تكتيكات الـ"بريميرليغ": أظهرة طائرة و"لافولبيانا"
تكتيكات الـ"بريميرليغ": أظهرة طائرة و"لافولبيانا"
Wednesday, 13-Aug-2025 07:10

تكتيكياً، يَعيش الدوري الإنكليزي الممتاز حالة حقيقية من التغيّر. بعد 4 مواسم متتالية من التتويج باللقب بأسلوب واضح قائم على الاستحواذ والسيطرة على المساحات، أنهى مانشستر سيتي بقيادة بيب غوارديولا الموسم الماضي ثالثاً برصيد 71 نقطة، وهو أسوأ موسم له منذ موسمه الأول 2016-2017. فيما تُوِّج ليفربول باللقب في أول موسم له بعد رحيل يورغن كلوب، إذ طوّر فريق آرني سلوت سمعة تقوم على المرونة والقدرة على التكيّف، ليحقق 25 فوزاً وخسارتَين في أول 34 مباراة، فحُسم اللقب باكراً.

بدوره، أظهر نوتنغهام فورست أنّ بإمكانك التأهل أوروبياً عبر أسلوب قديم يعتمد على الدفاع أولاً والهجمات المرتدة، بينما للموسم الثاني على التوالي هبطت الفرق الثلاثة الصاعدة مباشرة. فما الذي قد نتوقعه هذا الموسم؟

 

أظهرة طائرة، لا مقلوبة

 

في الموسم الماضي، بدا أنّ فرق النخبة الأوروبية لاحظت فجأةً أن لا ضرورة لنسخ أسلوب سيتي وتشلسي وأرسنال بدفع الظهير إلى وسط الملعب. في الواقع، حققت تلك الفرق نجاحاً أكبر مع الأظهرة الطائرة التي تنطلق خلف الجناح.

 

وفقاً لـ SkillCorner، كان ميلوش كيركِز الوحيد الذي حقق أكثر من 100 انطلاقة من الخارج (overlaps) وأكثر من 100 انطلاقة من الداخل (underlaps)، ممّا انسجم مع أسلوب بورنموث المباشر في الاستحواذ. ومع انتقاله إلى ليفربول هذا الصيف، فإنّه يمثل نسخة شابة من آندي روبرتسون.

 

ويشرح أندوني إراولا، مدرب بورنموث، عن كيركِز أنّه «لاعب يصل كثيراً إلى الثلث الأخير بالكرة تحت السيطرة، ويُقدِّم عرضيات جيدة بفضل لياقته البدنية». وبالمثل، فإنّ وصول جيريمي فريمبونغ من باير ليفركوزن، كجناح-ظهير يمنح سلوت القدرة على اللعب بأقصى عرض ممكن وأظهرة تتجاوز الكرة على الجانبَين.

 

في نيوكاسل، كان الثنائي لويس هال وتينو ليفرامنتو من الأكثر استخداماً للانطلاقات الداخلية، فيما قدّم أنطوني روبنسون 10 تمريرات حاسمة لفولهام، مع أكبر عدد عرضيات في الدوري، نتيجة تقدّمه المستمرّ من الظهير الأيسر. ومن الأسماء الجديرة بالذكر أيضاً دانييل مونيوز (كريستال بالاس)، آرون وان-بيساكا (وست هام يونايتد)، مايكل كايودي (برينتفورد) ولوكاس ديني (أستون فيلا).

 

تشير بيانات SkillCorner إلى أنّ معدّل Overlaps الأظهرة تراجع بنسبة تقارب 14% الموسم الماضي مقارنة بموسم 2018-2019، بينما ارتفعت الـUnderlaps بأكثر من الثلث. قد يبدو هذا غريباً مع انتشار الأجنحة المعكوسة، التي تلعب على الجهة المعاكسة لقدمها المهيمنة وتميل للدخول إلى العمق، وهو ما يفترض أن يناسب الانطلاقات الخارجية الداعمة.

 

لكن كثيراً من المدربين يُريدون من أجنحتهم البدء من مواقع عالية وعريضة على أي حال، وبجذبهم لأظهرة المنافس لمواجهة فردية، يمكن لانطلاقة داخلية أن تفتح الدفاع.

 

«لافولبيانا»: هبوط المحور إلى الخلف

 

تتغيّر معارك الوسط. نراها بوضوح في ركلات المرمى، حين تبني الفرق اللعب بـ6 لاعبين بالقرب من مرماها، و4 آخرين على خط منتصف الملعب، ما يترك فجوة في الوسط لأنّ المنافسين يضغطون رجلاً لرجل.

 

في الاستحواذ المستقر، يزداد استخدام دفاعات 4-4-2 المتوسطة للضغط رجلاً لرجل في الوسط، ما يجعل التمرير القصير عبر العمق محفوفاً بالمخاطر (إلّا إذا كان لديك محور بقدرة رودري أو رايان غرافنبرخ على مقاومة الضغط).

