الوعي أداة للتخطيط الغذائي.. هل تأكل البروتين الصحيح؟
الوعي أداة للتخطيط الغذائي.. هل تأكل البروتين الصحيح؟
ساندي بو يزبك

أخصائية تغذية

Wednesday, 12-Nov-2025 06:20

في نظامنا الغذائي الحديث، لم يَعُد التركيز على كمّية البروتين التي نستهلكها كافياً، بل أصبح المعيار الأساسي هو جودة هذا البروتين ومدى استفادة الجسم الفعلية منه.

تُقاس القيمة الحقيقية للبروتين ببُعدَين رئيسَين: أولهما وفرة العناصر الغذائية الضرورية التي يحتاجها الجسم للبناء ولا يستطيع تصنيعها بنفسه (الأحماض الأساسية). أمّا البُعد الثاني، فهو سهولة الهضم والامتصاص؛ أي قدرة الجهاز الهضمي على تحليل البروتين وامتصاص أجزائه فعلياً في الأمعاء.

 

تُشكّل هذه العناصر المدمجة مقياس «جودة الهضم» (DIAAS)، وهو المعيار العالمي لتقييم القيمة الحقيقية للبروتين. البروتينات التي تحصل على درجة عالية (أعلى من 1,0) هي الأفضل لأنّها تُلبي احتياجات الجسم بالكامل وتتجاوزها.

 

تفوّق البروتينات الحيَوانية وسرّ فعاليّتها

 

بشكل عام، تُظهر المصادر الحيَوانية تفوّقاً وظيفياً واضحاً في معايير الجودة. وتتصدّر منتجات الألبان والبيض قائمة المصادر عالية الجودة، فهي تتميّز بمحتوى عالٍ جداً من العناصر الأساسية وبسهولة هضم وامتصاص شبه كاملة تصل إلى نحو 100%. هذا الامتصاص الفائق يجعلها الخيار الأمثل لتحفيز بناء العضلات وتعافي الجسم، خصوصاً للرياضيِّين وكبار السن.

 

تليها اللحوم والدواجن والأسماك، التي تُعدّ أيضاً مصادر ممتازة وفعّالة، إذ تتراوح سهولة هضمها بين 90 و95%، وتوفّر جميع العناصر الأساسية بأعلى كفاءة، ممّا يضمَن أقصى استفادة للعضلات والجهاز المناعي.

 

تحدّيات المصادر النباتية وكيفية التغلّب عليها

 

على الجانب الآخر، تُعدّ البدائل النباتية خيارات صحية ومستدامة، لكنّها تتطلّب وعياً أكبر في التخطيط. البدائل النباتية المُركَّزة (بروتين الصويا والفطر) توفّر جودة متوسطة وجيّدة في الهضم، لكنّها قد تعاني من نقص في عنصر أساسي محدّد مثل «الليسين».

 

أمّا البقوليات (العدس والفول)، فقيمة الهضم لديها أقل وتصل إلى نحو 80-85%، وتحتاج إلى تكميل. تكمن الأهمية الغذائية للبقوليات في الدمج مع الحبوب (مثل الأرز أو الخبز)، لتعويض النقص المتبادل بينهما وتوفير بروتين مكتمل القيمة، وهذا ما يُسمّى «التكميل الغذائي».

 

أمّا الحبوب والمكسّرات والبذور، فتأتي بأقل محتوى للعناصر الأساسية وأقل قابلية للهضم، وهي في الأساس مصادر جيدة للطاقة وليست المصدر الرئيسي للبروتين عالي الجودة.

 

توصيات عملية: ليس الكم بل الامتصاص

 

إنّ الوعي بقيمة البروتين أصبح أداة أساسية للتخطيط الغذائي. لضمان أقصى استفادة، خصوصاً لتحفيز العضلات والأداء، يجب التركيز على البروتينات عالية الجودة سهلة الهضم والامتصاص.

 

عند التخطيط لنظام غذائي يعتمد على النباتات، يجب الحرص على التنوّع والدمج بين المصادر المختلفة لتعويض أي نقص. النقطة الأهم هي أنّك قد تحتاج إلى تناول كمّية إجمالية أكبر من البروتين النباتي مقارنةً بالحيَواني، لضمان حصول جسمك على نفس القدر من العناصر الأساسية التي يحتاجها.

theme::common.loader_icon