ما نحتاجه في لبنان: انتخابات ديمقراطية والحق في التعبير
ما نحتاجه في لبنان: انتخابات ديمقراطية والحق في التعبير
محمود القيسي
Saturday, 04-Oct-2025 06:44

الضباب الذي نتلاشى به...

الضباب الذي نُمَّحى فيه... هذا

ربما كان نهرٌ هنا يولد..

إنني أسمع الآن أغنية الحور تأتي

من مياه البحيرةِ

حيث كانت هناك المدينة.‏

(الشاعر جوسيبي أونغاريتي)

نعم، ما نحتاجه في لبنان انتخابات على مبادئ الديمقراطية الأساسية، وحق المواطن في التعبير الحرّ عن إرادته الحرّة، وحقه في الاقتراع أينما كان. نقطة على السطر.

 

ما شهدته الجلسات التشريعية الأخيرة المتعلّقة بقانون الانتخابات، هو إنذار خطير يُهدِّد بضرب هذا الاستحقاق الدستوري في الصميم وتشويه مشروعيّته ونزاهته، وإنّ معركة قانون الانتخابات ليست مجرّد خلاف على بنود فنية أو قانونية، بل هي في جوهرها صراعٌ على مبادئ الديمقراطية الأساسية وحق المواطنين في التعبير الحُرّ عن إرادتهم.

 

تُشير المصادر، إلى أنّ استمرار المماطلة والتعطيل، وحصر المغتربين في انتخاب 6 مقاعد نيابية مخصّصة لهم، يهدفان إلى خنق صوت التغيير الذي يُنظر إليه على أنّه يأتي بقوّة من الخارج. هذا التكتيك يُثير تساؤلات جدّية حول النوايا الحقيقية للكتل المعرقلة، فهل ستنتصر الإرادة الديمقراطية، أم أنّ محاولات خنق الأصوات ستنجح في إبقاء «الستاتيكو» على ما هو عليه؟

 

تعتبر الأوساط القانونية، أنّ إقصاء هذه الكتلة التصويتية الكبيرة يُفقِد العملية الانتخابية جزءاً كبيراً من تمثيلها وصدقيّتها على الساحة الدولية والمحلية. وفي الوقت الذي يعوّل فيه اللبنانيّون على المغتربين لحمل صوت التغيير المنشود، فإنّ أي محاولة لعرقلة مشاركتهم تساهم بشكل مباشر في استمرار حالة الشلل السياسي والجمود التي تعيشها البلاد، وتؤجّج الشعور بالإحباط واليأس لدى المواطنين والمقيمين على حدٍّ سواء.

 

الانتخابات النيابية كبارقة أمل وفرصة وحيدة لإحداث تغيير ديمقراطي حقيقي، وتجديد الشرعية للمؤسسات الدستورية التي تآكلت ثقتها وهيبتها. ومن وجهة نظر حكومية ونيابية داعية للإصلاح، فإنّ تعطيل قانون الانتخابات، وتحديداً في ما يتعلّق بتصويت المغتربين، لا يُعدّ مجرّد خلاف تقني، بل يحمل في طياته تداعيات وخيمة على المستقبل السياسي والاقتصادي للبلاد.

 

ناسياً أو مُتناسياً هذا البعض، أنّ لبنان يمرّ بأخطر مفترقات تاريخه الحديث، إذ تتشابك الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية مع حالة من الشلل السياسي المزمن!

 

نعم، تعتبر الأوساط القانونية في كل الأبعاد والمقاييس والمرجعيات ومراكز الدراسات والأبحاث السياسية والاجتماعية والثقافية في هذا العالم، أنّ الانتخابات الحُرّة والنزيهة هي عملية انتخابية تُجرى من دون ضغوط أو تلاعب، إذ يتمكن المواطنون أينما كانوا من التعبير عن إرادتهم واختيار ممثليهم بحرّية كاملة.

