بن سلمان يخطّط لزيارة واشنطن وإقامة علاقات مع إسرائيل مؤجّلة
بن سلمان يخطّط لزيارة واشنطن وإقامة علاقات مع إسرائيل مؤجّلة
فيفيان نيريم - نيويورك تايمز
Monday, 03-Nov-2025 07:03

مدفوعاً بنجاحه في التوسط لوقف إطلاق النار في غزة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أنّه قد يُحقّق قريباً إنجازاً كبيراً آخر في السياسة الخارجية: إقناع المملكة العربية السعودية بالاعتراف بإسرائيل قبل نهاية العام. لكن من المرجّح أن يُصاب بخيبة أمل، فولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يُخطِّط لأول زيارة له إلى الولايات المتحدة منذ 7 سنوات، لديه أولويات أكثر إلحاحاً.

بالنسبة إلى الأمير، الحاكم الفعلي للمملكة، فإنّ إقامة علاقات مع إسرائيل هدف بعيد المدى من المرجّح أن يستغرق سنوات ولا أشهراً، بحسب المحلّلين.

 

على جدول أعمال زيارة الأمير، التي يُقال إنّها مقرّرة في منتصف تشرين الثاني، اتفاقية دفاع مشترك من المتوقع أن توقّعها السعودية والولايات المتحدة، وفقاً لمسؤول أميركي وشخص آخر مطّلع على ترتيبات الرحلة.

 

وكشفا أنّ الاتفاق سيكون مشابهاً لاتفاق أمني أبرمته الولايات المتحدة أخيراً مع قطر.

 

طائرات F-35 الشبحية

كما تريد السعودية الحصول على طائرات F-35 الشبحية، المقاتلات الأميركية الأكثر تطوّراً، لسلاحها الجوي، بحسب المسؤولَين. وقد أبدى المسؤولون السعوديّون حماسة للتقدّم نحو صفقة محتملة، تمنح المملكة حق الوصول إلى التكنولوجيا الأميركية لتطوير برنامج نووي مدني.

 

الحصول على اتفاق نووي واتفاق دفاعي، حتى وإن لم يكن معاهدة يُصدِّق عليها الكونغرس، كما طلب الأمير سابقاً، سيكون انتصاراً لبن سلمان.

 

وكانت إدارة بايدن قد أجرت محادثات معه بشأن العنصرَين كليهما، لكنّها أصرّت على أن تُطبّع السعودية علاقاتها مع إسرائيل مقابل ذلك. وتوقفت تلك المحادثات بعد اندلاع الحرب في غزة، واجتياح الغضب الشعبي لإسرائيل منطقة الشرق الأوسط. لكنّ ذلك لن يمنع ترامب من المحاولة.

 

في مقابلة مع مجلة «تايم» في 15 تشرين الأول، أوضح أنّه يعتقد أنّه «قريب جداً» من صفقة تُقيم بموجبها السعودية علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، متوقعاً أن يحدث ذلك قبل نهاية العام. وأضاف في مقابلة مع قناة «فوكس بيزنس» في تشرين الأول، مشيراً إلى الصراع في غزة: «لم يكن بإمكانهم فعل ذلك أثناء الحرب». والآن، مع وجود وقف هش لإطلاق النار، يعتقد أنّه سيحدث.

 

علاقات رسمية «شبه مستحيلة»

 

لكنّ علي الشهابي، المعلّق السعودي المقرّب من القيادة في المملكة، أكّد أنّ إقامة علاقات رسمية بين البلدَين تبدو «شبه مستحيلة» بحلول نهاية العام، «إلّا إذا حدث تغيير جذري في إسرائيل».

 

ويرى الأمير (40 عاماً)، أنّ التطبيع مشروط بأن تتخذ إسرائيل «خطوة لا رجعة فيها وكبيرة نحو إقامة دولة فلسطينية»، بحسب الشهابي. وأضاف أنّ صفقة سعودية-إسرائيلية هي النفوذ الجاد الوحيد المتبقّي لدولة عربية يمكن استخدامها لصالح الفلسطينيِّين: «المملكة تريد استخدام تلك الورقة لمحاولة حل المشكلة نهائياً لصالح الاستقرار الإقليمي الذي طال انتظاره». لكنّ ذلك غير مرجّح في المناخ الحالي، لأنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والسياسيِّين اليمينيِّين المتطرّفين في ائتلافه، أعلنوا أنّهم لن يدعموا إقامة دولة فلسطينية.

 

كثيرٌ من الإسرائيليِّين، الذين أُصيبوا بصدمة من هجوم 7 تشرين الأول 2023 الذي قادته «حماس» وأشعل حرب غزة، يوافقون على هذا الرأي. بالنسبة إليهم، العلاقة مع السعودية ليست بأهمّية التأكّد من عدم قيام دولة فلسطينية.

 

وأوضح بدر السيف، أستاذ التاريخ المساعد في جامعة الكويت، أنّ تصريحات ترامب عن تغيُّر وشيك بين السعودية وإسرائيل تذكّره بمدرّب حياة يحاول «تجسيد» الأمنيات إلى واقع: «فقط معالجة الأسباب الجذرية» للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني يمكن أن تجعل ذلك ممكناً.

