لم يكن استهداف قاعة الاجتماعات في صنعاء الأسبوع الماضي مجرد غارة عسكرية، بل عملية استخباراتية متكاملة كشفت عن تطور كبير في قدرة إسرائيل على اختراق جماعة الحوثي، التي كانت حتى وقت قريب تمثل "الثغرة المظلمة" في بنك أهدافها، بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
في إحدى ليالي الأسبوع الماضي، التقط ضابطان من شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إشارات غير اعتيادية: وزراء في حكومة الحوثيين يخططون لاجتماع عاجل في صنعاء في اليوم التالي. المعلومات كانت محدودة، لكن مكان الاجتماع – قاعة داخل فيلا مؤمنة لمتابعة خطاب زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي – سرعان ما جرى تأكيده عبر قنوات تقنية ومصادر بشرية.
من لحظة التقاط المعلومة وحتى صدور الأمر بالتحرك، لم يمر سوى ساعات قليلة. عند الفجر، كانت المقاتلات الإسرائيلية في الجو، تحمل صواريخها نحو العاصمة اليمنية. وفي المساء، تحولت "الفيلا" إلى أنقاض، وداخلها رئيس الوزراء الحوثي أحمد غالب الرحوي، ووزير الخارجية هشام شرف، وعشرة من كبار المسؤولين.
الضربة عكست تحولا جوهريًا في العقيدة الأمنية الإسرائيلية. فبدلًا من الاكتفاء بضرب موانئ أو محطات كهرباء ردا على هجمات الحوثيين، جرى استهداف القيادة السياسية مباشرة. داخل الجيش والموساد يُطلق على هذا النهج اسم FAFO، أي "جرّب… وستكتشف".
كما أوضح أوديد إيلام، الضابط السابق في الموساد ان "إسرائيل تخلت عن معادلات الرد التقليدية. الرسالة اليوم واضحة: أي خطر محتمل سيُقابل بعقاب قاسٍ وسريع"، وهو ما يعكس تصميم تل أبيب على تحويل أي محاولة تهديد إلى فرصة لضرب البنية القيادية للخصم.
الاختراق الاستخباراتي لاجتماع الفيلا مثّل علامة فارقة. فالحوثيون لطالما اعتمدوا على أساليب إفلات من الرصد: إغلاق الهواتف، اللقاء وجهًا لوجه، التنقل ليلًا وتغيير المواقع باستمرار. لكن إنشاء إسرائيل وحدة استخباراتية متخصصة بالحوثيين في تموز الماضي – بعد فراغ ناتج عن انتهاء حربها القصيرة مع إيران – مكّنها من تكثيف التركيز. هذه الوحدة تضم 200 ضابط وجندي، وظيفتها الوحيدة: تتبع الحوثيين وفك شيفراتهم.
وبحسب مصدر أمني إسرائيلي، فإن المعلومات عن اجتماع الفيلا جاءت نتاج دمج بين قدرات اعتراض اتصالات تقليدية ووسائل مراقبة إلكترونية متقدمة، إلى جانب "مصادر ميدانية" داخل اليمن.
رغم أن بعض المحللين وصفوا الضربة بأنها رمزية لأنها استهدفت الحكومة وليس "الدولة العميقة" للحوثيين، إلا أن آثارها النفسية كانت واضحة.