هل نغذّي الإلتهاب دون علمنا؟
هل نغذّي الإلتهاب دون علمنا؟
ساندي بو يزبك

أخصائية تغذية

Tuesday, 11-Nov-2025 06:33

في عصر الوجبات السريعة والأطعمة فائقة المعالجة، لم يَعُد تأثير النظام الغذائي محصوراً في الوزن فقط، بل يمتد إلى أعماق الأمعاء؛ إذ تعيش تريليونات من الكائنات المجهرية التي تُشكّل خط الدفاع الأول لجهاز المناعة.

كشفت دراسة حديثة (Cell Metabolism) أنّ الأنماط الغذائية الحديثة تُحدِث تحوّلاً جذرياً في بيئة الأمعاء، يُضعِف الحاجز المعوي ويُشعِل التهاباً مزمِناً منخفض الدرجة، يرتبط بأمراض العصر مثل السكّري، السمنة، والقلب.

 

آلية التأثير: كيف تضعف الأمعاء؟

 

يوضّح البحث أنّ تأثير الغذاء الحديث يبدأ من 3 نقاط رئيسة تعمل على إخلال التوازن الميكروبي وزيادة نفاذية الأمعاء:

 

1- نظام غني بالدهون وفقير بالألياف: يؤدّي إلى اضطراب في استقلاب الأحماض الصفراوية، وانخفاض إنتاج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة (SCFAs)، مثل البيوتيرات (Butyrate)، وهي الوقود الأساسي لخلايا القولون، ونقصها يُضعِف الحاجز المعوي، ممّا يسمح بتسرّب جزيئات إلتهابية إلى مجرى الدم.

 

2- الإضافات والمحلَّيات الصناعية: مثل المستحلبات والمحلَّيات الصناعية (الأسبارتام والسكرالوز)، تعمل على إضعاف طبقة المخاط الواقية وتقليل التنوّع الميكروبي، فيُخلّ بتوازن الميكروبات بين الأنواع المفيدة، ممّا يجعل الأمعاء أقل مرونة وأكثر عرضةً للاختراق.

 

3- العادات الغذائية غير المنتظمة: كالأكل المتأخّر أو الإفراط بعد الجوع، تُحدِث خللاً في «الساعة الحيَوية المعوية»، ممّا يؤثر سلباً على توقيت تنظيم عمليات الأيض والمناعة على مدار اليوم.

 

النتيجة: أمعاء أقل توازناً وأكثر قابلية للإلتهاب المزمن، ممّا يضع الجسم في حالة «استنفار منخفض الدرجة» دائماً.

 

من الأمعاء إلى الجسم كلّه

 

حين يَضعُف الحاجز المعوي، تدخل جزيئات مثل الليبوبوليسكّاريد (LPS)، وهي مكوّنات من جدران البكتيريا الضارّة، إلى الدورة الدموية. فيُحفّز التسرّب استجابة مناعية والتهابية مزمنة. هذا الإلتهاب الصامت هو العامل المشترَك خلف أمراض العصر: مقاومة الإنسولين، اضطرابات الدهون، أمراض القلب، وحتى الاكتئاب.

theme::common.loader_icon