 

ويرجع ذلك جزئياً إلى آراء المواطنين السعوديِّين. فقد أظهر استطلاع أُجري في أواخر عام 2023، أنّ السعوديِّين يعارضون بشكل كاسح إقامة علاقات مع إسرائيل. وعلى رغم من أنّ المملكة أصبحت أكثر سلطوية تحت قيادة بن سلمان، يعتقد المحلّلون إنّه ما زال مضطراً لأخذ الرأي العام في الاعتبار عند اتخاذ قراراته.

 

بالنسبة إلى الأمير، ستكون الزيارة الرسمية إلى الولايات المتحدة مناسبة بالغة الأهمية. فقد كانت زيارته الأخيرة عام 2018 في جولة فخمة استمرّت 3 أسابيع التقى خلالها ترامب وعمالقة الأعمال والإعلام الأميركيِّين. وقد روّج حينها لرسالة عن تنويع الاقتصاد السعودي الغني بالنفط وتحوّلاته الاجتماعية، بما في ذلك توسيع حقوق المرأة.

 

لكن بعد أشهر قليلة، قتل عملاء سعوديّون الصحافي في «واشنطن بوست»، جمال خاشقجي، الكاتب السعودي المنفي، وقطّعوا جثته داخل قنصلية المملكة في إسطنبول.

 

واجه الأمير إدانة دولية واسعة. وخلصت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إلى أنّ ولي العهد هو مَن أجازَ قتل خاشقجي. كثيرٌ من قادة العالم ورجال الأعمال الذين كانوا يُرحّبون به من قبل أصبحوا يتجنّبونه.

 

أنكر الأمير أي دور له في الجريمة، لكنّه اعترف بمسؤولية رمزية عنها بصفته الحاكم الفعلي للبلاد. ومع ذلك، لم تدم إدانة العالم طويلاً، فبعد أشهر قليلة بدأ التنفيذيّون الأميركيّون في البنوك يعودون تدريجاً إلى المملكة. وفي عام 2022، سافر الرئيس جو بايدن إلى السعودية للقاء الأمير وتبادلا التحية بقبضة اليَد.

 

حتى الآن، لم يعُد الأمير إلى الولايات المتحدة. ويؤكّد مؤيّدوه أنّ رحلته المخطّط لها ستَطوي الصفحة الأخيرة من فصل مضطرب. وهم يرَونه اليوم شخصية سياسية ثقيلة لا يمكن تجاهلها.

 

وفي أيار، اختار ترامب السعودية وجهته الأولى لرحلته الخارجية الكبرى في ولايته الثانية. وأشاد بجهود ولي العهد في إعادة تشكيل المملكة، معلناً أمام جمع من المسؤولين ورجال الأعمال السعوديِّين أنّ «القوّة العظمى في العالم لن تُملي عليكم بعد الآن كيف تعيشون».

 

انعقد الأسبوع الماضي في الرياض مؤتمر الاستثمار السنوي للأمير، بحضور آلاف المصرفيِّين والمسؤولين والتنفيذيِّين ورواد الأعمال. وقدّم المؤتمر نافذة على أولوياته.

 

تضمّن المنتدى نحو 12 جلسة نقاش حول الذكاء الاصطناعي. وتحدّث عدد من المسؤولين السعوديِّين عن مشاريع الأمير الضخمة واستراتيجيّته الجديدة لصندوق الثروة السيادي الهائل للمملكة.

 

ومع ذلك، لم يُذكر تقريباً أي حديث عن الاستثمار في غزة أو إعادة إعمارها، وهو الجهد الذي يأمل ترامب في إقناع السعودية ودول الخليج الأخرى بقيادته.

 

والتصريحات الوحيدة على المنصة بشأن التطبيع مع إسرائيل جاءت من دينا باول، نائبة مستشار الأمن القومي السابقة للرئيس ترامب، التي أشادت باتفاقيات أبراهام الذي أقامت بموجبها الإمارات والبحرين علاقات مع إسرائيل عام 2020. ولطالما عبّر الرئيس ترامب عن رغبته في أن تنضمّ السعودية إلى تلك الاتفاقيات.

 

لكنّ السعودية «أوضحت مراراً وتكراراً أنّه يجب أن تتضمّن إقامة دولة فلسطينية» ليتمّ الاتفاق، بحسب ياسمين فاروق، مديرة مشروع الخليج وشبه الجزيرة العربية في «مجموعة الأزمات الدولية»، وهي مؤسسة بحثية.

 

ومع ذلك، لا يعني ذلك أنّ التطبيع مستبعد تماماً بالنسبة إلى السعودية، تضيف فاروق. فطالما أنّ حكومات الخليج يمكنها كسب وِدّ واشنطن من خلال بناء علاقات مع إسرائيل، «فإنّ التطبيع سيبقى دائماً مطروحاً على الطاولة».

theme::common.loader_icon