لماذا يدفعنا الـ AI إلى تجنّب نشر صور أطفالنا؟
لماذا يدفعنا الـ AI إلى تجنّب نشر صور أطفالنا؟
Thursday, 14-Aug-2025 07:11

جعلت تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تولّد صوراً عارية مزيّفة، إلى جانب مخاوف الخصوصية الأخرى، ما يُعرف بـ «المشاركة الأبوية المفرطة» (Sharenting) أكثر خطورة بكثير ممّا كانت عليه قبل بضع سنوات فقط.

ناقش الآباء على مدى عقود المخاطر والفوائد المترتبة على نشر صور أطفالهم على الإنترنت، منذ ظهور مواقع مشاركة الصور. لكن عندما أصبحت الشبكات الاجتماعية جزءاً من نسيج المجتمع، صارت «المشاركة الأبوية» أمراً اعتيادياً. ووفقاً للدراسات، فإنّ رُبع الآباء فقط يمتنعون عن مشاركة صور أطفالهم على الإنترنت، بسبب القلق من أن يجمع المتحرّشون عبر الإنترنت أو الشركات، بياناتهم الشخصية.

 

وآباء جدد انضمّوا إلى معسكر «عدم النشر أبدًا» بسبب تهديد أحدث: التطبيقات القادرة تلقائياً على إنتاج صور عارية مزيّفة لأي شخص باستخدام وجهه عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهي التكنولوجيا التي تشغل برامج الدردشة الشهيرة.

 

ما يُسمّى بتطبيقات «التعرّي الرقمي» (Nudifier) سهلة ورخيصة الاستخدام لأي شخص، وبعضها يُقدّم حتى تجارب مجانية، وتُستخدم على نطاق واسع بين الطلاب في المدارس. وبالنسبة إلى الضحايا، فإنّ وجود صور عارية مُصنّعة لهم على الإنترنت كان صادماً ومؤذياً نفسياً تماماً كما لو كانت الصور حقيقية.

 

وعلى رغم من أنّ القانون يجرّم نشر الصور العارية المزيّفة من دون موافقة، إلّا أنّه لا يوجد ما يمنع الناس من استخدام هذه التطبيقات المنتشرة على الشبكة، فتجني عشرات المواقع منها ملايين الدولارات سنوياً.

 

يؤكّد أليكسيوس مانتزارليس، مؤسس منصة التكنولوجيا «إنديكيتر» التي حققت في 85 موقعاً من هذه النوعية: «إنّها موجودة في كل مكان، أي طفل يملك اتصالاً بالإنترنت يمكن أن يكون ضحية أو معتدِياً».

 

إلى جانب صور الذكاء الاصطناعي المزيّفة، هناك مخاطر أخرى لنشر الصور، مثل كشف المعلومات الشخصية الحساسة للشباب أمام أشخاص سيئي النوايا، قد تدفع الآباء للعزوف عن النشر.

 

صعود الصور المزيّفة العميقة (Deepfakes)

 

الصور العارية المزيّفة للأشخاص ليست أمراً جديداً. على مدى سنوات، كان يمكن لتطبيقات تحرير الصور مثل «أدوبي فوتوشوب» التلاعب بالصور لتبدو حقيقية. لكن نظراً للوقت والمهارة المطلوبَين لإنشاء صور مقنّعة، كان الضحايا غالباً من المشاهير.

 

تطبيقات التعرّي الرقمي بالذكاء الاصطناعي غيّرت المعادلة. فالمعتدي يحتاج فقط إلى زيارة أحد المواقع ورفع صورة لضحيّته. وغالباً ما تقبل هذه التطبيقات الدفع ببطاقات الائتمان أو العملات الرقمية مقابل رموز افتراضية لإنتاج الصور المزيّفة.

 

وعلى رغم من أنّ التشريع يفرض على مواقع التواصل إزالة الصور المخالفة، فإنّه لا يمنع الشركات من تقديم التطبيقات المنتجة لها. وتحظّر شركات مثل «سناب» و»تيك توك» و»ميتا» الإعلانات لهذه التطبيقات على منصاتها.

 

بمعنى آخر، لا يزال بإمكان أي شخص بسهولة استخدام تطبيق تعرٍّ رقمي على صورة طفل والاحتفاظ بها من دون علم أحد.

 

أحد المواقع قدّم تجربة مجانية لتجريد صورة واحدة، ثم طرح اشتراكاً شهرياً بقيمة 49 دولاراً مقابل 600 نقطة، أي ما يعادل 8 سنتات لكل صورة عارية مزيّفة. كما سمح بإنشاء رسوم متحرّكة إباحية.

 

يؤكّد مانتزارليس، أنّ هذه التطبيقات تجني نحو 36 مليون دولار سنوياً، استناداً إلى بيانات حركة المرور لمجموعة من المواقع.

 

وقد أصبحت تطبيقات الإباحية بالذكاء الاصطناعي مزعجة لدرجة أنّ «ميتا» رفعت دعوى قضائية في هونغ كونغ ضدّ مطوّر لعدد من هذه التطبيقات التي تحايلت على تقنيات الكشف الإعلاني لدى «ميتا» للترويج لبرمجيّاتها على «إنستغرام» و«فيسبوك».

 

وكشفت متحدّثة باسم «ميتا»، أنّ الشركة تشارك أيضاً معلومات عن التطبيقات والمواقع المخالفة مع برنامج «لانترن» التابع لتحالف التكنولوجيا، الذي يضمّ شركات مثل «غوغل» و«مايكروسوفت»، ويعمل على حماية الأطفال من الاعتداء الجنسي عبر الإنترنت.

 

لكنّ جوش غولين، المدير التنفيذي لمنظمة «فيربلاي فور كيدز» المعنية بحماية الأطفال، يرى أنّه يكفي أن يعرف الجناة اسم الموقع للوصول إليه، وطلاب المدارس يعرفون أشهر هذه المواقع: «المعلمون وإدارات المدارس الذين أتحدّث معهم يقولون إنّ هذا يحدث طوال الوقت في مدارسنا».

 

الحسابات الخاصة حل غير كامل

 

يمكن للآباء الذين يرغبون في نشر صور أطفالهم على الشبكات الاجتماعية تقليل المخاطر عبر نشرها فقط على حساب خاص لا يراه إلّا الأصدقاء والعائلة المقرّبون. لكنّ ذلك يظل محدود الفعالية، إذ إنّ معظم المعتدين على الأطفال يعرفون الضحية شخصياً، ما يعني أنّ متابعاً لك على «إنستغرام» قد يكون هو الجاني، وفقاً لسارة غاردنر، مؤسسة مبادرة «هيت» لحماية الأطفال.

 

حتى حفلة عيد ميلاد قد تكشف الكثير. بعيداً من الذكاء الاصطناعي، هناك تهديدات «تقليدية» مثل سرقة الهوية. يمكن لصور الحفل أن تكشف تاريخ ميلاد الطفل باليوم والسنة، وهي معلومة يمكن دمجها مع بيانات أخرى حصل عليها القراصنة من اختراقات إلكترونية لتنفيذ عمليات سرقة هوية، بحسب ليا بلانكيت، مؤلفة كتاب Sharenthood عن مشاركة معلومات الأطفال على الإنترنت.

 

وعلى رغم من أنّ الأمر قد يبدو غير مرجّح، فقد ارتفعت سرقة الهوية لدى القاصرين بنسبة 40% بين 2021 و2024، إذ يتعرّض نحو 1,1 مليون طفل سنوياً لسرقة هوياتهم، بحسب لجنة التجارة الفدرالية الأميركية.

theme::common.loader_icon