لأن الأطفال يتحدثون مع ألعابهم.. دمى محشوّة تتحوّل إلى روبوتات
لأن الأطفال يتحدثون مع ألعابهم.. دمى محشوّة تتحوّل إلى روبوتات
Tuesday, 19-Aug-2025 07:11

تشهد أسواق الألعاب طفرة جديدة مع ظهور دمى محشوّة مجهزة بروبوتات محادثة تعمل بالذكاء الاصطناعي، موجّهة للأطفال ابتداءً من عمر 3 سنوات، لتُطرح كبديل عن وقت الشاشة، وأحياناً كبديل عن تفاعل الأهل.

شركة Curio، التي تصف نفسها بأنّها "ورشة سحرية حيث تنبض الألعاب بالحياة"، طوّرت 3 نماذج من الدمى الناعمة، لكل منها جَيبٌ خلفي يُخفي جهازاً صوتياً متصلاً بالإنترنت، مرتبطاً بنموذج لغوي قادر على التحدّث مع الأطفال. من بين هذه الشخصيات "غْرِم"، مكعّب فروي بملامح كائن فضائي، صُمِّم ليتبادل الأحاديث واللعب مع الطفل بأسلوب مبسّط وودّي.

 

تُباع هذه الألعاب بسعر 99 دولاراً، وتشمل أيضاً "غْروك" على شكل صاروخ، و"غابّو" على شكل وحدة تحكم لألعاب الفيديو. وهي ليست وحدها في السوق، إذ ظهرت منتجات مشابهة أخرى مثل دببة محادثة وروبوتات صغيرة وحتى شخصيات خيالية، مع استعداد شركات كبرى كـ"ماتيل" للتعاون مع OpenAI لإطلاق نسخ من "باربي" و"كين" مدعومة بالذكاء الاصطناعي.

 

تقوم الفكرة على أنّ الأطفال بطبيعتهم يتحدّثون مع ألعابهم، لكنّ الجديد هنا أنّ اللعبة تردّ عليهم، فتتحوّل من مجرّد دمية صامتة إلى "رفيق محادثة". وتروّج الشركات لهذه المنتجات باعتبارها بديلاً صحياً للشاشات، إذ تتيح للأطفال التفاعل واللعب النشط بدل الجلوس أمام التلفزيون أو الأجهزة اللوحية.

 

إحدى ميزات كُوريو أنّها استعانت بالمغنية العالمية "غرايمز" لمنح شخصية "غْرِم" صوتاً وشخصية مميّزة، في محاولة لجذب الأطفال والآباء معاً. الشركة تطرح منتجاتها باعتبارها "مساعداً صغيراً" يُشجّع الأطفال على اللعب الخيالي والتعلّم العملي، بينما يُتيح للوالدَين مساحة لإنجاز أعمالهم اليومية.

 

غير أنّ هذه التجربة تثير تساؤلات. فبينما تُظهر مقاطع دعائية طفلاً يقطع الليمون في المطبخ فيما تقدّم له الدمية عبارات تشجيع، يرى منتقدون أنّ هذه الروبوتات قد تحلّ محل تفاعل الأهل، فتجعل اللعبة وكأنّها بديل عن وجودهم.

 

الأطفال أصلاً معتادون على شخصيات ذكية خيالية من الرسوم المتحرّكة مثل BMO في "وقت المغامرة"، وToodles في "بيت ميكي ماوس"، حيث يُقدَّم الذكاء الاصطناعي أو التكنولوجيا كمنقذ لكل مشكلة. انتقال هذه الشخصيات من الشاشة إلى غرفة الطفل على شكل لعبة محشوّة، يعزّز ارتباط اللعب بالوسيط التكنولوجي بدل الخيال الحرّ.

 

من الناحية التقنية، صُمِّمت روبوتات كُوريو لتفادي الموضوعات غير المناسبة مثل الجنس أو السياسة أو العنف. لكنّ تجارب بعض المهندسين أظهرت أنّ هذه الأنظمة قد تخرج عن النص أحياناً وتقدّم معلومات حساسة عن مواد خطرة كالأسلحة أو المنظفات.

 

ولزيادة الرقابة، تضمن الشركة إرسال جميع المحادثات بين الطفل والدمية إلى هاتف ولي الأمر، بحجة الحفاظ على الأمان. لكن هذا يعني أنّ ما يعتقد الطفل أنّه حديث خاص مع لعبته يخضع إلى متابعة الوالدَين، بل ويمكنهم تعديل شخصية اللعبة لإقناع الطفل بسلوكيات معيّنة أو الاهتمام بمواضيع محدّدة.

 

في النهاية، يبقى السؤال الأساسي: ماذا يحدث للطفل عندما تتحوّل دميَته الانتقالية، التي يفترض أن تساعده في بناء استقلاليته عن والدَيه، إلى أداة مراقبة ناطقة مرتبطة بهما دائماً؟

 

قد يرى بعض الآباء أنّ هذه الألعاب فرصة لتقليل وقت الشاشة وتحفيز اللعب، بينما يعتبرها آخرون خطوة جديدة لربط الطفولة أكثر فأكثر بالذكاء الاصطناعي. وبين هذا وذاك، تبقى الضحكة البسيطة التي يطلقها طفل وهو يلهو بدمية صامتة أحياناً أكثر صدقاً وأماناً من أي "محادثة" ذكية.

theme::common.loader_icon