After the Hunt: غير مريح، لكن للأسباب الخاطئة
After the Hunt: غير مريح، لكن للأسباب الخاطئة
أليسا ويلكنسون- نيويورك تايمز
Monday, 10-Nov-2025 06:17

يسقط فيلم لوكا غوادانيينو الجامعي على وجهه في محاولته إثارة الجدل. كل شيء في فيلم لوكا غوادانيينو «بعد المطاردة» يبدو محسوباً بعناية، ومعلّماً بإصرارٍ أنيق، كما لو أنّ الفيلم يخشى أن يُفوّت المشاهد نقطةً حيَوية. مراراً نرى فريدريك (مايكل ستولبارغ) وهو يضع بهدوء كبسولتَين بنيّتَين على منضدة السرير إلى جانب زوجته النائمة ألما (جوليا روبرتس) ثم يقبّلها ويتسلّل مبتعداً. مراراً أيضاً نُظهر الكاميرا الكتاب المستقرّ على تلك المنضدة: رواية توماس مان لعام 1901 «آل بودنبروك».

تعود الكاميرا مراراً إلى لقطاتٍ مطوّلة لليدَين، تحديداً يدَي ألما وماجي (آيو إديبيري)، طالبة ألما المتفوّقة في الدكتوراه، وكلاهما تُفضّلان أظافر قصيرة مطلية بالأسود. يبدو أنّ هذا التفصيل بالغ الأهمية.

 

وكذلك بعض الإشارات الواضحة إلى أفلام وودي آلن، وساعاتٍ تدق في خلفية الصوت، وحقيقة أنّ ألما غالباً ما ترتدي الأبيض مع سترة سوداء فوقه. حتى أسماء الشخصيات في سيناريو نورا غاريت تبدو وكأنّها تشير إلى شيءٍ ما: فريدريك وألما مستعارتان على ما يبدو من إنغمار برغمان، بينما زميل ألما الأقرب وصديقها، هانك غيبسون (أندرو غارفيلد).

 

ولأنّ هانك وألما أستاذان مساعدان في الفلسفة يسعيان لنَيل التثبيت الأكاديمي (التنّور)، فإنّ القصة مليئة بإسقاطات فلسفية: نسمع عن بانوبتيكون فوكو، و»الحدّ الأدنى للأخلاق» لأدورنو، وميزوجينية فرويد (كراهيته للنساء)، وفي لحظة مؤسفة، عن «عجز هيغل عن السيطرة على «هيغل الصغير» مصحوبة بإيماءة يد نحو منطقة الحوض.

 

أطروحة ماجي تدور حول «عودة أخلاق الفضيلة»، ويبدو أنّ هانك واثقٌ من أنّها تقتبس بعضاً منها مباشرةً من نص جورجيو أغامبن لعام 1995 «هومو ساكر»، على رغم من أنّ الفيلم لا يوضح كيف يمكنها الجمع بين العملَين.

 

وحين نلتقي الشخصيات الرئيسة لأول مرّة، نجدهم يتجادلون على كأس نبيذ في غرفة جلوس ألما وفريدريك المليئة بالكتب حول «الوجود المفترض للأخلاق الجمعية» و»السعي الغائي نحو التثبيت الأكاديمي».

 

لكن كل هذه الإشارات والرموز والدلالات تصطدم ببعضها في فوضى غير متماسكة. من البداية حتى النهاية، يطلق «بعد المطاردة» جمهوره في بحرٍ من العلامات المنفصلة عن أي معنى، يكافح المشاهد لمجاراة كل التلويحات الفكرية نحو «الأكاديمية» و«الأخلاق البرجوازية» و»الفلسفة الأخلاقية»، من دون أي أرضية تمسك بكل هذا وتبرهن أنّ الفيلم يدرك فعلاً ما يقول.

 

يمكن للمرء أن يجادل بأنّ هذه هي الفكرة بحدّ ذاتها؛ فإذا كان لـ»بعد المطاردة» معركة يخوضها، فهي ضدّ تفاهة السياسة القائمة على الرموز حين تُنتزع من واقع الحياة. قلّة من العوالم تبدو أكثر تجريداً وخلوّاً من الهواء من عالم الفلسفة الأكاديمية النخبوية، خصوصاً كما يتصوّره هذا الفيلم.

