أخصائية تغذية
السكري من النوع الثاني يُشكّل تحدّياً صحياً عالمياً، ويتزايد مع أنماط الحياة الحديثة التي تتسمّ بقلة النشاط البدني وزيادة استهلاك الأطعمة المصنّعة والسكّريات.
يبحث العلماء عن استراتيجيات جديدة لدعم التحكّم بمستويات السكّر في الدم، ومن بين هذه الاستراتيجيات ظهر الميلاتونين، هرمون النوم الطبيعي في الجسم، كمُكمِّل غذائي واعد قد يساعد مرضى السكّري.
لا يقتصر دور الميلاتونين على تنظيم النوم فحسب، بل يؤثر أيضاً على التمثيل الغذائي للغلوكوز وحساسية الأنسولين.
فقد أظهرت الدراسات أنّه يُعزّز استجابة الخلايا للأنسولين، ويساهم في تنظيم إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، ما ينعكس على مستويات السكر في الدم.
كما أنّ تحسين جودة النوم يعزّز الصحة الأيضية والقلب والأوعية الدموية.
أظهرت دراسة منهجية وتحليل ميتا، شملت 9 تجارب سريرية عشوائية و427 مريضاً، أنّ مُكمِّلات الميلاتونين تحسّن التحكّم طويل الأمد بمستوى السكر.
وسجّلت بعض التجارب انخفاضاً في الهيموغلوبين A1c بمقدار 0,79%، وتحسناً في مقاومة الأنسولين بمقدار 0,83، بينما كانت التأثيرات على سكّر الدم الصائم محدودة وغير متجانسة بين الدراسات.
وتشير النتائج إلى أنّ الجرعة، توقيت التناول، والاختلافات الفردية تلعب دوراً حاسماً في تحديد الفائدة أو الضرر المحتمل.
على رغم من النتائج الإيجابية، أظهرت بعض الدراسات أنّ الجرعات العالية من الميلاتونين (10 ملغ ليلاً) قد تُقلّل أحياناً من حساسية الأنسولين لدى بعض المرضى. كذلك، تناول الميلاتونين مع وجبة عشاء متأخّرة أو في وقت ارتفاعه الطبيعي في الدم قد يؤدّي إلى تراجع موقت في تحمّل الغلوكوز.
لذلك، يجب استخدام الميلاتونين تحت إشراف طبي ومراقبة دقيقة لمستويات السكّر والنوم، مع مراعاة الجرعة والتوقيت الفردي.
سَيف ذو حدَّين؟
من ناحية التغذية، لا يمكن الاعتماد على الأطعمة وحدها لتعويض المُكمّلات، لكنّها تساعد في دعم النوم وجودته.
يمكن تناول الكرز الحامض غني بالميلاتونين وشرب عصيره لتعزيز النوم، بينما يوفّر الجَوز واللوز الميلاتونين والمغنيسيوم الذي يدعم الاسترخاء.
ويحتوي البيض والأسماك على التربتوفان، وهو حمض أميني يتحوّل في الجسم إلى سيروتونين وملاتونين، كما تحتوي الحبوب الكاملة (الشوفان والأرز البنّي) على كمّيات صغيرة من الميلاتونين.
نصائح عملية:
- تناول وجبة العشاء قبل النوم بـ3-4 ساعات يُحسن استجابة الجسم للغلوكوز.
- النوم المنتظم والنشاط البدني يعزّزان من فوائد الميلاتونين.
- المكملات يجب أن تُستخدم تحت إشراف طبي، مع مراقبة مستويات السكر.
يمكن القول إنّ الميلاتونين يُشكّل خياراً داعماً محتملاً لمرضى السكّري من النوع الثاني، إذ تُظهر الأدلة العلمية قدرته على تحسين HbA1c، مقاومة الأنسولين، والتحكّم طويل الأمد بمستويات السكر. لكنّه ليس علاجاً بديلاً، والفائدة تعتمد على الجرعة والتوقيت والاستجابة الفردية.