أخصائية تغذية
في خطوة علمية قد تُغيّر مستقبل التطعيم، كشفت دراسة حديثة نشرتها مجلة Nature Biomedical Engineering عن تقنية مبتكرة لإيصال اللقاحات عبر اللثة باستخدام خيط تنظيف الأسنان. تستغل هذه الطريقة الخصائص الفريدة لأنسجة الفم الغنية بالشعَيرات الدموية والخلايا المناعية، لتوفير وسيلة آمنة، فعّالة، وخالية من الإبر، قابلة للتطبيق حتى خارج المراكز الصحية.
تعتمد الآلية على منطقة دقيقة تُعرف بالنسيج المفصلي، حيث تلتقي اللثة بالسن. هذه المنطقة تشكّل بوابة مناعية طبيعية، تسمح بمرور المواد بسهولة إلى مجرى الدم وتحفيز المناعة المخاطية.
في التجارب، حُمِّل خَيط الأسنان بجرعات من لقاحات مختلفة، بما في ذلك البروتينات، الفيروسات المعطّلة، الجزيئات النانوية، وحتى لقاحات mRNA. وعند تمرير الخيط على اللثة، اخترقت المواد الأنسجة العميقة وحفّزت استجابة مناعية قوية، شملت حماية جهازية ومخاطية في آنٍ واحد.
النتائج
تفوّق أسلوب خيط الأسنان على التوصيل تحت اللسان واقتربت فعاليّته من الرش الأنفي. وجُرّبت التقنية باستخدام صبغات ملوّنة بدل اللقاح، فأظهرت وصول المادة إلى أنسجة اللثة بعمق لدى نحو 60% من المتطوّعين، ما يُعزّز احتمالية تطبيقها عملياً مستقبلاً. لكنّ فعالية أي لقاح، خصوصاً عبر الفم، لا تعتمد على التقنية وحدها، بل تتأثر بصحة الفم والمناعة العامة، وهنا يظهر الدور الحيَوي للتغذية.
يشكّل ميكروبيوم الفم، أي المجتمع البكتيري المقيم في اللثة، خط الدفاع الأول ضدّ الميكروبات وتحدّد جودة النظام الغذائي توازنه.
تعزّز الأنظمة الغنية بالسكّريات والكربوهيدرات المكرّرة نمو البكتيريا الضارة وتزيد الالتهابات، في حين أنّ نظاماً متوازناً غنياً بالألياف، مضادات الأكسدة، والفيتامينات، يدعم البكتيريا النافعة ويقوّي المناعة الموضعية، مهيّئاً بيئة مثالية لنجاح اللقاح.
التغذية: المفتاح لنجاح اللقاح
لتحقيق أقصى استفادة من هذه التقنية المبتكرة، لا يكفي وجود خَيط أسنان محمّل باللقاح. يجب أن يكون الجسم مهيّأً للاستجابة، وهنا يأتي دور التغذية السليمة كعامل حاسم.
تؤثر جودة طعامنا بشكل مباشر على صحة الفم ومناعتنا العامة، وهما الركيزتان الأساسيتان لنجاح أي لقاح يُعطى عن طريق الفم.
النظام الغذائي الغني بالسكر والكربوهيدرات المكرّرة يغذي البكتيريا الضارة في الفم، ممّا يؤدّي إلى إلتهابات مزمنة وتدهور صحة اللثة. هذا الالتهاب المزمن قد يُعيق وصول اللقاح أو يُقلّل من فعاليّته.
دور المغذيات الأساسية
هناك عناصر غذائية محدّدة تلعب دوراً حيَوياً في دعم صحة اللثة والجهاز المناعي:
فيتامين C: يُعزّز إنتاج الكولاجين، وهو بروتين أساسي لتقوية أنسجة اللثة، ممّا يجعلها خط دفاع أول قوياً ضدّ الميكروبات.
الزنك: يدعم نشاط الخلايا المناعية ويُقلّل الالتهاب. يتوفّر في المكسرات، البقوليات، واللحوم الخالية من الدهون.
أحماض أوميغا-3 الدهنية: الموجودة في الأسماك الدهنية (السلمون والسردين)، وكذلك في بذور الكتان والجوز، تعمل على تهدئة الالتهاب وتحسين استجابة الجسم المناعية بشكل عام.