استراتيجية علمية متكاملة للوقاية من أمراض العصر
استراتيجية علمية متكاملة للوقاية من أمراض العصر
ساندي بو يزبك

أخصائية تغذية

Wednesday, 29-Oct-2025 06:46

الصحة الحقيقية لا تُقاس بعدد الوجبات أو قسوة الحمية، بل بنوعية المكونات وتكاملها داخل الطبق.

فبحسب توصيات منظمة الصحة العالمية وجامعة هارفرد لعام 2025، الوقاية تبدأ من جودة الغذاء، لا من كمّيته، مع التركيز على الأطعمة الكاملة، البروتينات عالية الجودة، والألياف كمحوَر للتغذية المستدامة.

 

يُبنى نموذج الطبق الصحي، المعتمد من وزارة الزراعة الأميركية وجمعية القلب الأميركية، على تقسيم بسيط وفعّال: نصف الطبق للخضروات والفواكه، وربع للبروتينات الخالية من الدهون، وربع للحبوب الكاملة. هذا التوزيع يضمَن توازناً يومياً من دون عناء حساب السعرات.

 

الخضروات والفواكه تمثل درع الحماية الأساسي للجسم. فهي غنية بالألياف ومضادات الأكسدة مثل الفلافونويدات والكاروتينات، إلى جانب فيتامين C والبوتاسيوم.

 

تناوُل 5 حصص يومياً منها يخفّض خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة بنحو 25 إلى 30%. الألياف تُنظّم سكّر الدم وتُحسّن الهضم، بينما تُقلّل البوليفينولات من الالتهابات والإجهاد التأكسدي المسبِّبَين لأمراض العصر.

 

أمّا البروتين، فهو حجر الأساس لبناء الأنسجة والعضلات وتنظيم الشهية. أفضل مصادره الأسماك، خصوصاً الدهنية منها، الدجاج منزوع الجلد، البيض، البقوليات، ومنتجات الألبان قليلة الدسم. وأظهرت أبحاث حديثة أنّ توزيع البروتين على الوجبات يُعزّز بناء العضلات والسيطرة على الشهية، بينما يساهم البروتين النباتي في تحسين حساسية الإنسولين وتقليل الالتهابات عند تقليل استهلاك اللحوم الحمراء.

 

بدورها، الحبوب الكاملة تمنح الجسم طاقة مستقرة وغنية بالمغذيات، مثل الكينوا، الشوفان، والأرز البني. فاستبدال الحبوب المكرّرة بالكاملة يُقلّل خطر أمراض القلب والمتلازمة الأيضية بنسبة تصل إلى 20%، بفضل انخفاض مؤشرها الغلايسيمي الذي يحافظ على ثبات مستوى الطاقة.

 

الوجبات الخفيفة ليست عدوة للصحة متى اختيرت بذكاء. فالمكسرات والبذور تمدّ الجسم بالدهون الجيدة وأحماض أوميغا-3، وتُخفّض خطر أمراض القلب بنحو 30%.

 

كما توفّر الفواكه والخضار النيئة، مثل التفاح والخيار، شعوراً بالشبع من دون سعرات مرتفعة، بينما يمنح الزبادي اليوناني البروتين والبروبيوتيك الضروري لصحة الأمعاء والمناعة.

 

أمّا التوصيات الأساسية، فتُشدّد على ألّا تتجاوز السكّريات المضافة 10% من السعرات اليومية، وخفض الصوديوم إلى أقل من 5 غ يومياً، وتجنّب الأطعمة فائقة المعالجة. ويبقى شرب الماء بانتظام ركناً لا غنى عنه في دعم الأيض وتنظيم حرارة الجسم.

 

الصحة ليست حرماناً ولا نظاماً موقتاً، بل أسلوب حياة يقوم على الاعتدال والتنوّع. والبدء بطبق متوازن كل صباح هو أول خطوة نحو حيَوية مستدامة.

theme::common.loader_icon