أخصائية تغذية
عندما تضرب اضطرابات الأمعاء، وعلى رأسها الإسهال، تكون الأولوية القصوى هي منع الجفاف.
يؤكّد الإجماع الطبي لعام 2025، على أنّ فقدان السوائل والكهارل (الأملاح والمعادن) هو الخطر الأكبر. لهذا، يُعدّ محلول معالجة الجفاف الفموي (ORS) هو العلاج الأحدث والأكثر فعالية، لأنّه يحتوي على التوازن المثالي من الماء والغلوكوز والأملاح لضمان الامتصاص السريع.
في حال عدم توفّر الـ ORS، يمكن اللجوء إلى سوائل منزلية مثل مرق الدجاج أو اللحم لتعويض الصوديوم، وماء جوز الهند لتعويض البوتاسيوم. يجب تجنّب المشروبات الغنية بالسكّر أو الكافيين لأنّها قد تزيد من حركة الأمعاء وتفاقم الجفاف.
بالنسبة إلى الأدوية، تُستخدم مضادات الإسهال لتوفير راحة سريعة من خلال إبطاء حركة الأمعاء. ومع ذلك، لا يُنصح بتناولها بشكل عشوائي، خصوصاً في حالات الإسهال المصحوب بالحمى أو الدم، إذ يمكن أن تؤخّر خروج الكائنات المسببة للعدوى.
في الحالات الشديدة أو المستمرة، قد يصف الطبيب المضادات الحيوية بعد إجراء الفحوصات اللازمة.
الغذاء بين العلاج والوقاية: خريطة الأطعمة المسموحة والممنوعة
النظام الغذائي الصحيح يلعب دوراً محورياً في تسريع التعافي وتهدئة الأمعاء المتهيجة. ويكون التركيز على الأطعمة الخفيفة قليلة الألياف والدهون.
الأطعمة الصديقة للأمعاء أثناء الاضطراب:
يجب اعتماد الأطعمة التي تساعد على تماسك البراز وتعويض الأملاح المفقودة، وتشمل: الموز (لغناه بالبوتاسيوم والبكتين)، الأرز الأبيض المسلوق، البطاطا المسلوقة والمقشرة، والخبز المحمص الأبيض.
لتوفير البروتين، يمكن تناول الدجاج الأبيض أو السمك المطهو على البخار أو المسلوق والخالي من الدهون. كما أنّ تناول الزبادي أو الكفير الغني بالبروبيوتيك قد يكون مفيداً لاستعادة توازن البكتيريا، ما لم يكن الشخص يعاني من حساسية موقتة للاكتوز.
الأطعمة التي يجب تجنّبها تماماً:
تجنّب أي شيء يهيّج الجهاز الهضمي أو يَزيد الغازات. هذا يشمل: الأطعمة المقلية والدهنية (بما فيها اللحوم الدهنية)، التوابل الحارة، الحبوب الكاملة والبقوليات التي تحتوي على ألياف غير قابلة للذوبان، الخضروات الصليبية مثل البروكلي والقرنبيط، ومنتجات الألبان الغنية باللاكتوز.
يجب أيضاً الابتعاد عن المحليات الصناعية مثل السوربيتول، لأنّها تسحب الماء إلى الأمعاء، وكذلك المشروبات التي تحتوي على الكافيين.
بناء المناعة من الداخل: استراتيجيات تقوية الأمعاء
الخطوة الأكثر تقدّماً في الحفاظ على الصحة تبدأ ببناء ميكروبيوم معوي صحّي، وهو أساس لمناعة الجسم ووقايته من الأمراض المزمنة (مثل القولون العصبي وبعض الأمراض الأيضية).
1 - استثمر في البروبيوتيك والبريبايوتكس:
• البروبيوتيك: هي البكتيريا الحيّة النافعة التي تساعد في إعادة التوازن للأمعاء. لا تقتصر على المُكمّلات، بل توجد في الأطعمة المخمّرة مثل الكفير والزبادي عالي التركيز.
• البريبايوتكس: هي غذاء هذه البكتيريا النافعة، وهي في الواقع ألياف خاصة توجد في أطعمة مثل الثوم، البصل، الموز غير الناضج، والهليون. تشير الأبحاث إلى أنّ الجمع بين الاثنَين (الـسينبيوتيك) هو الاستراتيجية الأمثل لتعزيز صحة الأمعاء.
2 - إدارة نمط الحياة لسلامة الأمعاء:
• إدارة التوتر والنوم الجيّد: يُثبت العلم يوماً بعد يوم أنّ هناك اتصالاً مباشراً بين الدماغ والأمعاء (محور الأمعاء-الدماغ). التوتر المزمن يزيد من الالتهاب ويخلّ بتوازن البكتيريا. لذلك، ممارسة تقنيات الاسترخاء والحصول على 7-9 ساعات نوم يومياً ضروريان لسلامة الأمعاء.
• النشاط البدني المعتدل: التمارين المنتظمة لا تفيد القلب فحسب، بل تحفّز أيضاً حركة الأمعاء وتدعم تنوّع الميكروبيوم.
• الحذر من المضادات الحيوية: يجب الحدّ من استخدامها قدر الإمكان، لأنّها تُدمّر البكتيريا النافعة بشكل واسع، وتؤدّي إلى اختلال التوازن الذي قد يستمر لأشهر.
باختصار، صحّة أمعائك هي خارطة طريقك لحياة خالية من الأمراض. ركّز على التغذية المتنوعة، السيطرة على التوتر، وادعم جيش البكتيريا النافعة لديك.