في خضم التوترات الإقليمية المتصاعدة، شكّلت زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى جنوب لبنان محطة مفصلية تعكس التمسك بالثوابت الوطنية والروحية في وجه الانهيارات المتتالية. فخلال جولته الراعوية والتفقدية التي شملت بلدات الجرمق، العيشية، إبل السقي، كوكبا، وجديدة مرجعيون، وصولاً إلى القليعة والنبطية، أطلق الراعي من الجنوب سلسلة مواقف جامعة، ركّز فيها على الصمود الوطني المشترك، وعلى ضرورة بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها.
في عظته من القليعة، شدّد الراعي على أن الجنوب هو "أرض خصب وبركة، لا أرض نزاع"، وأن أبناءه – بمختلف طوائفهم – يشكلون شهادة حيّة للتعايش والكرامة. وتوقف بإسهاب عند الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالمنطقة جراء الحروب والاعتداءات الإسرائيلية، لكنه عاد وأكد أن الصبر والصمود هما السبيل الوحيد للخلاص، مستشهداً بعبارة من الإنجيل: "من يصبر إلى النهاية يخلص".
وفي ختام زيارته، دعا البطريرك الراعي إلى نشر الجيش اللبناني على كامل أرض الجنوب باعتباره "الضمانة الوحيدة للكرامة والسيادة"، معتبرًا أن إنصاف الجنوب وأهله هو مدخل أساسي لإعادة بناء الوطن على أسس العدالة والاقتصاد المنتج والدولة القوية.
على خط موازٍ، وفي بيروت، ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس، حيث دعا إلى الثبات في كلمة الرب والتمسك بسفينة الكنيسة والخلاص. عودة ذهب أبعد من ذلك، متحدثًا بلغة سياسية واضحة عن أهمية احترام الدستور اللبناني ومكانة الدولة، داعيًا اللبنانيين إلى تجاوز الطائفية والتعصب والتبعية، والعمل معًا تحت مظلة دولة قوية وعادلة.
وفي الذكرى الأربعين لإنشاء المديرية العامة لأمن الدولة، نوّه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بالدور المحوري للمؤسسة في مكافحة الفساد وحماية مصالح اللبنانيين، مؤكدًا أنها أثبتت فعاليتها في تطبيق القوانين بعيدًا عن المحاباة، ومعربًا عن ثقته بأن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من الإنجازات.
سياسيًا، استقبل الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، الامين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، بحضور السفير الإيراني مجتبى أماني.
وأكد لاريجاني وقوف إيران ودعمها للبنان ومقاومته بناءً على توجيهات الإمام القائد علي الخامنئي ومواكبة الحكومة والشعب الإيراني، وأن إيران حاضرة لكل مستويات الدعم للبنان ومقاومته.
وشكر قاسم الجمهورية الإسلامية الإيرانية، قيادةً وحكومةً وشعباً، على تعزيتهم ومباركتهم بشهادة السيدين والشهداء، وعلى ما قدموه للبنان ومقاومته.
وأكد للوفد أن "لبنان صامد أمام التحديات والتهديدات الأميركية - الإسرائيلية، وأن الشعب المقاوم على درجة عالية من العزة ودعم التحرير والاستقلال، ومن يرى مواقف الناس الشجاعة والصابرة يؤمن بأن النصر حليفهم في مواجهة العدو الإسرائيلي".
وأضاف: "حزب الله منفتح على الجميع، ومستعد لكل أشكال التعاون مع الذين يقفون بوجه العدو الإسرائيلي الذي يشكل خطراً على الجميع من دون استثناء، خطراً على الشعوب والأنظمة والمقاومة. ونحن نؤمن أن لهذا الجبروت العدواني الإسرائيلي نهاية ذليلة مع هذا الصمود الرائع في مواجهته".
على المستوى الإقليمي والدولي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن هناك "فرصة حقيقية لتحقيق إنجازات عظيمة في الشرق الأوسط"، وسط تسريبات عن صفقة محتملة لوقف الحرب في غزة، من المتوقع أن تتبلور خلال لقائه المرتقب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض.
وتشير التقارير إلى أن واشنطن تدفع نحو اتفاق متدرج، وسط إصرار ترامب على إنجاز سياسي بارز. في المقابل، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، فقدان الاتصال مع أسيرين إسرائيليين بسبب تصاعد العمليات العسكرية في أحياء غزة المكتظة، محذرة من خطر حقيقي يهدد حياتهما، ومطالبة بوقف فوري للغارات الجوية لتسهيل عملية الإخلاء.
إقليمياً أيضاً، أعلن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عن وجود "توافق واسع" بين القادة العرب والمسلمين بشأن خطة شاملة حول غزة، عُرضت خلال مشاورات مع الرئيس الأمريكي. وأكد أن حل الدولتين ما زال يحظى بإجماع دولي كمدخل وحيد لتحقيق السلام في المنطقة.
اقتصاديًا، سجّل الريال الإيراني أدنى مستوى له أمام الدولار، متجاوزًا حاجز 1.12 مليون ريال للدولار الواحد في السوق غير الرسمية، وذلك في أعقاب إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة وتفعيل "آلية الزناد" من قبل الدول الأوروبية. ويعكس هذا التدهور الضغوط الاقتصادية المتزايدة على طهران وسط تصعيد إقليمي وتحركات عسكرية متسارعة.