في أعقاب التصريحات عالية السقف للمبعوث الأميركي توم برّاك بشأن ملف حصرية السلاح، والتي وجه فيها انتقادات حادة لأداء الدولة اللبنانية، التقى رئيس الجمهورية جوزاف عون بوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وبحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، أعاد الوزير روبيو التأكيد على التزام الولايات المتحدة بدعم لبنان، مشيدًا بالجهود التي بذلها الرئيس عون والحكومة اللبنانية في سبيل استعادة الاستقرار وتجاوز الأزمات.
وخلال اللقاء، طلب عون من روبيو تأكيد التزام إسرائيل بمضمون إعلان 27 تشرين الثاني 2024، الذي نصّ على وقف الأعمال العدائية في الجنوب، والانسحاب من النقاط المحتلة، بالإضافة إلى إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين. كما شدّد على أهمية تعزيز قدرات الجيش اللبناني عبر تزويده بالعتاد والتجهيزات اللازمة لتمكينه من أداء مهامه الوطنية في مختلف المناطق.
هذ ولا تزال تصريحات برّاك تلقى صدى واسعاً في الداخل اللبناني. في السياق، أصدر رئيس مجلس النواب نبيه بري بياناً بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للحرب، أكد فيه تمسّك لبنان الكامل باتفاق وقف إطلاق النار، الذي التزم به رسميًا وشعبيًا منذ لحظة دخوله حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني الماضي.
وانتقد بري استمرار إسرائيل في خرق الاتفاق ورفضها الالتزام ببنوده، سواء من حيث الانسحاب من الأراضي المحتلة أو إطلاق الأسرى أو السماح للجيش اللبناني بالانتشار بمؤازرة قوات "اليونيفيل" حتى الحدود الدولية جنوب الليطاني.
ورفض بري بشكل قاطع توصيفات برّاك، معتبرًا أنها مرفوضة شكلًا ومضمونًا، ومتعارضة مع المواقف السابقة التي عبّر عنها الموفد نفسه. وأكد أن الجيش اللبناني بجميع مكوّناته هو "رهاننا الوطني" للدفاع عن السيادة، مشددًا على أن "الجيش ليس حرس حدود لإسرائيل، وسلاحه ليس سلاح فتنة، بل هو سلاح مقدّس لحماية الوطن".
كما دعا بري الحكومة إلى تنفيذ التزاماتها، لا سيما في ما يتعلق بصرف التعويضات للمتضررين من الحرب، محذرًا من الاستمرار في التردد تجاه هذا الملف الإنساني السيادي.
في السياق، استغرب رئيس الحكومة نواف سلام تصريحات المبعوث الأميركي توم برّاك، وقال: "أستغرب التصريحات الأخيرة التي أدلى بها السفير توماس براك والتي تشكك بجدية الحكومة ودور الجيش. وأؤكد أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ بيانها الوزاري كاملاً ولا سيما لجهة القيام بالإصلاحات التي تعهدت بها وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية وحصر السلاح في يدها وحدها كما ترجمته قرارات مجلس الوزراء في هذا الخصوص".
وقال: "كلّي ثقة أن الجيش اللبناني يضطلع بمسؤولياته في حماية سيادة لبنان وضمان استقراره ويقوم بمهامه الوطنية ومن ضمنها تنفيذ الخطة التي عرضها على مجلس الوزراء بتاريخ 5 ايلول الجاري".
في سياق آخر، وبمناسبة العيد الوطني للمملكة العربية السعودية، أكّد السفير السعودي وليد بخاري أن "الموقف السعودي في طليعة المواقف الدولية التي تشدد على سيادة لبنان واستقلاله ووحدة اراضيه "، مجددا "دعمنا للرئيس جوزاف عون ورؤية رئيس الحكومة الإصلاحية"، ومثمنا دور الرئيس بري في تقريب وجهات النظر وتعزيز المسار الوطني.
ورأى أن "لطالما تميزت العلاقات السعودية اللبنانية بمحطات مضيئة ومواقف تعبر عن المكانة المميزة التي يحتلها لبنان لدى وجدان المملكة وسنواصل جهودنا مع شركائنا من اجل مستقبل افضل للبنان والسلام في الشرق الاوسط خيارنا الاستراتيجي".
هذا وأشاد مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ عبد اللطيف دريان، بالدور الداعم الذي تلعبه السعودية تجاه لبنان.