 

وفقاً لـ Footovision، انخفضت نسبة التمريرات الكاسرة لخطوط الضغط والموجّهة مركزياً في مرحلة البناء بمقدار 5 نقاط مئوية بين الموسمَين الأخيرَين.

 

توقعوا رؤية المزيد من أسلوب «لافولبيانا» (المسمّى على المدرب الأرجنتيني ريكاردو لا فولبي)، إذ يهبط لاعب الوسط المركزي بين قلبَي الدفاع ليُمرّر كرات طويلة تكسر الخطوط.

 

يلعب ساندرو تونالي (نيوكاسل) هذا الدور، ما يسمح للظهير الأيمن كيران تريبيير بالتقدّم وخلق موقف 2 ضدّ 1. وإذا كان هناك لاعب مثالي لهذا الدور، فهو يوري تيليمانس (أستون فيلا)، صاحب المركز التاسع في الدوريات الـ5 الكبرى في التمريرات البينية (24).

 

مع إصابة رودري، استخدم برناردو سيلفا الخطة عند الحاجة ضدّ دفاعات متوسطة عنيدة، وكذلك فعل ماتيو كوفاتشيتش مع غوارديولا. المدرّبون يُقدّرون هذا التعديل في البناء ليس فقط لفتح مسارات التمرير، بل لأنّه يمنح أيضاً غطاءً إضافياً ضدّ الهجمات المرتدّة.

 

العودة إلى الأساسيات في الكرات الثابتة

 

من المفارقات أنّه على رغم من تركيز الأندية المتزايد على الكرات الثابتة، فإنّ التكتيكات تميل إلى العودة لأساليب الماضي.

 

في الموسم الماضي، 60% من الركلات الركنية كانت عرضيات داخلية، أكثر بـ41% في 2018-2019. بقِيَت الركنيات القصيرة مستقرّة نسبياً (حوالى واحدة من كل 5) بينما تراجعت الركنيات الخارجية بشكل كبير.

 

نسخت الفرق إلى حدّ كبير أسلوبَي أرسنال وأستون فيلا (أوائل من وظّف مدربين متخصّصين بالكرات الثابتة)، إذ يمتلئ الصندوق الصغير وتُسقَط الكرة على الحارس المنافس. كما سبّب إيفرتون مشاكل للفرق بهذه الطريقة تحت قيادة شون دايش.

 

ويؤكّد أوليفر غلاسنر، مدرب كريستال بالاس، أنّ «الأمر مميّز في إنكلترا لأنّك تستطيع الحجز والدفع والعرقلة من دون صافرة»، ما يُفسّر تفضيل الفرق للعرضيات الداخلية.

 

بالمثل، تزداد الكرات الطويلة من ضربة البداية، وكذلك تزداد الرميات الطويلة. ففي موسم 2020-2021، كان هناك 279 رمية إلى منطقة الجزاء (و3 أهداف فقط)، أمّا الموسم الماضي فبلغت 501 رمية و20 هدفاً.

 

وكان برينتفورد بقيادة توماس فرانك، كالعاد، في الصدارة بـ 103 رميات داخل المنطقة و6 أهداف، ومع انتقال فرانك لتدريب توتنهام، قد يزداد انتشار هذه الخطة إذا واصل استخدامها.

 

العودة المحتملة لطريقة 3-4-2-1

 

كان تشلسي 2016-2017 آخر مَن فاز بالدوري بأسلوب 3-4-3. استخدم سيتي الشكل نفسه في الهجوم موسم 2022-2023 عندما كان جون ستونز يتقدّم من قلب الدفاع إلى الوسط، لكن عموماً سيطر شكل 4-3-3 على فرق القمة.

 

غير أنّ 3-4-2-1 بدأ في الظهور مجدّداً. فهو الخطة الأساسية لروبن أموريم في مانشستر يونايتد، وغلاسنر في بالاس، بعد نجاحهما بها في سبورتنغ لشبونة وآينتراخت فرانكفورت. ظهر الشكل نفسه مع وولفرهامبتون بقيادة فيتور بيريرا. عند وصوله، كان الفريق في المركز الـ19 برصيد 9 نقاط من 16 مباراة. وبعد اعتماده حصد 33 نقطة من 22 مباراة وأنهى الموسم في المركز الـ16.

 

قد يكون ذلك نموذجاً تحتذي به الفرق الصاعدة التي تحتاج قاعدة دفاعية قوية، خصوصاً أنّ كثيراً من الفرق تدافع بـ4 لاعبين، ممّا يجعل أسلوب الأظهرة-الأجنحة وسيلة فعّالة لزيادة الضغط الهجومي.

theme::common.loader_icon