 

تشمل هذه العملية ضمان الشفافية، مساواة الفرص للمرشحين، ومراقبة مستقلة للتأكّد من عدم حدوث أي تلاعب. وتُعدّ الانتخابات الحُرّة والنزيهة أساساً لتمكين الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية، إذ تتيح للناس فرصة التعبير عن آرائهم والمشاركة في صنع القرار. وتُعزّز هذه العملية الثقة في النظام السياسي وتساهم في استقرار المجتمعات، لأنّها تسمح بتجديد الطبقة السياسية وتلبِيَة تطلعات المواطنين بشكل عادل، يضمن الاستقرار الوطني في الدولة الوطنية.

 

نعم، تُعتبَر الانتخابات الحُرّة والنزيهة أساساً لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في أي مجتمع وأي شعب... حق أي مواطن يعيش في داخل بلاده أو في خارجها أن يُدلي بصَوته، وحقّه في تكريس دولة المواطنة والديمقراطية. فعندما يشعر المواطنون بأنّ أصواتهم تُحتَسب بصدق، فإنّ ذلك يُعزّز ثقتهم في النظام السياسي. وتساهم الانتخابات العادلة في تحقيق التوازن والتمثيل العادل لجميع فئات المجتمع، ممّا ينعكس إيجاباً على الاستقرار الاجتماعي. كما تلعب الانتخابات الحرّة دوراً مهمّاً في التنمية الإقتصادية والإجتماعية. من خلال توفير مسار للتمثيل الشرعي والمشارك، يمكن للمجتمعات استقطاب الاستثمارات وتحسين الظروف الحياتية. تُشجّع الانتخابات الشفافة على الابتكار والتنمية المستدامة، ممّا يُسهِم في رفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاهية العامة.

 

نعم، تُعتبَر القوانين في ضمان الانتخابات الحُرّة والنزيهة أساساً لإنجاز الاستحقاق الانتخابي، لأنّ القوانين المنظّمة للعملية الانتخابية ضرورية لضمان الشفافية والنزاهة. وتهدف هذه القوانين إلى وضع إطار قانوني يُنظِّم مختلف جوانب الانتخابات، بما في ذلك تسجيل الناخبين، عمليات الاقتراع، وإعلان النتائج.

 

ويساهم وجود إطار قانوني قوي في تعزيز الثقة بين المواطنين ويُقلِّل من فرص التلاعب. هناك عدد من الأنظمة الدولية التي تهدف إلى تعزيز نزاهة الانتخابات، مثل مراقبة الانتخابات من قِبل منظمات مستقلة. فهذه الأنظمة تساعد في توفير بيئة انتخابات عادلة، تحترم حقوق الناخبين في (الداخل والخارج)، وتُعزّز المشاركة الديمقراطية، ممّا يساهم في تحقيق مستقبل أكثر استدامة واستقلالية وديمقراطية.

 

تواجه العديد من الدول، ولبنان على سبيل المثال، تحدّيات ناجمة عن التدخّلات والأجندات الخارجية في العمليات الانتخابية. هذه التدخّلات قد تؤثّر سلباً على سيادة الدول، ما يؤدّي إلى عدم ثقة المواطنين في نتائج الانتخابات. وتحتاج تلك الدول إلى وضع استراتيجيات فعّالة لمواجهة هذه التحدّيات وضمان استقلالية العملية الانتخابية. وتُعَدّ مكافحة الفساد وتأمين مصادر تمويل شفافة من أبرز التحدّيات التي تواجه الانتخابات. فغياب الشفافية في التمويل قد يؤدّي إلى استفادة بعض المرشحين على حساب الآخرين، أو بالأحرى على حساب مصلحة البلد، ممّا يُسبِّب عدم توازن في المنافسة. لذلك، يجب على الحكومات والمجتمع المدني العمل سوياً لوضع آليات فعّالة لمراقبة مصادر التمويل وضمان عدالة الانتخابات... نقطة على السطر!

theme::common.loader_icon