توخيل لبيلينغهام: إنكلترا تبني... وحان وقت المساهمة
توخيل لبيلينغهام: إنكلترا تبني... وحان وقت المساهمة
جاك بيت-بروك - نيويورك تايمز
Wednesday, 12-Nov-2025 06:26

في النهاية، كان الأمر واضحاً. جود بيلينغهام عاد إلى تشكيلة منتخب إنكلترا لخوض آخر مباراتَين في تصفيات كأس العالم 2026 ضدّ صربيا وألبانيا. وفي مرحلةٍ ما من هاتَين المباراتَين، سيخوض أول ظهورٍ دولي له منذ الخسارة أمام السنغال، في مباراةٍ ودّية في حزيران. سيكون مجرّد عضوٍ آخر في الفريق، وكأنّه لم يغِب يوماً.

أمضى المدرب توماس توخيل معظم المؤتمر الصحافي صباح الجمعة الذي خصّصه لإعلان القائمة، وهو يشرح قراره بإعادة بيلينغهام. تحدّث بحماس عن مستواه الأخير مع ريال مدريد، وشرح بالتفصيل الدور المحدَّد الذي أعدّه له في وسط الميدان، وأشاد بقدرته على «تسجيل الأهداف التي يُسجّلها المهاجمون الصريحون».

 

خرج بيلينغهام من مباراة ريال ضدّ رايو فايكانو في «لاليغا» من دون إصابة، فبات السؤال الرئيسي ما إذا كان سيأخذ مكان مورغان روجرز في التشكيلة الأساسية لمواجهة صربيا على ملعب «ويمبلي» غداً، أم سينتظر حتى مواجهة ألبانيا بعد 3 أيام (المباراة الأخيرة في التصفيات) ليخوض أول ظهورٍ له هذا الموسم مع المنتخب.

 

لكن حتى ذلك الحين، من الواضح أنّ توخيل يرى أنّ إنكلترا أقوى بوجود بيلينغهام في صفوفها. وقد بدا واضحاً إعجابه بعروضه الأخيرة، موضحاً - مشيراً أيضاً إلى فيل فودن - إنّه «سعيد للغاية» بعودتهما، وأنّ مساهمتهما في نجاحات فريقيهما كانت «هائلة». وأضاف توخيل عن بيلينغهام: «قام بما يُجيده، نافس على أعلى مستوى، وأثبت أنّه يستحق أن يكون في التشكيلة».

 

منذ إعلان توخيل في 3 تشرين الأول أنّ بيلينغهام لن يكون ضمن قائمته لمواجهتَي لاتفيا وويلز، كانت كل الأنظار موجّهة إلى إعلان تشرين الثاني. لأنّ قرار استبعاده وفودن كان الأهم والأكثر إثارة للجدل في مسيرة المدرب الألماني مع إنكلترا الممتدة لـ10 أشهر، أكثر بكثير من قرار إعادة بيلينغهام الآن.

 

هيمنت القضية على النقاش طوال فترة التوقف الدولي الأخير، أكثر من المباراتَين نفسَيهما، بل حتى أكثر من خبر تأهّل إنكلترا رسمياً إلى كأس العالم. كان الجميع يتوقّع أن يتحقق التأهّل عاجلاً أم آجلاً، لكن لم يتوقّع أحد أن يتمّ ذلك في غياب بيلينغهام.

 

الآن بعدما أثبتت إنكلترا قدرتها على النجاح من دونه (فازت في المباريات الـ4 التي غاب عنها) أصبحت المسؤولية عليه ليبرهن أنّه قادر على «المساهمة» في استمرار تلك الروح الانتصارية. لكن بالعودة إلى يوم إعلان استبعاده، فقد قدّم توخيل سببَين للقرار.

 

الأول، أنّه أراد أن يُظهر ولاءه للاعبين الذين تألّقوا في أيلول، عندما فازوا على أندورا على أرضهم وسحقوا مضيفتهم صربيا 5-0، وهي نتيجة اعتُبرت نقطة تحوّل في عهد توخيل. أراد أن يُشعِر اللاعبون بأنّهم يحظَون بدعم المدرب، حتى عندما يكون فودن وبيلينغهام جاهزَين للعودة.

