لصقة الجلد الذكية: بديل غير مؤلم لفحوصات الدم
لصقة الجلد الذكية: بديل غير مؤلم لفحوصات الدم
ساندي بو يزبك

أخصائية تغذية

Friday, 22-Aug-2025 07:04

تخيّل عالماً لا يتطلّب تتبّع صحّتك فيه وخز الإبر أو زيارات متكرّرة للمختبر. هذا لم يَعُد خيالاً علمياً، بل أصبح حقيقة قريبة، بفضل ابتكار جديد قد يغيّر مستقبل الطب الوقائي والتغذية.

لطالما كانت فحوصات الدم هي الطريقة الأساسية لمراقبة حالتنا الصحية والتأكّد من توازننا الغذائي والهرموني، لكنّها مزعجة، مكلفة، وغالباً ما يتأخّر إجراؤها. هنا يأتي دور لصقة الجلد الذكية، التي قد تكون البديل غير المؤلم الذي كنا ننتظره.

 

كشفت دراسة نشرتها مجلة Lab on a Chip عن تطوير باحثين من جامعة ولاية كارولاينا الشمالية لصقة دقيقة قادرة على قياس المؤشرات الحيَوية بدقة، ليس من الدم، بل من السائل الموجود بين الخلايا.

 

تعمل اللصقة عبر إبر مجهرية لا تلامس الأعصاب، ممّا يجعلها غير مؤلمة على الإطلاق، فيما يخلق هيدروجيل خاص ضغط أسموزي، يسحب هذا السائل بين الخلايا، الغني بمركّبات تعكس حالة الجسم الأيضية والهرمونية، مثل هرمون الكورتيزول الذي يُعتبر مؤشراً رئيساً إلى التوتر، الإلتهاب، والتمثيل الغذائي.

 

التغذية والطب الشخصي: أفق جديد

 

تكمن قوة هذا الابتكار في قدرته على ربط الطب بالتغذية اليومية بشكل مباشر.

 

فالكورتيزول، على سبيل المثال، يتأثر بشكل ملحوظ بالنظام الغذائي:

 

الأنماط الغذائية الغنية بالسكّريات البسيطة والوجبات السريعة ترفع مستوياته وتزيد مقاومة الإنسولين، بينما الحميات الصحية مثل النظام الغذائي المتوسطي أو الأنماط الغنية بالخضار والألياف تقلّل من إفرازه وتُحسّن توازن الهرمونات.

 

مع هذه اللصقة، لن يكون التقييم مقتصراً على أرقام مخبرية تُجرى كل بضعة أشهر، بل سيصبح من الممكن متابعة الاستجابة اللحظية للجسم بعد كل وجبة، ورؤية كيف يؤثر الفطور الغني بالألياف أو العشاء الدسم على الكورتيزول والدهون والسكر خلال ساعات قليلة.

 

هذه الدقّة في القياس تفتح الباب أمام التغذية المخصّصة؛ فمريض السكري سيتمكّن من معرفة أي نوع من الكربوهيدرات يرفع سكره بسرعة، ومريض الكبد الدهني سيرى أثر التغييرات الصغيرة في نظامه الغذائي على استقلاب الدهون، والرياضي سيستطيع مراقبة تعافي عضلاته وهرموناته بعد التدريب.

 

ومع مرور الوقت، قد تساعد هذه التقنية في تصميم أنظمة غذائية فردية متكاملة، تتوافق مع البصمة البيوكيميائية لكل شخص، بدل الاعتماد على توصيات عامة قد لا تنطبق على الجميع.

 

البعد النفسي والتحدّيات المستقبلية:

 

إلى جانب المزايا العلمية، لا يمكن إغفال البعد النفسي لهذا الاكتشاف. فالكثير من الأشخاص يتجنّبون التحاليل بسبب خوفهم من الإبر، ما يؤدّي إلى إهمال المتابعة الدورية وتأخّر تشخيص أمراض مزمنة كارتفاع الكوليسترول أو السكّري.

 

سيسهّل وجود وسيلة سهلة وغير مؤلمة على المرضى مراقبة صحّتهم بانتظام، ويشجّعهم على الالتزام بالنظام الغذائي والعلاجي، لأنّهم سيرَون النتائج بشكل مباشر وملموس.

theme::common.loader_icon