ندوة «الطائف» في المجلس الشيعي: إنتصار الصيغة اللبنانية على الكيان الصهيوني
ندوة «الطائف» في المجلس الشيعي: إنتصار الصيغة اللبنانية على الكيان الصهيوني
د. جهاد سعد
Tuesday, 04-Nov-2025 07:21

في تصريح بالغ الأهمية للصحافي والناشط البريطاني المرموق ديفيد هاريس يقول: «لقد غيّرت غزة الرأي العام الأميركي وغيّرت رأي الشباب...

إذاً، هناك في الواقع رأي أساسي بين الجميع، بين اليهود والعرب، وبين الجميع في أميركا، وهناك استطلاعات مستمرة بهذا الشأن وسيكون لهذا تأثيره، لأنّ إسرائيل تعتمد على صورتها الصهيونية الليبرالية، لم يعد الأمر كما تعلمون، (صورة) جون واين الودود في حصن أباتشي يقاتل الهنود، بل هو مستوطن عدواني يحمل الكتاب المقدّس في يد وبندقية «أم 16» في الأخرى، يهاجم موسم حصاد الزيتون، هذا ما عليه إسرائيل اليوم. المستوطنون ليسوا أولئك المتطرفين، بل ما يقوله سموتريتش هو ما يحدث ويجسّد بالفعل، والناس يدركون هذا، مباشرة عبر وسائط التواصل بل ومن خلال ترجمة ما يجري في الإعلام العبري».

 

وتنصبّ الجهود الصهيونية اليوم على منع الثمرات السياسية لهذا التحول الكبير في صورة الكيان الصهيوني، أما الأدوات المستخدمة فهي كما صرّح رئيس حكومة العدو تتركّز على الإستمرار بالتلاعب بالرأي العام عبر شراء «التيك توك» والتأثير على المحتوى في منصة «X»، بل واستخدام العنف المفرط وإنزال الحرس الوطني في أميركا إلى الشوارع ، وشن حرب على التنوع في أميركا تحت عنوان تهجير اللاجئين لمصلحة الأقلية المتحكمة بالطبقة السياسية الأميركية وعلى رأسها منظمة «إيباك»، وفي هذا الإطار تأتي الحملة الشعواء على المرشح الأوفر حظاً لمنصب حاكم نيويورك زهران ممداني في اعتباره مجرد لاجئ مسلم يجب أن يبقى في الصفوف الخلفية للمشهد الأميركي، بلا أي حضور أو تأثير على مواقع القرار.

 

ويجب أن نفهم نسبة التأييد الكبيرة التي يحصل عليها ممداني في مدينة بالغة الأهمية، تحوي أكبر تجمّع يهودي بعد الكيان الصهيوني في العالم، على أنّها اعتراض صارخ على سياسات ترامب وإدارته الداعمة للكيان على حساب الشعب الأميركي بلا حساب...

 

العالم يتغيّر بعد التضحيات الهائلة التي قدّمها الشعب الفلسطيني وداعموه في معركة «طوفان الأقصى»، ولكن قلة من أصحاب الوعي السياسي والوطني تدرك اليوم أهمية إبراز الصيغة اللبنانية للتعايش في وجه التغول العنصري وحروب الإبادة.

 

قالها الإمام الصدر قبل نصف قرن: «التعايش في لبنان ثروة حضارية يجب التمسّك بها»، وعلى هذا النهج سار المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى و«الثنائي الوطني»، وسعى الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين (قدس سرّه) والإمام الشيخ عبد الامير قبلان (قدس سرّه) من أجل تطوير هذا النموذج نحو: «دولة عادلة لمواطنين أحرار»، فيما يؤكّد سماحة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب في أكثر من مناسبة: «أنّ ليس للشيعة مشروعاً خاصاً بهم، ولم يكن لهم مشروع في تاريخهم، بل انصبّت جهودهم لحماية التعايش والوحدة الوطنية حيثما وجدوا».»

 

واليوم، وفي ظل العدوان الغاشم والمستمر، أصبح تأكيد الصيغة اللبنانية أكثر من مجرد حفاظ على تجربة إنسانية رائدة، وإنما تحول إلى مشروع تحدٍّ إنساني حضاري في وجه الهمجية العنصرية، يستحق من جميع اللبنانيين الإنخراط في عملية تطويره وتحقيقه عبر تطبيق مخلص لـ«اتفاق الطائف».

 

والعالم معنا هذه المرّة، وقد اكتشف أنّ البديل المطروح هو الحروب التي لا نهاية لها، وتجزئة المجزّأ وتقسيم المقسّم. لبنان كان دائماً بعين الرؤويين، أكبر من مجرد دولة ووطن يحتضن التنوع ويثريه ويغنيه، بل «رسالة» حضارية في مواجهة شياطين الحروب والمتاجرين بالدماء.

theme::common.loader_icon