إذا بدا لك هذا الموضوع باعثاً على الجدّية، فهو كذلك. يطرح هذا الفيلم الوثائقي الآسر (المصوَّر بعدسة بن برنارد) سؤالاً عمّا يمكن أن يتعلّمه البشر من العصور التي كان فيها الحجر، السلف الطبيعي للخرسانة، مادة البناء المفضلة.

عند افتتاح الفيلم، تسحب الكاميرا الطائرة اللقطة إلى الوراء، لتكشف عن عدد من مباني الشقق السكنية في أوكرانيا وقد تعرّضت إلى القصف (لافتة على أحدها تقول: «اطردوا روسيا من الأمم المتحدة»).

ثم ينتقل الفيلم إلى شخصية وحيدة تتأمّل كتلة حجرية ضخمة في مقلع بلبنان.

إنّها مفارقة بصرية تعبّر عن الطموح الفلسفي العريض للفيلم، لكنّها تكشف أيضاً عن برودة في المقاربة.

يحصل كلب شارد وسلحفاة سائبة على ظهور عابر في الفيلم. أمّا سكان المدن المدمّرة في أوكرانيا وتركيا التي دمّرها الزلزال، فلا يظهرون.

يتبيّن أنّ الرجل السبعيني الذي يتأمّل الكتلة الحجرية في لبنان هو المعماري الإيطالي ميكيلي دي لوكي، وهو الموضوع الثاني للفيلم. أو ربما، وبشكل أدق، هو المستجيب فيه.

في فيلم قليل الكلام، يجري بينه وبين كوساكوفسكي حوار غير متوقع قرب النهاية حول الدور الذي تلعبه الخرسانة (وبالتحديد المعماريون) في إلتهام موارد الكوكب وتشويه مدنه. طوال الفيلم، يُزاوج كوساكوفسكي بين تأمّلاته البصرية ومشاهد تُظهر دي لوكي وهو يُشرف على بناء دائرة من الحجارة في حديقته. ويَظهر أيضاً عبد النبي العافي، حارس مقلع بعلبك في لبنان، وكذلك الفنان التركيبي نيك ستور الذي يعمل بالحجر.

Architecton جميل بقدر ما هو عميق وجاد. الموسيقى التصويرية (من تأليف إيفغيني غالبرين) وتصميم الصوت (من إعداد ألكسندر دوداريف) يسهمان بقوة في رفع الحمل الثقيل للفيلم.