يمال أنقذ برشلونة لكن متى يتوقف الجنون الدفاعي؟
يمال أنقذ برشلونة لكن متى يتوقف الجنون الدفاعي؟
لايا سيرفيلو هيريرو- نيويورك تايمز
Friday, 07-Nov-2025 07:22

تحدّث هانسي فليك، وهو واضح الانزعاج، في قاعة المؤتمرات الصحافية بعد المباراة في ملعب كلوب بروج: «هيّا، لقد أجبتُ عن هذا السؤال مرّتَين بالفعل».

كان أحد الصحافيِّين قد سأله عن القلق المتزايد بشأن أسلوب لعب برشلونة، بعد تعادل 3-3 في دوري أبطال أوروبا، كشف مجدّداً عن العيوب في خطّه الدفاعي العالي جداً.

 

نادراً ما يُرى فليك غاضباً، فهو عادةً يُحافظ على هدوئه حتى عند طرح أسئلة بعيدة تماماً من الموضوع. لكن هذه المرّة، كان انزعاجه نابعاً من أنّ السؤال كان ممتازاً... وهو يعلم ذلك جيّداً.

 

جوهر المسألة هو التالي: برشلونة حقق نجاحاً كبيراً باستخدام هذا النهج الدفاعي الخطِر الموسم الماضي، إذ فاز بالثلاثية المحلية ووصل إلى نصف نهائي دوري الأبطال. لكن حتى قبل مباراة بروج، ظهرت مؤشرات كثيرة على أنّ الفرق المنافسة بدأت تفك شيفرة أسلوبه.

 

التعادل في بلجيكا لا يُعدّ كارثة، خصوصاً في هذه المرحلة المبكرة من دور المجموعات، إذ ما زالت الأندية تملك نصف مبارياتها الـ8 لتلعبها. لكنّ القلق الحقيقي يكمُن في أنّ الفريق يبدو تائهاً في الجانب الدفاعي من لعبه. فعندما يمتلك برشلونة الكرة، هو ممتاز، لكن عندما يفقدها، يتحوّل إلى كارثة.

 

تقدّم كلوب بروج 3 مرّات في النتيجة، و3 مرّات عاد برشلونة ليعادل، قبل أن يُنقِذه قرار من حكم الفيديو المساعد (VAR) بإلغاء هدف فوز متأخّر للفريق البلجيكي.

 

بعد المباراة، أوضح المدافع إريك غارسيا لقناة «موفيستار بلس» الإسبانية: «الفِرَق تُسبِّب لنا الكثير من الخطر عبر الهجمات المرتدّة، بتمريرتَين فقط، يصلون إلى منطقتنا. من الواضح أنّنا بحاجة إلى التحسّن. اليوم، الفريق تَفاعل بشكل جيد، وخلقنا العديد من الفرص. لكن عندما تُسجّل، ثم يستعيد الخصم التعادل مباشرة، يكون الأمر صعباً نفسياً. لا أعتقد أنّ المشكلة في المدافعين فقط. كلّنا نهاجم، وكلّنا ندافع. أحياناً نفقِد الكرة في مناطق خطرة، ما يجعل الأمور أسهل على الخصم، وهذا ما يجب أن نتوقف عن فعله».

 

بالفعل، خسر برشلونة الكثير من الكرات في وسط الميدان ليلة الأربعاء، وارتكب بعض لاعبيه أخطاء فردية في الدفاع أثقلت كاهل الفريق.

 

في هدف كلوب بروج الأول بعد 6 دقائق فقط، حاول الظهير الأيسر أليخاندرو بالدي وغارسيا التقدّم معاً لتطبيق مِصيَدة التسلّل، لكنّ زميلَيهما الأوروغوياني رونالد أراوخو والفرنسي جول كوندي لم يتحرّكا بالتناغم عينه، فتركا كارلوس فوربس في مواجهة المرمى مباشرة.