وقال دريان إن "حرص المملكة على لبنان، دولة وشعبًا ومؤسسات، ينبع من محبة الشقيق لشقيقه"، مؤكداً أن السعودية لم تتأخر يوماً عن مدّ يد العون للبنان، مشيدًا بقيادتها الحكيمة ومواقفها الثابتة.
ودعا المفتي الحكومة اللبنانية إلى اغتنام الفرصة المتاحة من الدعم السعودي والعربي والدولي لمعالجة الأزمات، خصوصًا في ما يتعلق بملف حصر السلاح بيد الدولة وتنفيذ قرارات مجلس الوزراء ذات الصلة، لما لذلك من أهمية في تعزيز الاستقرار والوحدة الوطنية.
اقليميا، في سياق تزايد الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، عبّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن ترحيبه بإعلان كل من رئيس وزراء بلجيكا، ورئيس وزراء لوكسمبورغ، ووزيرة خارجية إمارة أندورا، عن اعتراف بلادهم رسميًا بدولة فلسطين المستقلة وذات السيادة.
من جانبها، رحبت المملكة العربية السعودية بانضمام فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وموناكو وأندورا وسان مارينو إلى قائمة الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية، مجددة دعوتها للمجتمع الدولي للاعتراف الكامل بدولة فلسطين، وتعزيز خطوات الدعم العملي للسلطة الفلسطينية، بما يرسخ حل الدولتين.
وأكدت المملكة أن موجة الاعترافات الأخيرة تعكس إجماعًا دوليًا متناميًا على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وبناء دولته المستقلة على أرضه، وتحقيق أمنه واستقراره وازدهاره.
بدوره، أكّد العاهل الأردني أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية حق لا نقاش فيه وليس مكافأة.
وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى اتخاذ هذه الخطوة فورًا، واصفًا ما يجري في قطاع غزة بأنه "إبادة جماعية"، ومتهمًا إسرائيل بالخروج عن السيطرة، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "لا يبالي بمصير الرهائن".
وتناول أردوغان الملف السوري، مشيرًا إلى أن "المظالم في سوريا ستنتهي مع سقوط النظام"، مؤكدًا دعم بلاده لوحدة سوريا وخلوها من الإرهاب. كما أثنى على جهود دول الخليج في دعم الاستقرار هناك، معتبراً أن استقرار سوريا يخدم مصلحة جميع دول الجوار.
دوليا، وجّه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تحذيرًا من العواقب الوخيمة لخفض التمويل المخصص للمساعدات الإنسانية، واصفًا الوضع العالمي بأنه "قاتم"، في كلمته الافتتاحية للدورة الثمانين للجمعية العامة.
وقال غوتيريش إن "أسس السلام تتعرض لتآكل خطير بفعل الإفلات من العقاب، وانعدام المساواة، واللامبالاة".
هذا وأشار الى أن "الأهوال في غزة مستمرة ونطاق القتل تخطى الحدود"، مشدداً على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد.
وفي خطاب مثير للجدل أمام الجمعية العامة، دعا الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى وقف فوري للحرب في غزة، مطالبًا حماس بالإفراج عن جميع الأسرى.
وأكد ترامب أنه سعى لإحلال السلام في غزة، مشددًا على أهمية علاقاته الوثيقة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج.
وفي ما يتعلق بإيران، شدد ترامب على ضرورة منع طهران من حيازة أسلحة نووية.
ووجّه انتقادات حادة للأمم المتحدة، معتبرًا أنها لم تعد تفي بدورها في إحلال السلام، وواصفًا إياها بأنها "منظمة فارغة لا تنجز شيئًا".
وفي الشأن الأوكراني، اعتبر ترامب أن استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا "يسيء إلى صورة روسيا"، مشيرًا إلى أن "آلاف الجنود يُقتلون أسبوعيًا".
ودعا ترامب الدول الأوروبية إلى التوقف الفوري عن شراء النفط الروسي، ووجه اتهامات مباشرة إلى الصين والهند باعتبارهما "أكبر ممولين للحرب" في أوكرانيا.
على خطّ آخر، أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن الإدارة الأميركية لم تتلق اقتراحاً من حركة حماس لضمان وقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 60 يوماً مقابل إطلاق سراح نصف الأسرى، مؤكداً أن الولايات المتحدة ليست مهتمة بمقترح كهذا.