«الوِحدة» خطر خفي يهدّد الدماغ والمناعة
«الوِحدة» خطر خفي يهدّد الدماغ والمناعة
ساندي بو يزبك

أخصائية تغذية

Friday, 29-Aug-2025 07:17

قد يظنّ البعض أنّ الوحدة مجرّد شعور عابر، لكنّ العلم اليوم يُثبت أنّها حالة بيولوجية معقّدة تترك بصمتها على الدماغ والجهاز المناعي وحتى على العمر المتوقع.

حلّل العلماء بيانات أكثر من 42,000 شخص ضمن مشروع UK Biobank، فوجدوا أنّ الوحدة ترتبط باضطراب مستويات 175 بروتيناً متصلة بالعزلة الاجتماعية و26 بروتيناً مرتبطة بالشعور بالوحدة.

 

الأخطر أنّ نحو 90% من هذه البروتينات ارتبطت بزيادة خطر الوفاة المبكرة، بينما ارتبط حوالى 50% منها بأمراض القلب والسكري والسكتة الدماغية.

 

الوحدة والعزلة... فرق جوهري

 

من المهمّ التمييز بين العزلة الاجتماعية (قلة العلاقات أو الوجود الجسدي مع الآخرين) وبين الوحدة (الشعور الداخلي بالإنعزال حتى وسط الناس).

تشير الأبحاث إلى أنّ الشعور بالوحدة أخطر صحياً، لأنّه يتغلغل في الدماغ والجهاز المناعي بطرق تفوق مجرّد نقص العلاقات الاجتماعية.

 

كيف تغيّر الوحدة الدماغ والجهاز المناعي؟

 

الوحدة لا تترك آثارها على المزاج فقط، بل تُغيّر من كيمياء الدماغ نفسها. ترتفع مستويات الكورتيزول، هرمون التوتر، ما يُضعف الذاكرة ويشوّش النوم ويؤثر حتى في الوزن.

كما يختل توازن الدوبامين والسيروتونين، ما يفسّر شيُوع الاكتئاب والقلق وحتى بعض أنماط الإدمان لدى الأشخاص الذين يعانون من وحدة مزمنة.

 

أمّا جهاز المناعة، فيصبح أكثر عرضة للالتهاب المزمن، ما يضعف قدرة الجسم على مواجهة الأمراض. وقد بيّنت دراسات أخرى أنّ الوحدة تُقلّل من استجابة الجسم للقاحات وتزيد من احتمالية الإصابة بالالتهابات.

 

أرقام تكشف حجم الخطر

 

مراجعة منهجية شملت 86 دراسة لأكثر من 11,000 مشارك، وجدت أنّ الوحدة ترفع خطر الوفاة بنسبة 33% (نسبة خطر 1,33، بفاصل ثقة 95%: 1,26-1,41).

 

هذه النسبة تجعل تأثير الوحدة على الصحة يقارب خطورة التدخين أو السمنة المفرطة. كما تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ الوحدة قد تزيد خطر الإصابة بالخرف بنسبة تصل إلى 40% لدى كبار السن.

 

من الأكثر عرضة؟

 

كبار السن، خصوصاً بعد فقدان الشريك أو العيش بمفردهم.

الشباب، على رغم من نشاطهم الاجتماعي الافتراضي، لأنّ الاعتماد المفرط على وسائل التواصل قد يعمّق الشعور بالإنعزال بدلاً من معالجته.

المرضى المزمنون، ممّن قد تحدّ حالتهم الصحية من تواصلهم الاجتماعي.

 

التغذية كخط دفاع أوّل

 

يمكن للتغذية أن تلعب دوراً مهمّاً في التخفيف من آثار الوحدة.

 

- الأسماك الدهنية (السلمون والسردين والتونة)، بفضل محتواها من أحماض أوميغا-3 التي تدعم صحة الدماغ وتحسّن المزاج.

- المكسرات والبذور (الجوز وبذور الكتان)، لما تحويه من مضادات أكسدة ومركّبات تقلّل الالتهابات.

 

- الخضروات والفواكه الملوّنة (التوت والبروكلي والسبانخ) تمدّ الجسم بالفيتامينات والمعادن الداعمة للمناعة.

- الحبوب الكاملة (الشوفان والكينوا) توفّر طاقة ثابتة وتحافظ على استقرار المزاج عبر تنظيم مستوى السكّر في الدم.

theme::common.loader_icon