍ مُخزٍ».