في اليوم العالمي للسكّري، يبرز سؤال جوهري: ماذا يعني أن يُحرم المريض من رعايته الأساسية؟ تتناول منظمة «أطباء بلا حدود» هذا الواقع القاسي، مسلّطة الضوء على الكلفة البشرية لانقطاع العلاج خلال النزاعات والتهجير والانهيارات الاقتصادية.
إدارة السكّري ليست مهمّة بسيطة. فهي تحتاج مراقبة دائمة، وتوفّراً مستمراً للأنسولين أو الأدوية، وأدوات طبية لا يمكن الاستغناء عنها. ومع أي حرب أو نزوح أو ارتفاع للأسعار، تصبح هذه المتطلّبات عبئاً يفوق قدرة المرضى، وقد تتحوّل حالتهم بسرعة إلى خطر داهم على الحياة
وعلى رغم من دعم «أطباء بلا حدود» للمرضى في لبنان وعشرات الدول، إلّا أنّ الفجوات في العلاج أكبر من أن تُسدّ بالكامل.
تجربة سنا في لبنان تكشف عمق الأزمة. فالبلاد تعيش منذ سنوات على وقع انهيار اقتصادي تزامن مع توترات ونزاعات، ما أدّى إلى فقدان الكثير من المستلزمات الطبية أو ارتفاع أسعارها بشكل جنوني.
ومع تضرّر المستشفيات وتعطّل سلاسل الإمداد، يجد المرضى أنفسهم أمام خيارات مؤلمة: شراء الأدوات بأسعار لا تُحتمل، أو اللجوء لبدائل أقل فعالية، أو التوقف عن العلاج.
سنا غنّام، التي شُخصت بالسكّري من النوع الأول عام 2021، كانت تعتمد على جهاز مراقبة الغلوكوز المستمرة المقدّم مجاناً في عيادة «أطباء بلا حدود» في بعلبك–الهرمل. لكنّ الحرب غيّرت كل شيء. انقطع وصولها إلى الجهاز، وأصبحت كلفة شرائه خيالية: «كانت فترة لا تُطاق... لم نعُد قادرين على تحمّل ثمن الجهاز إطلاقاً». اضطرّت سنا إلى وخز إصبعها عدة مرّات يومياً، وهي طريقة مؤلمة ومرهقة، خصوصاً للأطفال، إلى أن عادت العيادات لفتح أبوابها واستعادت علاجها بأمان.
أمّا غسان فخري جبار، فقصّته ترتبط بالنزوح من غزة. خلال رحلة لجوئه الشاقة عام 2022، انقطع عنه الأنسولين لفترات طويلة، ما أدّى إلى تقلّبات خطيرة في مستوى السكّر ودخوله في غيبوبات متكرّرة. وبعد 8 أشهر من المعاناة، وصل إلى أثينا، حيث حصل أخيراً على العلاج بفضل فرق «أطباء بلا حدود».
وعلى رغم من أنّ أقلام الأنسولين تمثل الحل الأكثر أماناً وراحة للمرضى، فإنّ ارتفاع أسعارها ونقص توفّرها يحوّلها إلى رفاهية.