كيف يستعد اللاعبون لأسبوع كثيف بالمباريات؟
كيف يستعد اللاعبون لأسبوع كثيف بالمباريات؟
جيف سكوت- نيويورك تايمز
Wednesday, 22-Oct-2025 06:13

عادت منافسات دوري أبطال أوروبا أمس، ومعها التحدّي أمام المدرّبين، لضمان أن يكون لاعبوهم جاهزين لتقديم أفضل أداء مرّتَين في الأسبوع عينه. فمع وجود أيام قليلة فقط بين المباريات، تواجه الفرق تحدّياً مزدوجاً: التعافي من مباراة والاستعداد لأخرى.

عندما يحدث ذلك، تختفي فعلياً فكرة «أسبوع التدريب» للاعبين المشاركين في المباريات، بحسب جيف سكوت، المتخصِّص في الأداء العالي الذي عمل في الدوري الإنكليزي الممتاز لمدة 20 عاماً، آخرها رئيساً لقسم الطب والعلوم الرياضية في توتنهام، ومؤسس مركز «هاورا» للعلاج الطبيعي والأداء النخبوي. ويُضيف: «يُصبح الأسبوع في جوهره متعلّقاً بالتعافي، لذلك لا يقومون بتدريبات عالية الكثافة إذا كانوا سيشاركون في المباراتَين».

 

لكن هناك أيضاً لاعبين آخرين يجب أخذهم في الاعتبار: أولئك الذين لا يشاركون في كل المباريات أو يحصلون على 20 إلى 30 دقيقة فقط في كل منها. فكيف تُدار هذه الجداول المضغوطة بالنسبة إليهم؟

 

يشرح سكوت: «يُبذَل جهد كبير في التخطيط اليومي، لأنّك تُريد تحقيق أقصى استفادة من كل يوم، لكن أيضاً من الدورة الأسبوعية لكل لاعب. وكلّهم يختلفون عندما يبدأ إيقاع أسبوع المباراتَين فعلياً».

 

نادٍ واحد.. وفريقان

 

عندما يشمل الجدول مباراتَين أسبوعياً، يُقسَم الفريق إلى مجموعتَين مختلفتَين: مجموعة «الأساسيِّين» (مجموعة التعافي) ومجموعة «البدلاء» (مجموعة التطوير). تتكوّن مجموعة الأساسيِّين من التشكيلة الأساسية وكل مَن يلعب أكثر من 60 دقيقة في المباراة. وبذلك، يصبح الفريق عملياً فريقَين بأسلوب العمل الأسبوعي. إذا كنتَ لاعباً أساسياً ثابتاً، فأنتَ تعيش في حلقة مستمرّة من مباراة ثم تعافٍ ثم ربما يوم تدريب قبل المباراة التالية. أمّا إذا لم تكن تبدأ أساسياً، فلا تحصل على أيام التعافي نفسها، بل تقوم بحصص تدريبية كاملة.

 

الذين لعبوا أقل من 60 دقيقة أو لم يشاركوا إطلاقاً، يؤدّون حصة تدريبية مكثفة في اليوم التالي للمباراة (MD+1). وأصبح من المألوف رؤية البدلاء بعد المباريات يؤدّون تدريبات جري في الملعب مباشرة بعد صافرة النهاية. الهدف من ذلك هو موازنة الحمل البدني الأسبوعي على جميع اللاعبين. فإذا كنتَ بديلاً دائماً، فإنّ معدّل أحمالك الأسبوعية ينخفض كثيراً، لذا تُستخدم تدريبات الجري بعد المباراة لمعادلة هذا النقص.

 

أمّا بالنسبة إلى مجموعة الأساسيِّين، فالفترة التي تمتد بين 48 و72 ساعة بعد المباراة مخصّصة حصراً لتقليل التعب. لا يُدرك كثيرون أنّ مرحلة التعافي تُسَيطر تماماً على البرنامج بمجرّد انطلاق الموسم، ولهذا فإنّ فترة الإعداد الصيفي تكون بالغة الأهمية، إذ تمنح اللاعبين الفرصة الوحيدة لبناء قاعدة لياقة حقيقية من دون انقطاع بسبب المباريات.

 

وخلال الموسم، هناك دائماً لاعبين تسعى إلى تحسينهم، لكن بالنسبة إلى آخرين، فإنّ أول 6 أسابيع كافية للوصول إلى المستوى الأمثل، ومن بعدها تُصبح المسألة مسألة «صيانة» بدنية.

