رؤية جديدة لشيخوخة أفضل
رؤية جديدة لشيخوخة أفضل
ساندي بو يزبك

أخصائية تغذية

Wednesday, 03-Sep-2025 07:04

مع حلول شهر أيلول، يتجدّد التركيز عالمياً على مفهوم «الشيخوخة الصحية»، الذي تجاوز كونه مجرّد مرحلة بيولوجية ليصبح فرصة للنمو والنشاط والتحكّم في جودة الحياة.

اليوم، لم تعُد الشيخوخة مرادفاً للضعف أو الانحدار، بل هي مرحلة يمكن تحسينها من خلال خيارات واعية في نمط الحياة اليومية. وتشير أحدث الدراسات إلى أنّ الوعي المبكر بهذه المرحلة لم يَعُد رفاهية، بل ضرورة، خصوصاً مع الزيادة المستمرة لأعداد كبار السن عالمياً.

 

أرقام عالمية تحفّز التحرّك

 

تشير تقارير إلى أنّ 2,1 مليار نسمة ستزيد أعمارهم عن 60 عاماً بحلول 2050 إثر ارتفاع متوسط العمر المتوقع العالمي إلى 73,3 عاماً في 2024، بزيادة 8,4 سنوات منذ 1995.

 

إلّا أنّ طول العمر لم يقابله بالضرورة تحسن في «العمر الصحّي»، ما يعني أنّ كثيرين يعيشون سنوات طويلة لكنّها ليست مليئة بالصحة والنشاط.

 

التغذية حجر الأساس

 

يلعب النظام الغذائي دوراً حاسماً في الحدّ من التدهوُر المعرفي والبدني.

وتقلّل الأنظمة الغذائية الغنية بالخضروات والفواكه، والدهون الصحية (زيت الزيتون والأفوكادو)، من خطر الإصابة بالخرف.

 

ويرتبط النقص في المغذيات الدقيقة (فيتامين د، الكالسيوم، والبروتين) بانخفاض كتلة العضلات وضعف العظام.

 

تركّز الأبحاث على 7 استراتيجيات غذائية مدعومة علمياً: تناول الأطعمة قليلة المعالجة، الفواكه الغنية بالفلافونويد، الحبوب الكاملة، البروتين النباتي، الأسماك الدهنية الصغيرة مثل السردين والماكريل، الاعتماد على أنظمة غذائية مثل البحر الأبيض المتوسط أو MIND، والجمع بين التغذية الجيدة والتمارين الرياضية والمكمّلات (أوميغا-3 وفيتامين د) لتعزيز الشيخوخة الصحية.

 

خطوات بسيطة تؤتي ثمارها

 

لا يحتاج النشاط البدني المنتظم إلى جهد خارق، بل حتى 5 دقائق يومياً يمكن أن تقلّل من خطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن. فالمشي السريع لمدة 30 دقيقة يومياً يُحسّن صحة القلب والأوعية الدموية ويُعزّز الذاكرة، بينما تمارين القوّة والمرونة تحافظ على العضلات وتقلّل خطر السقوط.

 

الشيخوخة الصحية تتجاوز الجسد لتشمل العقل والعلاقات الاجتماعية مثل التطوّع، الانضمام إلى نوادٍ تعليمية أو ثقافية، وممارسة التعلّم المستمر، يساهم في الحفاظ على حِدّة العقل ويُقلل من الشعور بالوحدة والعزلة.

 

كما أنّ امتلاك هدف حياتي واضح يمكن أن يقلّل من خطر التدهوُر المعرفي بنسبة تصل إلى 28%، ويُعزّز الصحة العقلية والجسدية، ويُقلّل من خطر السكتة الدماغية والاكتئاب وأمراض القلب.

 

الشيخوخة الصحية ليست حلماً بعيداً، بل واقع يمكن بناؤه بالوعي والخيارات اليومية. والتغذية السليمة، النشاط البدني المنتظم، الصحة العقلية والاجتماعية، والتقنيات الحديثة كلّها عوامل تساعد في تحويل سنوات العمر الطويلة إلى سنوات مليئة بالنشاط والإنتاجية والرفاهية.

 

إنّها دعوة للعيش بوعي والاستمتاع بالحياة، وتحويل مرحلة الشيخوخة إلى فرصة حقيقية للنمو والجودة العالية في كل جوانب الحياة.

theme::common.loader_icon