هذه الأوديسة الخيالية، من بطولة كولين فاريل ومارغو روبي، تعتمد على السحر اللاذع لفوبي والتربريدج.
في مكان ما من فيلم «رحلة كبيرة جريئة جميلة» يمكنك أن تُفكِّك نواياه: محاولة صنع نسخة «عادية» من فيلم لتشارلي كوفمان، عبر تلميع الحواف الجامحة وتكييف الفكرة المفاهيمية الكبرى عن الحُبّ والحياة على قماشة أكثر قبولاً وتجارية.
كل شيء موجود في العنوان. لكن ما ينتهي به الفيلم هو في الغالب مجرّد فكرة هشة عن مشاعر كبيرة وأوديسة خيالية بالاسم فقط.
الأمور تختلط سريعاً، إذ إنّ الفيلم، الذي أخرجه كوغونادا، يزجّ بنا بحماسة مفرطة في الواقعية السحرية، قبل أن يؤسّس رهانات عاطفية أو يَضع قواعد أو يمنحنا إحساساً بمحبّي القصة المركزيِّين.
يعتمد الفيلم بشكل أساسي على السحر اللاذع لفوبي والتربريدج، المسؤولة عن إدارة مشروع القصة، لنقبل بما يُعرض من دون طرح أسئلة؛ يكاد ينجح في ذلك. وحتى عندما يحاول الفيلم لاحقاً العودة إلى الوراء لمنح شخصياته مزيداً من العمق، يبدو أنّ الوقت قد فات.
الفكرة الغامضة هي أنّ ديفيد (كولين فاريل) ضائع ومتعَب، وسارة (مارغو روبي) مكسورة وحادّة، قبل أن يقودهما لقاؤهما المتكلّف في حفل زفاف أصدقاء مشتركين إلى مغامرة طريق متعدّدة الأبعاد، يجدان خلالها أبواباً تشكّل بوابات إلى الماضي.
ينطلقان في تلك الرحلة، لكن من غير الواضح تماماً ما الهدف من كل هذه النزعة الخيالية، ولماذا ينبغي لنا أن ندعم سارة وديفيد.
يمكن إرجاع الكثير من ذلك إلى نصّ مرتبك، كتبه سيث رايس، ولم يتمكن كوغونادا من إنقاذه. بالنسبة إلى المخرج، الذي صاغ ببراعة أجواء وشخصيات غنية بالعاطفة في فيلمَيه الأولَين («كولومبوس» و»بعد يانغ»، كلاهما جوهري)، ربما كان منطقياً من الناحية النظرية أن يستبدل حساسيّته الوجودية بصدق أكبر هنا.
لكن بدلاً من أن يكون مؤلّفاً يطوّر إحساسه الفني عبر عمل مموّل من الاستوديو، بدا «رحلة جميلة» في الغالب كوظيفة مأجورة محكوم عليها بنص مشوّش.
ومع ذلك، فإنّ الفيلم يبدو غريباً في خفوته من الناحية التقنية بالنسبة إلى عمل يُروّج لنفسه بفَيض من العاطفة. قد تظنّ أنّ فيلماً بهذا العنوان سيحمل قدراً أكبر من الأضواء الكبيرة والفخامة التقليدية، لكن هناك ضعفاً شكلياً في الطريقة التي يحاول بها شد أوتار القلوب.
فاريل هو الأكثر معاناة في هذا الصدد، إذ يُقدِّم محاولة صادقة، وإن كانت عقيمة، لحقن شيء من الواقعية الإنسانية في شخصية ديفيد. في المقابل، تُحاصَر روبي بشخصية مسطّحة أقرب إلى ابنة العم التقليدية لفتاة أحلام «البيكسي» الغريبة. الشرارة بينهما لا تظهر أبداً على الشاشة، ونجد أنفسنا أمام قصة حُبّ تعبر الأبعاد بين نجمَين عملاقَين لكنّها باردة بشكل لافت.
بحلول المرحلة النهائية، عندما يحاول الفيلم متأخّراً الإمساك بشيء من الجوهر، يُصبح الأمر أشبه بسارة وديفيد، وهما يجدان الخاتمة في قصّتَيهما الفرديّتَين. إنّ التطهير الشخصي لكل منهما يُفترض أن يقودهما مجدّداً إلى الرومانسية، واضعاً الفيلم على مسارَين مختلفَين. حينها نُدرك أنّنا أمام رحلة جريئة وجميلة كانت تفتقد إلى الخريطة.