 

التعافي النشط

اليوم التالي للمباراة مخصَّص لما يُسمّى بـ«التعافي النشط». وعندما يسمع الناس كلمة «تعافٍ»، يظنّون أنّها تعني الراحة التامة، لكنّها في الواقع عكس ذلك تماماً. يجب أن يكون التعافي فعّالاً، لا مجرّد جلوس مع رفع القدمَين.

 

بعض الأندية تُخرِج لاعبيها إلى الملعب لجولة قصيرة من الجري، لا تتعدّى 1,5 كيلومتر. ومع تتابع المباريات، قد يكون بعض اللاعبين تلقّى ضربات طفيفة أو يُعاني من شدّ عضلي، لذا يُتيح هذا الجري القصير فرصة اختبار حالتهم الحقيقية في الميدان. أمّا الاكتفاء بالفحص في غرفة العلاج فلا يُظهر مدى قدرتهم على الحركة الطبيعية.

 

أبرز تطوّر في بروتوكولات التعافي في الـ«بريميرليغ» هو الاستثمار الكبير في وحدات العلاج داخل مقرات التدريب. فالأندية أصبحت تُجهّز مراكزها بأجهزة استشفاء متقدّمة تُتيح للاعبين الوصول الفوري لأدوات التعافي بعد المباريات أو الجلسات الثقيلة.

 

وعلى رغم من أنّ حمامات الثلج ما زالت تُستخدَم، إلّا أنّ هناك بروتوكولات إضافية باتت أكثر شيوعاً في السنوات الأخيرة، من أبرزها:

 

العلاج بالتبريد (Cryotherapy)

بعض الأندية تمتلك غرف تبريد داخل منشآتها، وأخرى تستعين بوحدات متنقلة تُركّب في مقطورات قريبة. يقف اللاعبون داخل حُجرة مبرَّدة بالنيتروجين السائل إلى درجات حرارة منخفضة جداً (بين −110 و−160 مئوية) لمدة تتراوح بين دقيقتَين و3.

 

يتسبّب هذا التعرّض الحاد للبرودة بانقباض الأوعية الدموية موقتاً، ما يُقلِّل تدفّق الدم، ثم يتبعه تمدّد وعائي قوي عند العودة إلى الدفء، ما يُعزّز تدفّق الدم ويُسرّع التخلّص من الفضلات الأيضية في الأنسجة المتعبة. كما أنّ البرودة تمنح تأثيراً مسكّناً للألم وتعزّز الإحساس بالانتعاش.

 

العلاج بالأوكسجين عالي الضغط (HBOT)

يدخل اللاعب غرفة ذات ضغط جوّي مرتفع، لتمكين الرئتَين من امتصاص تركيز أعلى من الأوكسجين. هذا يحسّن تشبّع البلازما بالأوكسجين ويساعد في إيصال الأوكسجين إلى الأنسجة المتضرّرة أو المجهَدة.

 

وعلى رغم من أنّ الجلسات المثالية تمتد ساعتَين يومياً، إلّا أنّ جدول اللاعبين لا يسمح دائماً بذلك. ومع ذلك، بات يُستخدم هذا العلاج لدعم التعافي العام، عبر تسريع إصلاح الأنسجة الدقيقة وتقليل الالتهابات.

 

العلاج المائي (Hydrotherapy)

في اليوم التالي للمباراة، يُستخدم حوض HydroWorx المزوّد بجهاز مشي تحت الماء ونفاثات مائية للتدريب منخفض التأثير، ممّا يُقلّل الضغط على المفاصل والعضلات مع تعزيز الدورة الدموية وتسريع تجديد الأنسجة.

 

أدوات التعافي المستهدفة

تُتيح الأدوات المحمولة مثل أحذية الضغط Normatec البدء بالعلاج فوراً بعد المباراة، إذ تضغط الهواء بشكل متتابع على الساقَين لتقليل التورّم وآلام العضلات، وغالباً يرتديها اللاعبون في الحافلة أو الطائرة أثناء العودة من المباريات.

 

كما تُستخدم أجهزة التدليك المحمولة لمعالجة المناطق المشدودة مثل عضلات الورك والأرداف، للحفاظ على جودة الأنسجة.

theme::common.loader_icon