لطالما كان البيض مادة غذائية مثيرة للجدل في الأوساط الطبية والتغذوية، إذ تراوحت سمعته بين كونه غذاءً «ذهبياً» غنياً بالفوائد، وبين كونه مصدراً للخطر بسبب احتوائه على الكوليسترول. اليوم، وبعد تراكم الأبحاث والتوصيات، يبدو أنّ مكانة البيض الغذائية أكثر وضوحاً ممّا مضى.
يُعدّ البيض من أكثر مصادر البروتين سهولة وتوفّراً مقارنة باللحوم الحمراء أو الأسماك الطازجة، وهو متعدّد الاستخدامات وسهل التحضير وحتى الحمل عند سلقه. وعلى رغم من ارتفاع أسعاره أخيراً نتيجة تفشي إنفلونزا الطيور، يبقى البيض خياراً اقتصادياً نسبياً.
الكوليسترول في البيض: ليس كما يُعتقد
السؤال الأكثر شيوعاً لدى مرضى الكوليسترول هو: هل يمكنني تناول البيض؟
يحتوي البيض على نحو 207 ملغ من الكوليسترول الغذائي، أي ما يعادل 3 أضعاف ما يحتويه إصبع نقانق صغير.
ومع ذلك، تبيّن أنّ الكوليسترول الموجود في البيض لا يرفع خطر الإصابة بالجلطات أو انسداد الشرايين كما كان يُعتقد.
السبب هو أنّ الكوليسترول في الدم، وتحديداً الكوليسترول الضار (LDL)، يتأثر أكثر بالدهون المشبّعة التي يُنتجها الكبد عند استهلاك أطعمة دهنية، وليس بالكوليسترول الغذائي. وبما أنّ البيض لا يحتوي إلّا على 1,6 غ من الدهون المشبّعة في الحبة الواحدة، فإنّ خطره محدود للغاية مقارنةً بالنقانق أو اللحوم الدسمة.
ولهذا السبب، أزالت التوصيات الغذائية الأميركية منذ عام 2015 أي حدّ يومي لاستهلاك الكوليسترول، كما أكّدت جمعية القلب الأميركية عام 2019 أنّ الكوليسترول الغذائي ليس مصدر قلق رئيسي.
لكنّ ذلك لا يعني الإفراط في تناوله، إذ تُظهر الدراسات أنّ تناول بيضة يومياً أو بيضتَين كل يومَين يُعدّ معدّلاً صحياً.
مصدر بروتين متكامل
تحتوي البيضة الواحدة على أكثر من 6 غ بروتين مقابل 70 سعرة حرارية فقط، ما يجعلها خياراً فعّالاً لإمداد الجسم بالطاقة والبناء العضلي. والأهم أنّ بروتين البيض «متكامل»، أي أنّه يحتوي على الأحماض الأمينية الـ20 الأساسية، بما فيها الـ9 التي لا يستطيع الجسم تصنيعها ويحتاج إلى الطعام بالحصول عليها.
غني بمادة الكولين
إحدى المزايا الأقل شهرة للبيض هي غِناه بالكولين، وهو عنصر غذائي أساسي لعمل العضلات، الجهاز العصبي، الذاكرة، وتنظيم الأيض. يحتاج الرجال البالغون إلى نحو 550 ملغ يومياً من الكولين، والنساء إلى 425 ملغ. بيضتان مسلوقتان توفّران نحو ثلثَي هذا الاحتياج. وعلى رغم من أنّ نقص الكولين نادر، إلّا أنّ النساء الحوامل والمرضّعات غالباً ما لا يحصلن على الكمّية الكافية، وهو أمر بالغ الأهمية لدعم نمو دماغ الجنين والمحافظة على صحة الخلايا.
كيف نتناول البيض بشكل صحي؟
مهما اختلفت طرق طهيِه، يبقى البيض غذاءً غنياً بالبروتين والعناصر المفيدة. لكن يُنصح بطهوه جيداً لتفادي خطر السالمونيلا، وباستخدام طرق صحية كالسلق أو الطهو بزيت الزيتون بدل الزبدة أو الزيوت الثقيلة.