ثلاثي الطاقة في دمك: السرّ وراء نشاطك الدائم
ثلاثي الطاقة في دمك: السرّ وراء نشاطك الدائم
ساندي بو يزبك

أخصائية تغذية

Thursday, 23-Oct-2025 06:02

هل تشعر بالتعب والإرهاق من دون سبب واضح؟ قد يكون السبب اختلالاً في توازن «فريق الطاقة الثلاثي» الذي يعمل بصمت داخل دمك: الحديد، الفولات (فيتامين B9)، وفيتامين B12.

هذه العناصر تعمل بتناغم دقيق لإنتاج خلايا الدم الحمراء ونُضجها، وعندما يختل هذا التوازن، تتأثر قدرة الجسم على نقل الأوكسجين وتجديد الخلايا، ما يؤدّي إلى الخمول، فقر الدم، والشحوب. وهي إشارات إلى أنّ الجسم يفقد طاقته من مصدرها الجزيئي.

 

الحديد هو المكوّن الأساسي للهيموغلوبين المسؤول عن التقاط الأوكسجين ونقله. يحتاج معظم البالغين إلى نحو 10-20 ملغ يومياً، لكنّ الجسم لا يمتص سوى نسبة ضئيلة تتراوح بين 3 و15%. يُمتص الحديد الموجود في اللحوم الحمراء والكبد (الحديد الهيمي) بسهولة أكبر من الحديد النباتي الموجود في العدس والسبانخ.

 

يساعد حمض المعدة في تحويل الحديد إلى شكله القابل للامتصاص، ولهذا يُعدّ تناول فيتامين C (مثل عصير الليمون أو البرتقال) مع الحديد النباتي معزِّزاً ممتازاً لامتصاصه. في المقابل، تُقلِّل الفيتات في الحبوب، والكالسيوم الزائد، ومركّبات التانينات في الشاي والقهوة من كفاءة الامتصاص.

 

بعد امتصاصه، يرتبط الحديد ببروتين الترانسفيرين لينتقل عبر الدم إلى نخاع العظم، بينما يُخزَّن الفائض في الكبد على شكل الفيريّتين.

 

وينظّم هرمون الهيبسيدين الصادر من الكبد خروج الحديد من الخلايا؛ فعندما يرتفع، يمنع إطلاق الحديد لتفادي تراكمه. في حالات الالتهاب المزمن، يزداد الهيبسيدين، فيُحبس الحديد داخل الخلايا، ما يؤدّي إلى فقر دم يُعرف بـ«أنيميا الأمراض المزمنة».

 

وعند انتهاء حياة خلايا الدم الحمراء، تُفكِّك الماكروفاج في الطحال والكبد الهيموغلوبين وتسترجع الحديد لإعادة استخدامه.

 

يُعاد تدوير نحو 25 ملغ من الحديد يومياً، وهي كمّية تفوق بكثير ما يُمتص من الغذاء، ممّا يوضّح ذكاء الجسم في الحفاظ على توازن هذا المعدن الحيوي.

 

لكنّ الحديد وحده لا يكفي؛ فعملية تكوين خلايا الدم تحتاج أيضاً إلى دعم من الفولات وفيتامين B12، اللذَين يُشكّلان الأساس لبناء الحمض النووي داخل نخاع العظم.

 

يُمتص الفولات في الأمعاء الدقيقة، بينما يحتاج فيتامين B12 إلى مادة «العامل الداخلي» التي تُفرز في المعدة ليُمتص في الجزء الأخير من الأمعاء.

 

تتوافر مصادر الفولات في الخضار الورقية مثل السبانخ، الجرجير، الخس الروماني، الكرنب الأخضر (الكيل)، البروكلي، والبقوليات كالعدس، الحمص، والفاصوليا الحمراء والسوداء.

 

أمّا فيتامين B12، فيوجد في المصادر الحيوانية: الكبد، السمك، البيض، ومنتجات الألبان.

 

يُخزَّن الفولات في الكبد، لكنّه ينفد خلال أشهر عند سوء التغذية، بينما يُخزَّن B12 بكمّيات تكفي لسنوات، ما يجعل النباتيِّين أكثر عرضةً لنقصه، ويُنصح لهم بتناول المكمِّلات عند الحاجة.

 

في نخاع العظم، يعمل الفولات مع B12 على إنتاج الشكل النشط من الحمض الفولي الضروري لانقسام الخلايا. وعند نقص أحدهما، تكبر خلايا الدم من دون أن تنقسم جيداً، فتظهر الأنيميا الضخمة الأرومات.

 

وفي حال نقص B12، يُحتجز الفولات في شكله غير النشط، فيما يُعرف بـ«فخ الميثيل»، فتتوقف عملية انقسام الخلايا ويظهر التعب، الشحوب، وأحياناً أعراض عصبية مرتبطة بنقص B12.

 

إنتاج خلايا الدم الحمراء عملية دقيقة تتطلّب تكاملاً محكماً بين الحديد، الفولات، وB12. وعندما يختل هذا التوازن، يضعف نقل الأوكسجين، وتقلّ الطاقة الحيوية في كل خلية من خلايا الجسم.

 

للحفاظ على دمٍ صحي ونشاطٍ مستدام

 

• نوِّع غذائك بين المصادر الحيوانية والنباتية.

• تناول فيتامين C مع الحديد النباتي لتحسين امتصاصه.

• تجنّب القهوة أو الشاي أثناء الوجبات.

• انقع البقوليات والحبوب لتقليل مثبطات الامتصاص.

فحين تهتم بـ«ثلاثي الطاقة» في دمك، أنت لا تدعم فقط خلاياك، بل تُعيد شحن طاقتك من الجذر من داخل كل خلية في جسدك.

theme::common.loader_icon