هل مشروباتك الساخنة جداً سبب محتمل للسرطان؟
هل مشروباتك الساخنة جداً سبب محتمل للسرطان؟
ساندي بو يزبك

أخصائية تغذية

Tuesday, 16-Sep-2025 06:50

في عاداتنا اليومية، يرتبط الصباح غالباً بفنجان قهوة يغلي أو كوب شاي يُشرب مباشرة بعد تحضيره. هذه الطقوس المألوفة تبدو طبيعية وصحية، خصوصاً مع ما هو معروف عن فوائد القهوة والشاي. غير أنّ الخطر الحقيقي لا يكمن في نوع المشروب، بل في درجة حرارته.

منذ عام 2016، صنّفت منظمة الصحة العالمية عبر الوكالة الدولية لأبحاث السرطان المشروبات التي تُستهلك عند حرارة تفوق 65 درجة مئوية كمشروبات «محتملة التسبب بالسرطان». ووُضعت في الفئة عينها مع استنشاق دخان الحطب داخل المنازل.

 

وعلى رغم من الجدل الذي أثاره هذا التصنيف، فإنّ أبحاثاً لاحقة أكّدت الارتباط بين المشروبات شديدة السخونة وارتفاع خطر الإصابة بسرطان المريء.

 

الأدلة الأقوى تأتي من مناطق في أميركا الجنوبية والشرق الأوسط وآسيا، حيث تُشرب المتة أو الشاي الأسود بحرارة تصل إلى 70 درجة مئوية. هناك تبيّن ارتفاع واضح في معدّلات سرطان المريء.

 

كما دعمت بيانات من مشروع UK Biobank في بريطانيا، شمل نصف مليون شخص، أنّ الخطر لا يقتصر على ثقافات بعينها، بل يظهر أيضاً لدى الأوروبيِّين عند شرب المشروبات الساخنة جداً بشكل منتظم.

 

الآلية العلمية لهذا الخطر واضحة: الحرارة المرتفعة تُلحق حروقاً دقيقة متكرّرة ببطانة المريء، ما يؤدّي إلى التهابات مزمنة وإضعاف الحاجز الطبيعي.

 

ومع مرور الوقت، قد تطرأ تغيّرات على الخلايا تمهّد لظهور السرطان. وأظهرت دراسات على الحيوانات بدورها أنّ المياه فائقة السخونة تُسرّع التغيّرات ما قبل السرطانية.

 

كما أنّ حجم الرشفة وسرعة الشرب يزيدان الخطر: فالكوب الكبير الذي يُشرب دفعة واحدة يضاعف الضرر مقارنةً بالرشفة الصغيرة.

 

ولفتت دراسة بريطانية إلى أنّ مَن يتناولون 8 أكواب ساخنة جداً يومياً كانوا أكثر عرضة للإصابة بسرطان المريء بـ6 أضعاف.

 

الخطر لا يتوقف عند الحرارة. فالأكواب المستخدمة، خصوصاً البلاستيكية أو الورقية المبطّنة بطبقات بلاستيكية، قد تُطلق مواد كيميائية ضارّة عند تعرّضها للحرارة المرتفعة، مثل البيسفينول أ والفثالات، بالإضافة إلى جسيمات بلاستيكية دقيقة يمكن ابتلاعها.

 

هذه المواد قد تؤثر في توازن الهرمونات وتزيد من احتمالات الإصابة بأمراض القلب وبعض أنواع السرطان. لذلك، يُنصح باستخدام أوعية آمنة مثل الزجاج، السيراميك أو الفولاذ المقاوم للصدأ.

 

مع ذلك، يبقى التذكير ضرورياً أنّ القهوة والشاي ليسا بحدّ ذاتهما مسرطنَين. بل على العكس، يحتويان على مركّبات مضادة للأكسدة تساعد في الوقاية من أمراض القلب والسكّري وبعض أنواع السرطان.

 

لكنّ الفرق كلّه يكمن في طريقة الاستهلاك: فالمشروبات الفاترة أو المعتدلة الحرارة تمنح الفائدة، بينما المشروبات شديدة السخونة تتحوّل إلى عامل خطر يمكن تفاديه بسهولة.

 

الوقاية ممكنة بخطوات بسيطة: ترك الكوب لبضع دقائق ليبرد، تحريكه أو النفخ عليه، إضافة قليل من الماء البارد أو الحليب، أو إزالة الغطاء عن المشروبات الجاهزة التي غالباً ما تُقدّم بحرارة تفوق 65 درجة.

theme::common.loader_icon