 

هذا المشهد تكرّر كثيراً خلال الأشهر الأولى من الموسم. نظام فليك يعمل فقط عندما يكون جميع اللاعبين الـ11 مركّزين ويتحرّكون كوِحدة واحدة. إذا حافظوا على الضغط وتزامن الخط الدفاعي، يحصل الفريق على مكافأة كبيرة. أمّا إذا اختلّ التوازن، فكل شيء ينهار.

 

في مؤتمره الصحافي، أوضح فليك: «لا نُريد الدفاع بكتلة منخفضة ثم ننتقل إلى الهجوم لنفوز 1-0. عُدنا بعد كل هدف، وهذا أمر إيجابي، لكن علينا أن نتحدّث عن هذه المباراة. نحن برشلونة. أسلوبنا هو أن نكون فاعلين ونلعب بكثافة».

 

هو على حق. برشلونة خلق العديد من الفرص وسجّل 3 أهداف خارج ملعبه، لكن إن استمرّ الوضع على هذا النحو، فسيضطرّ لتسجيل 4 أو 5 أهداف في كل مباراة ليفوز.

 

وفي هذا السياق، يبرز اسم واحد: لامين يمال. في المباريات الأخيرة، لم يكن اللاعب الذي نعرفه. بدا متعَباً، ومشاكله العضلية في منطقة الحَوض ونقص إيقاع اللعب أثّرت عليه.

 

لكنّ الأربعاء كان أول مباراة هذا الموسم نرى فيها يمال (18 عاماً) في أفضل حالاته. حاول كل شيء، حتى عاد للدفاع عندما تطلّب الأمر. حمل الفريق على كتفَيه وأظهَر رغبةً في الفوز وحده، لكنّ أحداً لم يستطع مجاراته. أرسل 8 عرضيات، ولم يتمكن أي من زملائه من استغلالها.

 

الهدفان الأخيران لبرشلونة في المباراة حملا توقيعه، وكان الهدف الثاني لوحة فنية حقيقية. استلم يمال الكرة على مشارف منطقة الجزاء، راوغ 3 مدافعين بحركة «كروكيتا»، ثم مرّر إلى فيرمين لوبيز، الذي أعادها له بكعب القدم. غيّر يمال سرعته مجدّداً، وبلمسة دقيقة بوجه قدمه الخارجي، أودع الكرة في الشباك مسجّلاً التعادل 2-2.

 

لكن في الهجمة التالية مباشرةً بعد هذا الهدف، كاد كلوب بروج أن يُسجّل مجدّداً. كانت تلك اللقطة تختصر المباراة بأكملها. مع افتقاد برشلونة إلى الأفكار، كانت الكرة تعود دوماً إلى يمال ليحاول إنقاذ الموقف وإيجاد الحل، لمعرفة ما يمكنه فعله. لكن هل يمكن لفريق فليك أن يواصل الاعتماد على عبقريّته الفردية في كل مرّة؟ الجواب على الأرجح: لا.

 

على الفريق أن يتعلّم كيف ينجو من دونه، أو حين يغيب بسبب إصابة أو راحة أو إيقاف، لأنّ غيابه يعني الانهيار. يجب على برشلونة استعادة إيقاعه وكثافته، وأن يعمل مجدّداً كآلة منسجمة.

 

قبل عام، وصف فليك فترة النتائج السيّئة في مثل هذا الوقت من الموسم بـ»نوفمبر القذر». بعد 12 شهراً، يمكنه تكرار العبارة عينها، ولن يتفاجأ أحد، سوى أنّ هذه المرّة لا يقتصر الأمر على تشرين الثاني فقط. فريقه يعاني منذ أشهر.

 

ربما تُحل الأمور حين يعود جميع المصابين (بمن فيهم بيدري، جوان غارسيا، رافينيا، داني أولمو، وروبرت ليفاندوفسكي) ويستعيدون كامل لياقتهم. لكن حتى ذلك الحين، يملك برشلونة يمال الذي استعاد أفضل مستوياته قبل أن يفعل فريقه ذلك.

theme::common.loader_icon