أخصائية تغذية
يُعرف الكركمين، المركّب الفعّال في الكركم، منذ سنوات بخصائصه المضادّة للأكسدة والالتهابات. لكن هذا العام، قدّم تحليل شمولي نشرته مجلة Frontiers in Nutrition، أدلّة جديدة على دوره في دعم صحة الدماغ والذاكرة.
جمعت الدراسة بيانات من 9 تجارب سريرية عشوائية، شملت 501 مشارك من فئات مختلفة: مرضى ألزهايمر، مصابون بالفصام، متأثرون بالكيماوي، أشخاص يعانون من البدانة، نساء مع متلازمة ما قبل الحيض، بالإضافة إلى كبار السن الأصحاء.
كشف التحليل أنّ مكمّلات الكركمين حسّنت الأداء الإدراكي العام بنسبة قاربت 15-20% مقارنةً بالدواء الوهمي (placebo)، وهو تحسّن اعتُبر ملحوظاً سريرياً.
كان التأثير أوضح عند كبار السن، خصوصاً عند تناول جرعة 0,8 غ يومياً ولمدة لا تقلّ عن 24 أسبوعاً. أمّا الصِيَغ المطوّرة لزيادة الامتصاص، فكانت مرتبطة بنتائج أقوى بكثير مقارنةً بالكركمين التقليدي، ممّا يؤكّد أنّ التوافر الحيَوي (Bioavailability) هو مفتاح الفعالية.
كيف يعمل الكركمين على الدماغ؟
قدّمت الدراسات المخبرية والحيوانية تفسيرات محتملة: فهو يقلّل من الالتهاب العصبي، يحارب الإجهاد التأكسدي، ويُبطئ مرض ألزهايمر.
كذلك، تشير أبحاث جديدة إلى أنّ تأثيره قد يمتد عبر محور الأمعاء-الدماغ، فيُعدّل الميكروبيوم ويؤثر على التعبير الجيني (Epigenetics)، ما يفتح آفاقاً جديدة لفهم آلياته.
هل يمكن الاعتماد على النتائج؟
على رغم من هذه المعطيات المشجعة، ينبغي التعامل مع النتائج بحذر. فحجم العينات ما زال صغيراً نسبياً، والتجارب جاءت متباينة الجرعات (بين 160 ملغ و4غ يومياً) والصِيَغ المستعملة، ممّا يجعل من الصعب تحديد «الوصفة المثالية».
أمّا بالنسبة إلى السلامة، فالكركمين يُعتبر آمناً عموماً، لكن عند تجاوز 1 غ يومياً سُجّلت بعض الاضطرابات الهضمية الخفيفة، غالباً موقتة ولا تستدعي القلق.
للاستفادة من الكركمين بشكل آمن وفعّال:
• اختر صيغاً محسّنة الامتصاص مثل Longvida وBCM-95 أو Theracurmin، فهذه الصيغ أثبتت فعاليّتها في الدراسات.
• التزم الجرعة المثالية حوالى 0,8 غ يومياً، وتجنّب زيادة الجرعة من دون استشارة طبيب .
• استمرّ على المُكمّل لمدة 6 أشهر على الأقل لملاحظة أي تحسّن إدراكي.
• استشر مختصاً قبل البدء إذا كنتَ تتناول أدوية مميّعة للدم أو أدوية أخرى قد تتداخل مع الكركمين.
اليوم، يبرز الكركمين كمُكمّل غذائي واعد في مجال تعزيز صحة الدماغ والذاكرة، خصوصاً عند كبار السن. ولوحظت أفضل النتائج بجرعة يومية تقارب 0,8 غ من الصيغ المحسّنة الامتصاص ولمدة تتجاوز 6 أشهر.
لكن قبل أن يُصبح جزءاً أساسياً من بروتوكولات علاج التدهور المعرفي، نحن بحاجة إلى دراسات أوسع وأكثر تجانساً لتأكيد الجرعة المثلى والفئة الأكثر استفادة. وحتى ذلك الحين، يمكن النظر إلى الكركم ليس فقط كتوابل ذهبية في المطبخ، بل كإضافة علمية تحمل وعوداً كبيرة لمستقبل صحة الدماغ.