السلاح وصخرةُ سعيد عقل
السلاح وصخرةُ سعيد عقل
جوزف الهاشم
Friday, 03-Oct-2025 07:51

تعالوا، إلى كلمة سواء لنعترف بأنّ المشكلة الحصرية ليست بالسلاح وحصرية السلاح أو بالسلاح حصراً، فلا مجال للمواجهة بسيوفٍ تتكسَّرُ في الهواء.

المشكلةُ هي مشكلة حُكمٍ وسلطةٍ ونفوذ...

 

قادةُ المقاومة يُدركون أكثر من الذين يتفلسفون عليهم، أنَّ التّقلبات العسكرية والتحوّلات الإقليمية والدولية، وآفاق الإمدادِ التسلّحي وانقطاع أواصر التواصل بين الساحات، خلقت واقعاً جديداً واختلالاً جسيماً في موازين الميادين.

 

ولا نظنّهم يجهلون، وهُم المتفوّقون بالخبرة الجهادية، أنّ السلاح اليوم وحتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، لم تعُدْ لَهُ وظيفةٌ قتالية مرحليّة في الجنوب، لا للدفاع ولا للهجوم ولا للإسناد، وإنّ أي مغامرة قد تُعرّض الجنوب وأهله وسائر لبنان على غرار ما يجري في غير مكان.

 

كمثل ما زَلَّ لسان الدكتور سمير جعجع عندما اعتبر أنّ تعديل قانون الإنتخاب لتمكين المغتربين من انتخاب 128 نائباً في لبنان يؤمّن له كسْباً إنتخابياً راجحاً، هكذا كان جواب النائب علي حسن خليل، عبر حلقة تلفزيونية بأنّ هناك أيضاً مَن يتحصّن بما يؤمّن له نفوذاً سياسياً وانتخابياً.

 

ليس غريباً القول: إنّ «حزب الله» على مدى العقود الماضية تمكّن من أن يكون هو الحاكم الفعلي إلى جانب الحاكم الشرعي، سواء بواسطة السوريّين حين كان هناك سوريّون، أو بواسطة حُكم الرئيس ميشال عون حين كان في الحُكم عَونيّون.

 

وليس من السهل على «حزب الله» بما كان يتمتّع به من تفوّق، أن تنزع السلاح من يدَيه، وكأنّك تنزع منه السلطة على طريقة: ما لقيصر لقيصر وما للّه لله.

 

لقد استطاع الحزب بذكاءٍ بارع أن ينتقل في شكلٍ تصاعدي من حالةِ الركودِ إلى حالة النهوض، مستفيداً من تغافل الحُكم عن انتهاز الفرصة السانحة لتركيز سلطته يوم كان في عزّ وهجه تأييداً، وتأتي على الحُكّام فرَصٌ إذا لم يتمّ التقاطُها في اللحظة المناسبة فلن تكون هناك فرصة أخرى مشابهة لها.

 

وفي ما يُعرف بامتحان جسّ النبْض بما هو فعلٌ وردّة فعل، استطاع الحزب أن يتسلّق المراحل مدعوماً بالحوافز المنشِّطة من قِبل كبار المسؤولين الإيرانيّين، فسجّل الإنتصار لنفسه على قرار الحكومة حول حصرية السلاح، وسجّلت الحكومة انكساراً لنفسها على صخرة الروشة بما عبّرَ عنه الشاعر بالقول:

 

«كناطحٍ صخرةً يوماً ليوهِنَها...»

 

المشكلة لا تتعلّق بحصرية السلاح ما دام السلاح مخزوناً تحت الأرض... ولا تتعلق باستراتيجية الأمن القومي، إذا لم تكن هناك حصرية الإيمان بإعادة بناء الدولة والإلتفاف جميعاً حولها وفي كنفها، وعند سقوط الدولة تطرح معادلات أقلّها: «حلّ الدولتَين».

 

نحن اليوم أمام معادلات وكأنّنا نجعل منها معجزات...

الحزب يتمسّك بالسلاح ويطالب الدولة بإعادة الإعمار...

الدولة تفتقر إلى المال، والقوى الداعمة تشترط تسليم السلاح...

الحزب يرفض تسليم السلاح حتى المواجهة الكربلائية إلّا بعد انسحاب إسرائيل...

 

وإسرائيل ترفض الإنسحاب ما دام الحزب يتمسّك بالسلاح حتى المواجهة التوراتية.

 

فأين الحلّ إذاً؟ بالدولة أو بالحزب... وإلى أين المفرّ... إلى أحضان الحزب أو إلى أحضان الدولة... أو إلى أحضان الحرب...

 

إذا الشعب يوماً أراد الحياة، فلا تتحقق إرادة الحياة بصخرة الروشة، بل بصخرة سعيد عقل التي تُرنِّمها فيروز:

ليْ صخرةٌ عُلِّقَتْ بالنجمِ أسكنُها طارتْ بها الكُتْبُ قالتْ تلكَ لبنانُ.

theme::common.loader_icon