مَن خرج أقوى من محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين؟
مَن خرج أقوى من محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين؟
كاترين بينهولد- نيويورك تايمز
Saturday, 01-Nov-2025 06:53

بعد أشهر من حرب تجارية هزّت الاقتصاد العالمي، توصّلت الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق. مَن الفائز؟ الإجابة تعتمد على مَن تسأله، لكنّ زملائي ليلي كوو وديفيد بيرسون قدّما حجة مقنعة بأنّ الرئيس الصيني شي جين بينغ منح الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما يحتاجه، مقابل تنازلات قليلة جداً من جانبه.

فنّ السماح لترامب بادّعاء النصر
عندما خرج الرئيس الصيني شي جين بينغ من اجتماعه مع الرئيس دونالد ترامب في كوريا الجنوبية، بدا واثقاً كرجل لعب أوراقه بمهارة.
من خلال استعراض احتكار الصين شبه الكامل للمعادن النادرة وقوّتها الشرائية في ما يتعلّق بفول الصويا الأميركي، تمكّن شي من انتزاع تنازلات رئيسية من واشنطن، تضمّنت:
- خفض الرسوم الجمركية، واتفاقاً على تمديد الهدنة بشأن فرض رسوم جديدة.
- تعليق رسوم الموانئ على السفن الصينية.
- تأجيل القيود الأميركية على الصادرات التي كانت ستحرم مزيداً من الشركات الصينية من الوصول إلى التكنولوجيا الأميركية.
النتيجة سمحت لترامب بأن يعلن النصر لصالح المزارعين والشركات الأميركية، على رغم من أنّ كل ما فعلته الصين في الواقع هو إعادة الوضع إلى ما كان عليه في وقت سابق من هذا العام، بما في ذلك استئناف شراء فول الصويا الأميركي. بدا أنّ شي يُدرك ما يحتاجه ترامب: اتفاق يمكن تسويقه كإنجاز داخلي.
رفع ترامب قبضته في الهواء أثناء صعوده إلى طائرة «إير فورس وان»، وكتب لاحقاً على منصة «تروث سوشال»: «سيكون مزارعونا سعداء جداً! أودّ أن أشكر الرئيس شي على ذلك!».

بلد يمكنه الردّ بالمثل
في ملخّص رسمي صادر عن الحكومة الصينية لتعليقات شي خلال الاجتماع، بدا الرئيس الصيني وكأنّه يُلقي محاضرة أكثر من كونه يُجري محادثة دبلوماسية.
ولفت شي لترامب أنّ «المنعطفات والتقلّبات الأخيرة» في الحرب التجارية يجب أن تكون دروساً مفيدة. وأضاف: «ينبغي على الجانبَين النظر إلى الصورة الكبرى والتركيز على الفوائد الطويلة الأمد للتعاون، بدلاً من الوقوع في حلقة مفرغة من الانتقام المتبادل».
من المرجّح أنّ شي كان يُشير إلى أشهر من الإجراءات الانتقامية المتبادلة بين الصين والولايات المتحدة، على شكل رسوم جمركية وعقوبات وضوابط على الصادرات. وفي وقت سابق من هذا الشهر، صعّدت الصين الموقف بإعلانها فرض قيود واسعة على مبيعات المعادن النادرة - وهي معادن أساسية تُستخدم في تصنيع معظم التقنيات الحديثة. فقطع إمداداتها يمكن أن يُضعف الصناعات الأميركية.
كانت رسالة شي واضحة: بكين أثبتت قدرتها على الردّ، وعلى واشنطن أن تتذكّر ذلك جيّداً.
ويبدو أنّ الرسالة وصلت. فبعد اجتماع الزعيمَين، أعلنت وزارة التجارة الصينية في بيان أنّها ستعلّق لمدة عام واحد القيود المفروضة على المعادن النادرة التي أُعلنت في تشرين الأول. وفي المقابل، أكّد ترامب أنّه سيُخفّض إلى النصف الرسوم الجمركية البالغة 20% التي فرضها على السلع الصينية في وقت سابق من هذا العام، ما سيجعل معدّل الرسوم الإجمالي على الصين نحو 47%.
وأوضح بعض الخبراء، أنّ الصين كانت تمتلك اليد العليا حتماً في المعركة التجارية، لأنّ إدارة ترامب لم تكن تملك هدفاً واضحاً منذ البداية.
وأضاف جوناثان تشين، الباحث في معهد بروكينغز: «من المفترض أنّ الهدف كان معالجة بعض القضايا التجارية الجوهرية التي لطالما عرقلت العلاقة بين البلدَين».
لكنّ الصين، برأي تشين: «نجحت في تنظيم لعبة تشبه ضرب الخلد (Whac-A-Mole)» في ردّها على الرسوم الأميركية، ما أجبر الولايات المتحدة على الانتقال من فول الصويا إلى المعادن النادرة إلى تطبيق «تيك توك»، بينما تُركت الصورة الكبرى من دون معالجة. وأضاف تشين أنّ نهج ترامب «يمكن وصفه بأمان بأنّه تكتيكات بلا استراتيجية».

هدوء موقت؟
الاتفاقات التي تمّ التوصل إليها قد تجلب بعض الهدوء الموقت للعلاقة بين الولايات المتحدة والصين. وأعلن ترامب أنّ الزعيمَين ناقشا أيضاً «العمل معاً» لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مضيفاً أنّه سيُسافر إلى الصين في نيسان، على أن يزور شي الولايات المتحدة بعد ذلك.
أغدق ترامب المديح على شي، واصفاً إياه بأنّه «زعيم عظيم لبلد عظيم وصديق رائع». أمّا شي، فأشار إلى أنّه يؤمن بأنّ «تطوّر الصين يسير جنباً إلى جنب مع رؤية ترامب لجعل أميركا عظيمة مجدّداً».
بالطبع، من السهل أن تكون كريماً في كلامك عندما تكون قد أثبتّ أنّك قادر على صياغة شروط الصفقة بنفسك.

theme::common.loader_icon