 

منذ تلك اللحظة، تساءل كثيرون عمّا إذا كان ذلك القرار رسالة لبيلينغهام، لإظهار مَن هو صاحب الكلمة العليا وجعله يلتزم بالقواعد. سُئل توخيل عن ذلك أخيراً، فأصرّ على أنّ الأمر لم يكن رسالة ضدّ بيلينغهام، بل رسالة إيجابية للاعبين الذين استدعاهم «لأنّه لم تكن هناك حاجة لذلك. كانت رسالة مفادها أن يحتفظ هؤلاء اللاعبون بمكانهم حتى لو كان هناك لاعبون مثل جود أو فيل يطرقون الباب للمطالبة بحقهم في العودة، وهو حقّهم المشروع».

 

السبب الثاني الذي قدّمه توخيل، هو أنّ بيلينغهام لم يكن قد استعاد «إيقاعه الكامل» مع ريال إثر عودته المتأخّرة في أواخر أيلول من جراحة في الكتف في تموز. يومها، كان بيلينغهام قد بدأ مباراة واحدة فقط ولم يخض 90 دقيقة كاملة في أيٍّ من مبارياته الـ4.

 

الآن، بدأ بيلينغهام آخر 5 مباريات لريال، وأكمل 90 دقيقة في 3 منها. وسجّل في 3 مباريات متتالية ضدّ يوفنتوس وبرشلونة وفالنسيا، كما قدّم تمريرة حاسمة مثالية إلى كيليان مبابي في الـ»كلاسيكو». وعلى رغم من أنّه واجه صعوبات أمام ليفربول، فإنّه كان قد بدأ يستعيد مستواه المعروف قبلها.

 

لم يكن الأمر سهلاً على بيلينغهام في بداية عهد تشابي ألونسو، إذ غاب عن انطلاقة الموسم ثم بحث عن إيقاعه بعد الجراحة. كما كان التغيير كبيراً على تشكيلة مدريد بأكملها، بالانتقال من أسلوب كارلو أنشيلوتي المرن الذي يعتمد على حرّية اللاعبين إلى خطط ألونسو الصارمة والمنهجية.

 

النقاش حول أفضل دورٍ لبيلينغهام وأفضل مركزٍ له، لا يقلّ سخونة في مدريد عنه في إنكلترا. فخلال كأس العالم للأندية، أعلن بيلينغهام أنّه يلعب بأفضل مستوياته عندما يُمنح «الحرّية ليكون لاعباً متكاملاً»، وإنّ ألونسو يتفق معه في ذلك. وفي البداية، صرّح ألونسو بأنّه يرى بيلينغهام «أقرب إلى منطقة الجزاء». لكن عملياً، لا يزال أمامه الكثير من العمل في الوسط، ويبدو أنّ إيجاد التوازن الدقيق لا يزال عمليةً مستمرة.

 

أمّا توخيل، فيعرف تماماً كيف ينوي توظيف بيلينغهام من الآن فصاعداً، موضحاً أنّه يراه كلاعبٍ رقم 10 حالياً، ليستفيد من قدرته على دخول منطقة الجزاء وتسجيل الأهداف. وهذا يعني أنّه سيتنافس مع مورغان روجرز، الذي تألّق في المعسكرَين السابقَين، وكذلك مع فودن، الذي سيُستخدم أيضاً في الدور المركزي.

 

لكنّ السؤال الأكثر إثارة، هو كيف سيتأقلم بيلينغهام مجدّداً داخل المجموعة بعد غيابه عن معسكرَين. لم يكن توخيل في مزاجٍ للعودة إلى تعليقاته الشهيرة في حزيران بشأن بيلينغهام، واصفاً إياها بأنّها «مياه جرت تحت الجسر»، لكنّه شدّد مجدّداً على أنّه لا توجد مشكلة شخصية بينهما.

 

المهمّة بالنسبة إلى توخيل وإنكلترا هي إدارة بيلينغهام وتوجيه طاقته بالطريقة الصحيحة، لضمان أن يسير الفريق كلّه في الاتجاه عينه استعداداً لكأس العالم.

theme::common.loader_icon