 

في الحفلة التمهيدية، يقول أحد الطلاب الشباب إنّه إذا كان قرار التثبيت الأكاديمي سيُتخذ بين ألما أو هانك، فسيُمنح لألما، لأنّ «العدو المشترك قد اختير بالفعل، وهو الرجل الأبيض المغاير الجنس». حسناً، يبدو أنّنا نعرف الاتجاه.

 

يمشي هانك مع ماجي إلى منزلها، وفي اليوم التالي تُخبر ماجي ألما بأنّ هانك اعتدى عليها جنسياً. ينفي هانك ذلك نفياً قاطعاً؛ يقول إنّه واجهها بشأن شكوكه حول سرقتها الأكاديمية، وهذه هي وسيلتها للانتقام.

 

الآن ألقيت النرد، وألما عالقة في المنتصف، والوضع يتفاقم لأنّ ماجي سوداء ومثلية ووالداها من المانحين الأثرياء للجامعة. أمّا هانك، فيَراها قضية طبقية: هو أكاديمي صنع نفسه بنفسه، شقّ طريقه بصعوبة إلى قمة مهنته، ليُسقطه طالبة سارقة حصلت على مستقبلها على طبقٍ من ذهب. العِرق، الطبقة، الجندر، الميول الجنسية: أيّها سيفوز؟ مَن يجب أن تدعم ألما؟ وماذا لو أنّ ماضيها الشخصي يعقّد الموقف أكثر؟

 

كل هذا مغلّف في الإطار التقليدي لحكايات الحرم الجامعي، مع لمساتٍ معاصرة. قصص الجامعات تُقدّم دَوماً خيالاً شهياً عن جدرانٍ مكسوّة بالخشب، فوارق قوى مشحونة جنسياً، ونجاحٍ يعتمد على مدى براعتك في اللعب وفق القواعد لتحقيق النتيجة المنشودة: شهادة، علامة، أو تثبيت أكاديمي.

 

ومن مظهر الأمور، يبدو أنّ ألما وفريدريك لعبا اللعبة جيداً جداً. يعيشان في شقةٍ فخمة ومتاهية التفاصيل، كما لو أنّ أساتذة جامعة ييل جميعهم يعيشون هكذا. ألما وهانك محبوبان من طلابهما، وكلاهما منجذب للآخر بوضوح. فريدريك، وهو أيضاً معالج نفسي، يتصرّف كزوجٍ مثالي، لكنّه يعرف خفايا الجميع: يدرك أنّ كلاً من ماجي وهانك يعشقان ألما، ولهذا تُبقيهما قريبَين منها.

 

حدّة إدراك فريدريك تضاهي جهل الفيلم الذي هو جزء منه، إذ يبدو مصمِّماً على دفع أي أكاديمي يشاهده مباشرةً إلى أقرب حانة بعد العرض. كيف يمكن لأستاذةٍ مساعدة في ييل ومعالج نفسي متوسط النجاح أن يتحمّلا تكلفة هذه الشقة؟ ولماذا لا يبدو أنّ لدى ييل مكتب شؤون التحرّش (Title IX)؟

 

وحتى لو قبلنا إصرار الفيلم على أنّ ألما باحثة لامعة ومحبوبة من طلابها، فكيف حصلت على هذه الوظيفة التنافسية بعد سنواتٍ من الغياب عن المجال؟ ولماذا ابتعدت أصلاً؟ وهل يُفترض بنا أن نسأل هذا السؤال؟ ثمة أسئلة أخرى أدق لا يطرحها سوى أكاديمي متقاعد. مثلاً، لماذا لا تملك ماجي، وهي طالبة دكتوراه في الفلسفة بلغت مرحلة الأطروحة، معرفةً أساسية بالألمانية؟

 

كل هذا محبط جداً، بالنظر إلى الأسماء اللامعة وراء «بعد المطاردة». فغوادانيينو مخرج غزير الإنتاج، غالباً ما يُثير الجدل، لكنّه دائماً مثير للاهتمام. هذا الدور يُتيح لروبرتس أن تلعب دور امرأة جميلة، حادة الطباع، غامضة، تزداد نفوراً كلما تقدّم الفيلم، ممّا يجعلها أكثر جاذبية بطريقةٍ ما، كمالٌ مشدودٌ ينفجر عند الحواف. إنّه عمق أداءٍ أحببته وأتمنّى رؤيته أكثر، يتكامل مع الأداء الرائع لغارفيلد، الذي يجسّد باتقان نموذج الأستاذ الذي يعرف تماماً مكانته في عقول طلابه وزملائه.

theme::common.loader_icon